لم أفهم السيد نوري المالكي وهو يقول إن "جزءاً من مشكلتنا الحالية أن البعض لا يريد أن يعترف ويتعايش مع الآخر، الأمم لن تنهض إلا بحق الاعتراف بحق الآخر كشريك حقيقي في كل شبر وقطرة ماء أو نفط وفي كل ذرة تراب ونسمة هواء".. هل فعلا يعتقد المالكي ان الحوار هو المنطق الذي يجب ان تبنى عليه الدولة؟.
ربما سيغضب مني مقربوه عندما اقول إن طروحات رئيس الوزراء ومواقفه تتمتع بمساحة شاسعة من الضباب الكثيف، الأمر الذي يوقع متابعي "حالة المالكي" في حيرة من أمرهم عندما يتحدث، حيث يتداخل الرأي الشخصي مع التحزب الضيق مع رسائل يراد نقلها للشركاء في العملية السياسية، وسيغضبون اكثر حين اقول ان المالكي في كل احاديثه ومواقفه يبدو انفعاليا ومتوترا .
ولأنني مثل ملايين العراقيين اتابع يوميا خطب السيد المالكي ومؤتمراته الصحفية التي ازدادت وتيرتها في الآونة الأخيرة، وهي مؤتمرات يسعى القائمون عليها إلى استخدام كل الاسلحة المحرمة في مواجهة الآخرين.
ولنعد الى جردة حساب مع رئيس الوزراء ، فهذا هو الاهم هنا .. والتي ستأتي على شكل سؤال يشغل بال العراقيين جميعا وهم يسمعون المالكي يقول : " لا احد على الإطلاق في العراق لديه تمييز على الآخر بذرة تراب إلا وفق القواعد والضوابط والسلوك والقانون" طبعا ان احدا منا لايملك حق مناقضة رئيس الحكومة، والنيل من ارادة بناء بلد ديمقراطي يعيش فيه الجميع متساوين في الحقوق والواجبات، ولاسيما ان الدلائل هي ما نسمعه كل يوم من اناشيد تتغنى بالمصالحة والدعوة للحوار، لاتعدو كونها مسرحية كوميدية تتحول في بعض المناسبات إلى تراجيديا تدمع لها كل العيون، فنحن نعرف أن ما يقوله السيد المالكي في الغرف المغلقة يختلف كثيرا عما يقوله في الهواء الطلق من كلمات معسولة للضحك على عقول البسطاء ، فما تراه الناس امامها من سلوكيات يقول إننا ابعد ما نكون عن مفهوم الحوار، فلا يزال السيد المالكي ومعه رهط من المقربين يعتقدون أن كل الذين يخالفونهم الرأي هم خونة ومن بقايا النظام السابق ويجب معاقبتهم، ولعل مراجعة بسيطة للخطوات التي اتخذها المالكي ضد شركائه في الحكم تثبت ان الرجل ومنذ مدة لم يعد يسمع سوى اصوات مقربيه، وهي تعيد عليه روايات وحكايات عن الخونة ومنفذي الاجندات الخارجية ، وعن التهديد الذي يواجهه كرسي العرش.
يدرك المالكي جيدا ان الناس كانت تأمل ببناء مجتمع يتسع للجميع ، لكن الواقع يقول ان البلاد لم تعد تتسع الا لاصحاب الصوت العالي وللسراق وللانتهازيين، ولمن ينالون الحضوة عند مكتب رئيس الوزراء ، وهذا ما جعل منطق الإقصاء أو الإلغاء يسري في الحياة السياسية التي لم تعد تحمل من السياسة سوى اسمها فقط، حيث تحولت الى وكالة تجارية تدار بمنطق الغنائم، وان المعارك التي يخوضها المالكي ومقربوه ليست على بناء نظام سياسي حقيقي ، وانما على من يحصل على امتيازات الصفقة ومنافعها.. واصبحت السياسة عند البعض تختزل في منصب او مقاولات او مقعد في البرلمان.
ان ترديد الشعارات والهتافات لايطمئن الاخرين، ذلك أن منطق الميكيافلية يتحكم في كل مواقف رئيس الوزراء، ناهيك عن العتامة التي تخيم على معظم المواقف والضبابية التي اجتاحت معظم خطواته في الحكم .
السيد المالكي إن الحوار الحقيقي هو في إشاعة مفهوم المواطنة ومحاربة الفساد وحكم القانون العادل على الجميع، وبغير ذلك فخطبكم وشعاراتكم لن تجلب لنا إلا الكوارث التي ستستمر حتى لو عقدتم مليون جلسة حوار مع رؤساء ووجهاء العشائر، فمن غير المعقول أن تمد الحكومة يدها لمصالحة سراق المال العام، ومثيري الفتن الطائفية، بينما هي تغل يدها أمام مكونات رئيسية من الشعب وتعاملهم كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
ولهذا كله أرجو من السيد المالكي أن يحسم موقفه ويعلنه بكل وضوح، هل هو مع شراكة حقيقية، ام انه يسعى لبناء نظام الحزب الواحد والصوت الواحد والزعيم الواحد؟ والأهم من كل ذلك أن يكون مستعدا لسداد ثمن إقدامه على تهميش الاخرين واقصائهم ، وهو ثمن سيكون باهظا حتماً.
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
هل عندك شك ان المالكي لايسعى الى الدكتاتورية ماهذا السؤال ياخي واضح من كلامك انك تريد انتتراجع من موقفك تجاه المالكي شكرا لك
ابو سجاد
هل عندك شك ان المالكي لايسعى الى الدكتاتورية ماهذا السؤال ياخي واضح من كلامك انك تريد انتتراجع من موقفك تجاه المالكي شكرا لك