محمد عبد الأمير عبد
يعد التعليم أحد أوجه التقدم الحضاري في أي بلد من البلدان،ويمكننا القول بأن سبب نهضة ألأمم وتطورها هو وجود بيئة تعليمية صحيحة تمكنت من أن تنتج مجتمعا مثقفا وواعيا بدرجة كبيرة جدا.
وفي الآونة الأخيرة أثيرت قضية المناهج المدرسية بشكل كبير جدا ، خاصة في ظل مدى مواكبتها الواقع العلمي والتقدم التكنولوجي والحضاري في العالم.
وهنا في ما بتعلق بالمناهج المدرسية فإنني أجد بأنها مازالت مكبلة بقيود وفلسفة النظام السابق من حيث تصميمها وأهدافها والغاية منها .
وهنا أشير إلى مادة التربية الإسلامية التي تُخص لها حصص أكثر من حصص الفيزياء والكيمياء ، وهذا بسبب تأثيرات ما يسمى بـ( الحملة الإيمانية ) التي أطلقها النظام المباد زيفا وبهتانا من أجل أن يضفي صفة ( الإيمان المفقود) على هذا النظام، ولهذا نجد بأن على واضعي ومصممي المناهج الانتباه لهذه النقطة التي تشكل اليوم نقطة ضعف وليست قوة خاصة إذا ما عرفنا بأن مواد التربية الإسلامية يمكن أن تكون حاضرة في مادة القراءة للدراسة الابتدائية ومادة المطالعة للمراحل الأخرى من جهة ،ومن جهة ثانية فإن من غير المعقول ولا المقبول أن تكون الآيات والسور القرآنية للمرحلة الابتدائية من الصعوبة أن يحفظها تلميذ الابتدائية لكونها طويلة أولا ، وتحتاج إلى تفسير للكثير من الكلمات التي هي خارج قدرة استيعاب الطفل في هذه المرحلة .
وهذا ما يجعلنا أن نقول بأن المطلوب في المرحلة الابتدائية هو تعليم التلاميذ قصار السور التي من شأنها أن تقوده لتعلم الصلاة ، واعتبار مادة التربية الإسلامية مادة محببة للتلاميذ وليست سببا في الرسوب ، أي أنها غير خاضعة للاختبار التحريري ولا تكون جزءا من المقرر خاصة في الامتحان الوزاري ، لأن الغاية من هذا الدرس تهذيبي أكثر مما هو تقويمي، وأهدافه إنسانية إرشادية وروحية، وإن تطبيق ما نقوله سيجعل درس التربية الإسلامية أكثر تحببا وقبولا لدى التلاميذ، وهذا يتطلب بالتأكيد إعادة النظر بالمنهج الموجود حاليا وصياغته وفق أهداف جديدة ومفاهيم جديدة يمكننا من خلالها مغادرة فلسفة النظام المباد وغايته من درس التربية الإسلامية.
وعلينا هنا أن نؤكد في محور آخر لفت انتباهنا بصدد ماهية البرامج والمناهج الدراسية المطلوبة في مدارسنا ، و نقول بأن تصميم البرامج التعليمية ينبع من وجود فلسفة تربوية للدولة، وبما أنه -كما يعرف الجميع -بأن العراق دولة ديمقراطية اتحادية ذات نظام فيدرالي فإن هذا يعني بأن النظام السياسي والإداري في العراق يتبع اللامركزية ، وهذا يجعلنا نستنتج بأن النظام التعليمي هو الآخر يجب أن تكون فلسفته قائمة على هذا المبدأ ،أي لا حاجة لمناهج مركزية في عموم العراق بحكم التغيرات الجغرافية من منطقة لأخرى وطبيعة السكان القومية من جهة ثانية واعتبارات عديدة أخرى،مع التأكيد أن الأهداف المطلوب تحقيقها تكون موحدة في عموم العراق مع الأخذ بنظر الاعتبار بأن آليات توصليها تختلف من منطقة لأخرى، وهذا ما يسمى في أسس التربية والتعليم الحديثة بالمناهج الملائمة للواقع وليست المناهج العمومية التي تنظم وفق رؤية واحدة فقط.