محمد مزيد التقارب الصيني الكوري الشمالي ليس وليد فواصل زمنية مرمية في التاريخ القريب ، بل تعود الى ازمان بعيدة ، ولعل الصين وهو العملاق الاقتصادي الثالث في العالم ، يجد له من المبررات الكثيرة لتطوير تلك العلاقات مع الجار الضعيف الفقير كوريا الشمالية والمتطورة في حقل الصناعة النووية.
اهم تلك المبررات التي تسعى الصين الى العمل بها ، محاولاتها منع الغرب من تحجيم ومحاصرة هذه الدولة بسبب جرأتها النووية . لكن معطيات الوضع الذي تعيشه كوريا بسبب " الشد " الغربي جعل العلاقة تأخذ حيزاً اكبر في تبادل المصالح والمبادئ بين البلدين .تحمل زيارة رئيس الوزراء الصيني امس الاول الى بيونغ يانغ ولمدة ثلاثة ايام في طياتها الاعلامية التقليدية احياء لذكرى مرور 60 عاما على اقامة العلاقة ، وفي اطار التصريحات الرسمية لأي من مسؤولي البلدين لاحظ المحللون انه تم التغافل عن ذكر البرنامج النووي الكوري والاقتصار على ان برنامج الزيارة ينحصر في المعلن التقليدي .كوريا الشمالية مازالت تنظر بألم الى تلك الفواصل الزمنية التي وقعت فيها البلاد في التردي حيث انشطرت فيها الامبراطورية الكورية ، وقبلها الاحتلال الياباني الذي استمر 35 عاما منذ 1910 حتى نهاية الحرب العالمية الثانية 1945 ، ثم ان ماجرى بعد ذلك اثار سخط الشعب الكوري الواحد الذي قسمت فيه بلادهم بخط العرض 38 الى قسمين جنوبي وشمالي .ورفضت كوريا الشمالية الاشتراك في انتخابات الجنوب عام 1948 باشراف الامم المتحدة والذي ادى فيما بعد الى انشاء حكومتين منفصلتين في الكوريتين ، حيث ادعت كلا منهما السيادة على شبه الجزيرة ما ادى الى نشوب الحرب بينهما عام 1950 لكن هدنة عام 1953 انهت القتال بينهما ومع ذلك فمازال البلدان رسميا في حالة حرب .بقي الشطر الشمالي تحت الوصاية السوفيتية فيما بقيت الولايات المتحدة وصية على الكورية الجنوبية . وظل النظام الشمالي امينا على النظرية الشيوعية والمنهج الاشتراكي في الحكم فيما عمل رئيسها كيم ايل سونغ على اتباع اسلوب في ادارة نظام على حكمه الى ما يسمى بالزتشية وهي الفلسفة الكورية الشمالية في ادارة البلاد تتمحور على فكرة ان الانسان سيد كل الاشياء وهو الذي يقرر كل شيء.العالم الغربي بقيادة الولايات المتحدة لايستطيع ان يفسح المجال لكوريا الشمالية ان تطور ادواتها التسليحية وخاصة ما يتعلق بالجانب النووي لذلك وضعت هذه البلاد في قائمة محور الشر بسبب مساعدتها لدول لاتحظى بالقبول الاميركي. وسعت من خلال الجنوبية والصين واحيانا الروس الى جولة من المفاوضات اقترحت فيها تقديم المساعدات الى البلد الفقير مقابل التخلي عن الطموحات النووية .السؤال المطروح : هل تأتي هذه الزيارة في اطار المساعي التي تبذل لجعل هذه الدولة تنخرط في الاعتدال الذي تريده اميركا ؟
العلاقات الصينية الكورية الشمالية
نشر في: 6 أكتوبر, 2009: 06:46 م