TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فرهدونا

فرهدونا

نشر في: 28 ديسمبر, 2012: 08:00 م

في تظاهرات الخامس والعشرين من شباط  العام الماضي رفع المحتجون شعار " نادمون " تعبيرا  عن ندمهم على المشاركة في الانتخابات  التشريعية ، وخيبتهم من أداء ممثلي الشعب في مجلس النواب ، المشلول حاليا من أداء دوره الرقابي والتشريعي ، نتيجة خضوعه  لهيمنة الكتل النيابية ، ونشاطه اقتصر على  تزويد وسائل الإعلام بتصريحات سياسية ،  واتهامات متبادلة تكشف عن  انقسام واضح بين القادة السياسيين ،  مع إصرار على  تمسك كل طرف بموقفه  بوصفه المعبر الوحيد عن الإرادة الوطنية.

الاوساط المعنية بمراقبة المشهد من إعلاميين ومراقبين وناشطين مدنيين يستبعدون حصول تحول نوعي في حياة العراقيين في ظل غياب اي توجه حقيقي  لتحديد هوية النظام، والشروع بخطوات بناء دولة المؤسسات، وهذه الآراء صدرت عن منظمات دولية مهمتها مراقبة خطوات ترسيخ وتوطيد الديمقراطية بعد الإطاحة بالنظام الديكتاتوري.

"نادمون"  صرخة انطلقت  لتشجيع أصحاب القرار على القيام بإجراءات  إصلاحية، سمعها  بعض المسؤولين، وعزوا أسباب تعطيلها للخلاف السياسي،  فبرزت دعوات لتشكيل حكومة أغلبية سياسية وحل البرلمان والذهاب لانتخابات مبكرة  ، وأخرى حاولت سحب الثقة عن رئيس مجلس الوزراء ،  ولم ينتبه احد لمطالب  "النادمين" وهي تتلخص بتحسين الاداء الحكومي ، وتشريع قوانين من شأنها ان تحقق للعراقيين  امالهم في الحصول على تيار كهربائي مستمر، وادارة مهنية صحيحة للملف الامني ، ومكافحة الفساد واحالة المفسدين من المسؤولين للقضاء بعيدا عن  التأثيرات السياسية والحزبية والكتلوية .

في العام 2009 أعلنت الحكومة انه سيكون عام القضاء على الفساد ، وجاءت تقارير المنظمات الدولية بان العراق يحتل مراتب متقدمة في قائمة الدول الأكثر فسادا في العام ، لتنسف الشعار الرسمي ، وساد انطباع في الشارع العراقي بان الفساد لا يقل خطورة عن الإرهاب، تقف وراءه جهات متنفذة  ، وشخصيات  تمتلك ارصدة مالية ضخمة في بنوك دول الجوار . واحد هؤلاء اعترف بلقاء متلفز ، بانه رجل اعمال منذ عشرات السنين ،  وله مصالح تجارية في اكثر من دولة خليجية ، وأمواله حلال، مثل اية دجاجة مذبوحة على الطريقة الإسلامية .

في منتصف  عقد الستينيات من القرن الماضي أطلق العراقيون تسمية ابو فرهود على مسؤول كبير جدا في الحكومة ، والرجل لم يكن يمتلك غير اسهم قليلة في شركة مدينة الألعاب، وتقبل  المشاكسة الشعبية ، على مضض ، لقناعته بانه لم " يفرهد" المال العام ، وبتغيير النظام بانقلاب عسكري ، لم تصدر الجهات الرسمية وقتذاك ما يثبت صحة ما أشيع عنه من اتهامات، وظهر انه بريء وكان ضحية شائعات مغرضة.

شعار "فرهدونا" سيكون هو الآخر صوت المحتجين ، لان ملفات الفساد المعلنة  دخلت في مطبخ التسويات والتسويف ، وما قيل عن التلويح بكشفها وفضح المتورطين فيها ، مجرد كلام يقال في مجلس النواب ، يأخذ طريقه إلى وسائل الاعلام وسرعان ما يتلاشى ويتبدد بجهود من فرهدونا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. فاروق الشمري

    عزيزي علاء ان تسمية ابو فرهود اطلقت على المرحوم طاهر يحيى!!!! والذي اعتقل في معتقل قصر النهايه بعد انقلاب 17 تموز....واهين وعذب كثيرا ثم اطلق سراحه بعد فترة... كان احد معارف صدام في زيارة لطاهر يحيى في داره.. استفسر صدام منه عن حال طاهر يحيى...فاخب

  2. فاروق الشمري

    عزيزي علاء ان تسمية ابو فرهود اطلقت على المرحوم طاهر يحيى!!!! والذي اعتقل في معتقل قصر النهايه بعد انقلاب 17 تموز....واهين وعذب كثيرا ثم اطلق سراحه بعد فترة... كان احد معارف صدام في زيارة لطاهر يحيى في داره.. استفسر صدام منه عن حال طاهر يحيى...فاخب

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram