TOP

جريدة المدى > اقتصاد > اقتصاديون وأكاديميون: 2012.. زيادة في معدلات الفقر ومشاريع متلكئة وفقدان لثوابت الإصلاح الاقتصادي

اقتصاديون وأكاديميون: 2012.. زيادة في معدلات الفقر ومشاريع متلكئة وفقدان لثوابت الإصلاح الاقتصادي

نشر في: 30 ديسمبر, 2012: 08:00 م

 

شهد العام 2012 ونحن نشارف على نهايته جملة من المتغيرات الاقتصادية التي ينبغي أن نقف عندها ونتمعن فيها ونسلط الضوء عليها ، المدى استطلعت آراء بعض الخبراء والاقتصاديين والأكاديميين بخصوص بماذا تميز العام 2012 من انجازات وإخفاقات وابرز المشكلات التي واجهها الاقتصاد العراقي والتوقعات التي تحملها السنة الجديدة 2013. حيث اجمع الخبراء في أحاديثهم على أن الخط البياني للتنمية الاقتصادية في البلاد ما يزال يراوح في مكانه على الرغم من توفر العوائد المادية فالبطالة والفقر وأزمة السكن وقلة الخدمات ازدادت سوءاً، منتقدين في الوقت نفسه الأسلوب المتبع في التعامل مع أزمة البنك المركزي العراقي كونه مؤسسة مالية حساسة، وان اتهام موظفيه بالفساد شيء يسيء لسمعة العراق الدولية .

موازنة بـ 138 تريليون دينار و8 ملايين تحت خط الفقر

قال  التدريسي في جامعة النهرين الدكتور حيدر الخالدي "ان ميزانية العراق للسنة 2013 تزيد على 138 تريليون دينار عراقي، اضافة الى المبالغ المدورة من موازنات السنوات السابقة، الا ان الحكومة لم تستطع استغلالها لتحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة ، وكذلك نية الحكومة العراقية اقتراض مبلغ 900 مليون دولار من البنك الدولي، في ظل الارتفاع المتواصل لإيرادات النفط خلال الفترة الأخيرة،  معتمدة على سعر البرميل النفط الواحد والبالغ 90 دولارا  من خلال تصدير 2 مليون و900 الف برميل يوميا ، الا انها برغم ذلك لم تنجح في خفض عدد الفقراء العراقيين الذين وصل عددهم إلى 8 ملايين مواطن.

وأضاف " ان الحكومة  تتبرع  إلى دول أخرى بمبالغ تصل إلى أكثر من 30 مليون دولار خلال هذه السنة من واردات موازنة العراق الاتحادية  ، وفي الوقت ذاته هناك كما أسلفنا ثمانية ملايين عراقي يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم ، في حين أن قرابة 7 ملايين شخص لا يعرفون القراءة والكتابة ، وتلك القروض الجديدة لن تختلف عن غيرها من القروض السابقة التي بلغت بنحو أكثر من 5 مليارات دولار،  وهو يحمل دلالات بكون العراق لا يزال يعاني من فساد مالي وإداري كبير يعيق أية عملية تنموية فيه.

واشار الى أن من اهم المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها العراق لا تتمثل في ضعف البنى التحتية والفقر فقط ، وإنما تتجسد في سوء توزيع الموارد وضعف الكفاءات والإشراف على الخطط الاقتصادية للدولة العراقية، وفي الوقت ذاته لا يزال الاقتصاد الوطني يسير في محيط الاقتصاد المركزي الذي تسيطر عليه الدولة، وان أزمة البنك المركزي الأخيرة ما هي إلا إحدى علامات توجه العراق نحو مزيد من المركزية في وقت البلاد تريد اللحاق بركب الاقتصاد الحر.

* أزمة البنك المركزي

اعتبر الخبير الاقتصادي ماجد الصوري الأسلوب الذي اتبعته الحكومة العراقية خلال عام 2012 بحق الموظفين في البنك المركزي أساء لسمعة البلاد، معتبراً إياه اهانة بحق المثقفين العراقيين.

وقال الصوري:"إن البنك المركزي مؤسسة حساسة وقضية وجود فساد مالي في هذه المؤسسة  شيء يسيء  لسمعة العراق الخارجية".

وبخصوص التغيرات التي طرأت على واقع الاقتصاد العراقي خلال العام 2012 أوضح الصوري "لم يحدث تغير جذري بخصوص التنمية الاقتصادية في البلاد على الرغم من حدوث تنامٍ كبير في عائدات النفط". مبيناً ان المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها المواطن لا تزال متجذرة ولا يوجد توجه جاد لحل الأزمات المتفاقمة كالفقر والبطالة وأزمة السكن.

وأضاف الصوري :"يجب أن تربط الموازنة بمؤشرات الاقتصاد الكلي فالأهداف الاقتصادية تعد مغيبة في موازنة 2013 مطالباً بتخصيص من 3 الى 5 مليارات دولار لإنشاء مصرف تنموي يدعم عملية التنمية الاقتصادية في البلاد .

برامج طموحة وتلكؤ في المشاريع

قال الخبير الاقتصادي باسم جميل انطون: "هنالك برامج طموحة خلال عام 2012، سواء في الموازنة أو من خلال الخطة الخمسية المرسومة من 2010 إلى 2014 لكن بالمقابل عندما تقيس حجم الانجازات المتحققة في المشاريع تجد هنالك تلكؤا كبيرا، وهذا يدل على فشل وضعف معالجة الموازنة وأجهزة الدولة، ناهيك عن بعض المحافظات التي حققت نتائج ايجابية كمحافظة النجف و إقليم كردستان .

وأضاف انطون :"ان القطاع الزراعي خلال عام 2012 لم يصبه شيء يذكر من الانجاز فمساهمته في حجم الناتج الإجمالي ضئيلة جداً أما القطاع الخاص فهو في حالة تراجع".

وتمنى انطون ان تحل ازمة المشاكل الاقتصادية خلال العام المقبل وفي مقدمتها الكهرباء، موضحاً ان القطاعات الصناعية والزراعية لا تستطيع ان تستمر بدون توفر الطاقة الكهربائية الكاملة .

واشار الى ضرورة ان تسخر الواردات النفطية لخلق قطاعات تساهم في توفير السلة الغذائية للعائلة العراقية بالإضافة الى خلق قطاعات صناعية تساهم في حجم الناتج الإجمالي.

وأضاف انطون : على الدولة أن  تكلف المهنيين والاقتصاديين وذوي الاختصاص باعداد خطط كفيلة تنهض بالواقع الاقتصادي في البلاد وان تتجنب المحاصصة الطائفية التي لا تجلب سوى الويلات والتقهقر .

* اقتراض 20 مليار دولار لأعمار البنى التحتية وشراء سلاح بـ 12 مليار دولار!

بيّن التدريسي في كلية العلوم الاقتصادية  محمد الفضلي إن ملامح الاقتصاد العراقي تبدو مضطربة ومشوهة في كثير من الأحيان ، فبدلاً من تشجيع أجواء الاستثمار وتهيئة مناخ جاذب للشركات الاجنبية للاستثمار والعمل في البلاد تقوم الحكومة العراقية على التحشيد العسكري والاستعداد لأجواء الحرب مع إقليم كردستان ، كما أنها تصر وبشدة لإصدار قانون يتيح لها اقتراض أكثر من 20 مليار دولار لدعم البنى التحتية ، بينما تقوم بشراء أسلحة وطائرات بأكثر من 12 مليار دولار، في حين تقترض ذات الحكومة مليارات الدولارات لدول أخرى نجدها تخصص 20 مليار دولار تصنف تحت بند خدمات ومصروفات أخرى في موازنة العام المقبل.

فقدان لثوابت الإصلاح الاقتصادي ..

قال الخبير الاقتصادي توفيق المانع إن سنة 2012 قاربت على نهايتها ولحد الآن لم  تحدد الحكومة العراقية ثوابت للإصلاح الاقتصادي ، سواء في التوجه نحو التنافسي وهي تظهر بشكل جلي وواضح في الميزانية الحالية ، واتباع السياسات المطلوبة لخلق المنافسة الحقيقية وتقليص الاحتكار وتخفيف المركزية وإجراءاتها التي تم وضعها في زمن النظام الاشتراكي ، والقيام بدلا من ذلك بوضع قوانين الإصلاح الاقتصادي في اطار التحول نحو اقتصاد السوق والمنافسة .

واضاف المانع أن اي توجه نحو تحقيق التنمية الاقتصادية وخلق اقتصاد متنوع وليس ريعيا نثمنه ونثني عليه ، لاسيما اذ اقترن بوضع رقابة موجهة للاداء الاقتصادي ، وليس المقصود به فرض الرقابة القضائية كما هو معمول به في هيئة النزاهة او لجنة النزاهة في مجلس النواب ، لان عليها تصحيح المسار وتوجيه الدولة نحو الاقتصاد النامي  مع ايجاد هيئات لتصنيف وتقييم الأداء الحكومي والخاص ، إذ لا يمكن للأسلوب الذي تتبعه الحكومة "في الغاية تبرر الوسيلة" كما يحدث مع شركات القطاع العام والمعمول به في وزارة الصناعة .

وأشار الى ان المهم هو تقييم الأداء بالاعتماد على معايير التصنيف المتبعة في العالم التي يجب تطبيقها في العراق، والذي تقوم به هيئة النزاهة ، بهدف تسعى الموازنة إلى تحقيقه  من خلال تحديد أهدافها وتحقيقها خلال السنة المقبلة 2013 ، وإظهارها كجهة تسعى لرفع قدرة الدخل وبناء وحدات المساكن لان الحاجة الى الوحدات السكنية بحسب الدراسات الحالية تشير الى 320000 وحدة سكنية على مدى الـ25 سنة المقبلة  من اجل القدرة على توفير السكن اللائق، لان التركة ثقيلة والحاجة إلى السكن كبيرة جدا والميزانية بحاجة إلى تفاصيل اكثر ، لا سيما ما يتعلق بالنفقات التي يجب تكون على مساس بالواقع، اما الإيرادات فاغلبها تخمينية وهي ليست بالصعبة بمكان لان إيراداتنا ريعية من النفط .

ولفت المانع إلى ان الموازنة التي معظمها يكون في الجانب التشغيلي بنحو 70%  و30% نفقات استثمارية ، الامر الذي جعل الاستثمار فيها ضبابيا ، لاسيما في واقع عمل هيئات الاستثمار الوطنية مع المستثمر الاجنبي ، لتصبح اكثر قاتمة مع انتفاء رغبة المستثمر من العمل في العراق ، الامر الذي يوجب ان تشجع الهيئة بموجبه الاستثمار في المشاريع الكبيرة كمشروع بسمايه كمثال بسيط والشروط التي وضعتها الهيئة لاستلام الوحدة السكنية بدفع 25% من قيمتها خلال الستة أشهر الاولى ، لتتراجع الى دفع 10% من قيمة الوحدة مما يدل على ان هذا التراجع في اجراءاتها  لسبب عدم الإقبال على التسجيل والشراء وكونها لم تقم بدراسة المشروع بالنحو المطلوب ، لان المشاريع ليست على نحو واحد فمنها استهلاكي او استراتيجي وغير ذلك.

وتابع: بالنسبة للقطاع الخاص العراقي الصناعي نجد أن العراق يعوض دولا اخرى كتعويضات عن الحروب التي شنتها ضدها ، إلا أننا لم نقم بمعالجة الاضرار التي لحقت بالقطاع الصناعي المحلي من جراء تلك الحروب ، لان هناك معامل ومصانع كبيرة تعرضت للدمار بسبب ذلك ، الامر الذي يوجب تأهيل القطاع الصناعي ، فيما تقوم وزارة الصناعة والمعادن بالبحث عن بدائل غريبة نوعا ما في الحصول على عمولات من شركات القطاع الخاص التي تستورد سلع ومواد تقوم الوزارة بتوزيعها على دوائر الدولة بمبالغ كبيرة من اجل الحصول على عمولات اكبر بعيدا عن دورها وعملها الصناعي البحت .

 

غياب الاستثمارات الحقيقية

أوضح الخبير في شؤون السوق سالم البياتي "إذا وقفنا وقفة تقويمية نرى أن الخط البياني لم يكن متصاعداً ولا توجد استثمارات بالمعنى الحقيقي بقدر ما موجود من تخطيط للاستثمار".

وأضاف: ان ازمة البنك المركزي وانعكاساتها والمشادات السياسية قد القت بضلالها على السوق والمواطن بشكل كبير جداً على الرغم من التطلعات العراقية التي تسعى للنهوض لكن الخطوط العامة غير مؤهلة ومازالت مؤسسات الدولة مترهلة توجد صناعة فالسوق العراقية تخلو من المنتج الوطني .

من جانبه بين الخبير النفطي حمزة الجواهري "خلال عام 2012 ارتفع حجم الانتاج النفطي بنسبة 500 ألف برميل يومياً"، موضحاً ان هذا الرقم يعد قياسياً في ظل الظروف التي تعيشها البلاد .

وقال الجواهري :"سيبدأ العمل بشكل مكثف خلال العام المقبل على منظومة تصريف النفط بالجنوب فضلاً عن البدء بتشغيل الشبكة الإستراتيجية لجمع وتوزيع الغاز بالعراق بالإضافة الى عمل الحقول الغازية في البلاد".

وأضاف الجواهري :"في عام 2013 سيبدأ الإنتاج بشكل فعلي بالنسبة لجولات التراخيص من خلال عمل الحقول الخضراء بالإضافة الى بدء العمل بمصفى كربلاء والناصرية العملاق".

وتوقع الجواهري أن تحصل توافقات في الجانب السياسي بخصوص قانون النفط والغاز.

 

العراق يحقق أعلى مستويات نمو اقتصادي في العالم ..

قال الخبير الاقتصادي علي الفكيكي أن العام 2012 شهد تحقيق أعلى مستويات نمو في العالم  منذ سنة 2003  التي كانت حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي 160 دولار أميركي سنويا فيها إلى 4500 دولار حاليا  وهي نسبة نمو مركبة في حصة الفرد من الناتج الإجمالي اذ تبلغ 30% كنسبة مئوية في العراق وهي لم تحققها اي دولة اذ بلغت الصين  8-9% والهند 8% والولايات المتحدة 4% .

واضاف: ان الاسواق المحلية مليئة بالرواد والمقاهي تكتظ بالزبائن وقطاع الفنادق يشهد حركة عمران وبناء لأعداد كبيرة منها  ، مما يدل على اننا امام نهضة سياحية كبيرة  تتجلى بطلبات الاستثمار المتزايدة في المطاعم والفنادق والمدن والمنتجعات السياحية في العراق وانتشار مدن الالعاب هنا وهناك ، وتشكيل عشرات من شركات السياحة وارتفاع نسبة العراقيين المسافرين الى الخارج لأغراض السياحة والترفيه بشكل ملحوظ خلال الفترة الراهنة مما يدل على الرفاه الاقتصادي المتحقق في البلاد .

واشار الى وجود عراقيل أمام نهضة الاستثمار في العراق وعلى الحكومة السعي لإزالتها والاستعانة باصحاب الخبرة والرأي في هذا الصدد ، لان البيئة الاستثمارية في العراق لا تزال دون مستوى الطموح ، مما يستدعي العمل من اجل رفع مستواه للمستوى المطلوب وإزالة القيود المعرقلة للنشاط الاستثماري في العراق .

وبين الباحث في مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية كريم شغيدل  ان النجاحات المتحققة اقتصاديا خلال السنة 2012 على المستوى الخارجي نجاح العراق على مستوى التمهيد للخروج من طائلة الفصل السابع ،اما في مجال الاستثمار فهناك صعوبات لا تزال قائمة ابرزها الأزمات المفتعلة للكتل المناوئة للحكومة ،في حين حقق العراق نجاحات في مجال القضاء على الفساد الإداري والمالي إذ تشير الملفات القضائية الى انخفاض في نسب الفساد بنحو كبير خلال السنة 2012، فيما شهدت العائدات المالية ارتفاعا ملحوظا هي الاخرى على مستوى الموازنة والاستثمار. وبخصوص إعادة إعمار البنى التحتية هناك جهود متواصلة بالمقابل لكن هناك في المقابل من يعرقل ذلك بحجة ان اي انجاز سيكون دعاية للحكومة  ، ولن تتضح الصورة الحقيقية للنمو الاقتصادي ما لم نتخلص من المحاصصة ومبدأ الشراكة ونسعى لتشكيل حكومة أغلبية سياسية تتشكل وفق معايير تكنوقراطية ومهنية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراق يقلص صادراته النفطية واستهلاكه المحلي
اقتصاد

العراق يقلص صادراته النفطية واستهلاكه المحلي

بغداد/ المدى أعلنت وزارة النفط، اليوم الجمعة، تخفيض وتقليص صادرات العراق من النفط الخام وتقليل استهلاكه المحلي. وذكرت الوزارة في بيان، تلقته (المدى)،: "تماشياً مع التزام جمهورية العراق بقرارات منظمة أوبك والدول المتحالفة ضمن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram