TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > سعد الله ونوس

سعد الله ونوس

نشر في: 2 أكتوبر, 2009: 07:09 م

فاضل خليل استلهم ونوس حكايات نصوصه المسرحية من الواقع العربي ، من ماضيه ، ومن حاضره ، من التراث الذي استلهمه وطوعه لذلك الحاضر . منطلقا من أهمية التغيير التي يجب أن تشمل كافة نواحي الحياة . بدأ من أبطال مسرحياته . من البطل الإنسان ، من حيث انتهت البطولة ،من الأبطال الأسطوريين في أزمانها المختلفة ، من زمن الإغريق حيث الأبطال الآلهة ، وأنصاف الآلهة .
إلى القرون الوسطى وأبطالها الملوك ، والقديسين حتى الأبطال المعاصرين من عامة الناس ، ممن وجدوا احترامهم عند قسم من الكتاب ولم يجدوه عند البعض الآخر . ونوس أحد الذين انتصروا لإبطالهم الفقراء ، واكبهم حيث هم .لم يكونوا عنده حاكمين بقدر ما كانوا محكومين يحلمون أن يلعبوا دور الحاكم ليتعرفوا على أسرارها ، هذه المهنة التي ما أن تتلبس صاحبها حتى يضيق عليه جلده فيكبر على المكان كما هو الحال مع الملك الذي يتورم لديه الشعور انه اكبر من الموقع فيلعب اللعبة التي ندم عليها وهي انه أعطى عرشه لغيره ليوم واحد . نسي أن اليوم قد لا يكون واحدا : الملك : كثيرا ما اشعر أن هذه البلاد لا تستحقني .(المسرحية ص18) وفي مكان آخر : الملك : …. يزداد ضيقي ، كلما فكرت أن هذه البلاد لا تستحقني .. أريد أن ألهو … أن العب لعبة شرسة .. (المسرحية ص20)وسرعان ما يحدد نوع اللعبة في الحوار التالي : الملك : …. أريد أن اعابث البلاد والناس .(المسرحية ص21) وهكذا تكون الدعابة بالعرش ، الذي ضاق عليه قاسية حين يتمسك بها مغفل حالم بالسلطة لكي ينتقم من أركانها الذين أذلوه وأضاعوا له ثروته . أن العرش عند (أبي عزة) ، لا يتعدى أن يكون اكثر من لعبة تحقق له الانتقام ممن هم أعلى منه موقعا في الحياة ليعود بعدها إلى ما كان عليه الرجل البسيط الذي طموحه أن يحلم فقط .السؤال إذا هو كيف عالج ونوس هذه اللعبة ؟ من أين دخل إليها ؟ وهل دخلها لأنه أيضا كان يشكو ممن ظلمه ؟ أو انه كان المراقب –المفكر لمثل هكذا تجاوزات أم انه ضليع بأحلام الفقراء الذي هو واحد منهم؟ أسئلة وأسئلة كثيرة تنطلق من الجدل الذي يمارسه ونوس بحثا عن الأجوبة لأسئلة كثيرة ، وعن الخلاص من المخاوف التي تقلق الناس البسطاء . إذا هو التغيير بفعل الزمن ، وبفعل التطور المستمر للقوانين الاجتماعية ، ولكن كيف يكون زمن هذا التغير؟ ولأنه مؤمن من أن هذه التغيرات مستحيلة بالشكل الذي اقترحه في مسرحيته ، وافق أن لا يكون التغير نهائيا فوضعه بصيغة الحلم . فأبو عزة إذا لم يكن اكثر من ممثل لعب الدورين في آن واحد في ذلك الحلم الأمنية .الممثل في مسرح ونوس يشكل أهمية استثنائية ، وكذلك المتفرج . فالممثل هو من يقوم بفعل التغيير وهو " الذي يعطي الحياة لنص الكاتب المسرحي ، والكاتب المسرحي هو دائما الذي يلهم الممثل . كما أن دائما هناك الجمهور الذي يسهم في العرض والذي من اجله يكتب الكتاب ويمثل الممثلون " (1) . أي هو من يحرك الحياة ويكون نبضها على المسرح ، هو من يحقق الحلم . أما المتفرج فقد شاكسه ونوس حين اتهمه بالسلبية وانعدام القدرة على اتخاذ المواقف في الأزمات . " إن الشعب دائما مدان بشكل تعميمي عند ونوس ، وان النظرة إلى فعالية الجماهير سوداوية "(2) رغم أن الجمهور في حساباته خير من يرى العيوب . ومن تفاعل الطرفين : الممثل والمتفرج ، يبدأ المسرح ، فهما "قد يندغمان معا في احتفال أو يظل الواحد منهما في مواجهة الآخر ، ولكن المسرح يبدأ فعلا عندما يتوفر ممثل ومتفرجون يتابعون لعبة الممثل ويشاركونه فيها ، وغياب أحد هذين العنصرين فقط هو الذي ينفي الظاهرة" (3) . هذا الرأي رغم صوابه إلا انه يظل ناقصا من دون جهود المخرج . فالمسرح لا يقوم من غير: فكرة ، ومفكر (مخرج) : يجسد هذه الفكرة بوسائل منها الممثل وفريق العمل ليختم الجمهور العرض . استلهم ونوس مبنى حكائياً لمسرحيته الملك هو الملك من حكاية (النائم واليقظان) في الليلة الثالثة والستين بعد المائة من (ألف ليلة وليلة) ، وهي إحدى اشهر الحكايات وأكثرها تناولا من قبل الكتاب المسرحين . لقد تناولها مارون النقاش عام 1853 بعنوان (أبو الحسن الخليع والجارية شموس) ، في حين أخذها ونوس عام 1977. مستفيدا من الأصل مضيفا إليه مقترحا عليه بعدا فلسفيا من خلال إثارة السؤال : ماذا لو استمرت اللعبة ولم تنته كما انتهت في أصل الحكاية حيث يعود الرجل إلى بيته وزوجته وابنته بعد انتهاء الليلة المتفق عليها مثلما يعود الرشيد إلى عرشه . إن أبو عزة في لعبة ونوس يظل متشبثا بالسلطة ليهتز عرش الملك . إذا في لعبة ونوس لا فرق بين ملك وملك ، وأبا عزة في العرش هو الرشيد طالما أن الملوك بلا سحنة . وهكذا كانت محصلة الدعابة الملكية التي اختلقها الملك ليتسلى لتنقلب وبالا عليه . نعم هي وبال حين ينقلب السحر على الساحر ، حين يجهل الحكام نتائج دعاباتهم ولا محدودية سلطاتهم . ملخص الحكاية :ان هارون الرشيد الذي حولته - ألف ليلة وليلة إلى شخصية أسطورية - في إحدى جولاته التنكرية بصحبة سيافه (مسرور) مرا ببيت التاجر المفلس أبي الحسن الخليع الذي استضافهما وشكا لهما من الحياة التي يحياها . وتمنى أن يكون صاحب أمر ونهي لينتقم من أربعة شيوخ يعرفهم . فخدره الرشيد وأمر بنقله إلى قصر الخلافة . وقرر أن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram