بالرغم من اهتمامه الكبير بعالم الموسيقى لاسيما النقد الموسيقي فإنه أظهر لنا تجريدياته التشكيلية في معرض يشدك إليه بجماليته . وكانت لوحاته تتكلم موسيقى بتناغم هارموني قلما تجده لدى بقية التجريديين .
حميد ياسين فنان تشكيلي يرسم التجريد بنكهة عراقية يستمد أصولها من وحي التراث العراقي أي بمعنى مدرسة عراقية في التجريد – على حد قوله - وليس تجريبيا متأثرا بمدارس الغرب في هذا المجال . وهنا تبلغ قوة أسلوب هذا الفنان المخضرم وهو يقف أمام لوحاته بجبروت الفن على الرغم من تعب السنين وكبر سنه اللذين أخذا منه الكثير من الصحة والعافية ، لكنها لم تستطع أن تنال من شموخه وقدرته الهائلة على تحريك الفرشاة بالاتجاه الذي يسعى إليه لخلق روح جمالية في فنه الجميل . وهذا ليس يسيرا للجميع بل تجده لدى المبدع حسب .
كما نجد إصراره الكبير على التمسك بالتجريدية كأسلوب عمل بالرغم من أن هناك من يقول إن التمسك بأسلوب ما لايعد تطورا لدى الفنان وعليه أن يجرب الكثير من الأساليب ، لكن حميدا هنا يؤكد العكس من خلال تطوير القيم الجمالية في رسوماته ... فحميد قبل12 عاما حين قدم معرضه السابع ( التجريدي أيضا ) لم يكن هو حميد ياسين عام 2012 إذ أغنى تجربته وطور أسلوب الرسم وقدم موضوعات عراقية لها علاقة بالمرحلة الجديدة ، تلك المرحلة التي عبرها العراقيون بصلابة رغم فقدانهم الكثير من صفاتهم !
وقد حاول حميد ياسين أن يغرب الواقع بالرغم من انه أرخ لنفسه في الفن, ولم يفلت من عشقه القديم ( روح التراث ) وقد جاءت لوحاته بروح شاعرية وموسيقية تبعث الدفء لناظريها بإطار جمالي ولوني رشيق .
حميد ياسين قدم لمحة فنية جديدة في طريق الفن التشكيلي ، وبالرغم من ولعه بالموسيقى أكد انه من خيرة الملونين العراقيين . لان علاقته بالألوان لها فلسفة خاصة تتناغم مع تذوقه الموسيقي والجمالي .
بدأ حميد ياسين الرسم في الستينات برؤية توازي فكرة التجديد والتخلي عن الأشياء التقليدية ، ولم يتخل قط عن فكرة كون الفن رسالة حضارية تعبر عن البراءة والقوة للبرهنة على أن الفن من أكثر خطابات الإنسان ضرورة .
أخيرا لابد من التوقف عند ميزة أخرى وهي عدم وجود عناوين لا للمعرض ولا للوحات ، وهي حالة نادرة بين الفنانين التشكيليين وترك للمتلقي اختيار العنوان والغوص في أعماق اللوحة لاكتشاف القيمة الجمالية لها ،وبالتالي للفن التشكيلي عموماُ . وهي حالة ترويض لأجل المشاركة في اختيار العنوان المناسب للوحة .