ليس من حق المواطن أن يشكو من سوء الأوضاع والخدمات، ولا يملك ان ينتقد أوجه الخلل في عمل بعض الجهات الحكومية.. فما دام أولو الأمر يسمحون بإقامة الشعائر الحسينية.. وماداموا شيعة فهذا وحده انجاز لم نكن نحلم به.
هذا الكلام ليس لي ولكنه جزء من خطبة لرجل الدين صلاح الطفيلي متداولة بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"، والتي لم يكتف بها بهذه الجملة بل اصدر فتوى تجيز انتخاب أياً كان وكما قال بالعامية "على سكاطتهم" ماداموا ينتمون لنفس المذهب..
إذن المطلوب منا ان نتغاضى عن الفساد وغياب الأمن والخدمات والتزوير والانتهازية ونرضى بما مقسوم، فهو حسب رأي الشيخ الطفيلي افضل واحسن من المجهول الذي لم يسمه.
أرجو قبل أن ندخل في صلب الموضوع ألا يقول البعض لماذا تهولون الأمور، وتريدون ان تثيروا النعرات الطائفية ؟ وسأقول للمعترضين نحن لسنا ضد أي معتقد إذا كان يحترم خيارات الآخر، ونحن مع إقامة الشعائر للجميع لأنها جزء من تاريخ العراق وثقافته.. لكن ان يستخدم المنبر الحسيني للترويج للفاشلين والانتهازيين والوصوليين والسراق، فاعتقد ان هذا أمر مرفوض، والاهم انه لا يجوز الترويج باسم ثورة الحسين العظيمة لسياسيين اثبتوا فشلهم، لان ثورة الإمام الحسين دافعت عن الحق والعدالة.. الم يقل لنا إمام الأحرار اذكروني لتنهضوا باسم الحياة، لتأخذوا ثأري من الطغاة كي تنتصر الحياة.. فلماذا يريد البعض منا وباسم الدين أن نسكت على الخديعة ونرتضي بالذل، أن نرى المآسي ونغمض أعيننا عنها، لماذا ينسون أن سيد الشهداء علمنا أن الحياة ما هي إلا كلمة، ودين المرء كلمة، لماذا يريدون أن تتحول كلمات الناس وصرخاتهم إلى قبور لتضيع بين سارق ومرتش، ليختلط المزيف بالشريف، وليصبح التزوير وسرقة أحلام الناس ومستقبلهم من آيات النجاح.
إن أي عاقل يدرك جيدا أن الدفاع عن الحكومة ومجالس المحافظات، يدخل في باب النصب والتدليس السياسي، وإن استدعاء الدين وتسخيره لخدمة الطائفية لعبة خطيرة أقرب إلى اللعب بالنار، خاصة إذا كان البعض يصر على تبرير اخطاء الحكومة تجاه الشعب وتبرير القرارات الجائرة والتعسفية التي تتخذها بعض مجالس المحافظات والعديد من الوزارات.
لماذا يريد توظيف الدين الحنيف عنوة لتبرير القهر السياسي وغياب الخدمات ونراهم يستحضرون الدين في الحديث عن مخططات بعض الساسة لتحويل مدن العراق إلى ولايات تفتقر إلى ابسط شروط الحياة الكريمة، فيما يستبعدون الآيات الكريمة التي تجعل الجهاد ضد الظلم وسرقة أموال اليتامى والمساكين، واستغلال السلطة للمنافع الشخصية فرضا على الجميع، أين يقف الدين من نائب يحصل على مخصصات سكن تبلغ ثلاثة ملايين دينار شهريا، فيما تعوض عائلة ضحايا الارهاب بمبلغ مقطوع قدره ثلاثة ملايين وسبعمائة وخمسون ألف دينار، سيقف الدين حتما إلى جانب الضحايا الابرياء الذين طالتهم يد الإرهاب، هل تصدقون أن مخصصات حماية عضو مجلس المحافظة لمدة سنة تعادل حياة أكثر من ثلاثين عراقيا قدموا زهرة حياتهم في سبيل مستقبل الوطن؟
السيد الطفيلي ان الاعتزاز الحقيقي بالإمام الحسين يفرض أن نقرأ للناس جيدا سيرة هذا الرجل العظيم، ونتوقف عند قصته مع الحق والعدل، لقد أدرك الحسين منذ أول سهم أطلق من معسكر يزيد أن هذه الأرض إنما أعدت للباحثين عن العدل واليقين، ولم تعد للمزورين وناهبي قوت الفقراء، اليوم يستعيد البعض ذكرى الإمام دون ان يدرك ماذا تعني ثورته وأظنهم لم يقرأوا يوما ما قاله الحسين حين رفض ان يتولى أمر العباد رجل مثل يزيد: "من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله".
ان الخطر الذي يواجهنا اليوم هو الفتاوى التي يسعى أصحابها إلى قتل الروح الوطنية في النفوس، الخطر الحقيقي من الذين يضعون الاعتبارات الطائفية والحزبية فوق المصالح الوطنية.
جميع التعليقات 1
حامد المختار
تحية طيبة اضافة لما ذكرتموه نقول لهذا الطفيلي: انك لم تفهم ثورة الحسين (ع)الذي خرج ثائرا ضد الفاسد والمفسدين ...فكيف تقبل ان تنتخب الناس الشيعي على(سكاطته)فهل هذا يرضي الحسين ...يا من تدعي حب الحسين ...الا سحقا للطائفية ومن يروج لها .