TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > وقفة: الرقــــيب بـين صـــورتــين

وقفة: الرقــــيب بـين صـــورتــين

نشر في: 7 أكتوبر, 2009: 05:39 م

كاظم الجماسيمع تشكل اول نواة لوحدة اجتماعية بشرية، تشكلت معها منظومة قيمية اخلاقية،لتحفظ اولا العقد الاجتماعي لتلك الوحدة من الانفراط،  ثم لتحفظ سيرورة تلك الجماعة من الناحية التاريخية بكل اوصافها الاجتماعية والانسانية والطبيعية.
ومع تطور حال البشر اجتماعيا تطورت تلك المنظومة الاخلاقية واخذت تتجسد في تسميات متعددة بدأت بمفردة الضمير ومرت بمفردات عدة منها الاعراف والتقاليد والنواميس الانسانية والدينية والعشائرية وغيرها من المفردات، حتى وصلت المجتمعات البشرية الى ما توافقت عليه في رحاب مفردة القانون التي لم تترك منحى اوحيزاً يخص الانسان فعلا وانفعالا به أو معه أو فيه إلا ونهض القانون بتأطيره بالحدود المناسبة من معادلة الحقوق والواجبات.ويتفق معظم المفكرين بالاستناد الى معطيات الابحاث والكشوفات العلمية على حقيقة، ربما سوف يستغرب من معرفتها البعض، الا وهي الحقيقة القائلة ان الطبيعة في الكون عموما ومن ضمنها الطبيعة البشرية ميالة الى التمرد على السائد وكسر الاعتياد، والامثلة كثيرة في الطبيعة، الزلازل/البراكين/الاعاصير/الفيضانات/النيازك/وغيرها من الظواهر الطبيعية، التي وجد لها الانسان تفسيرا، أو تلك التي لم تزل لغزا مستغلقا عليه حتى هذه الساعة..أما فيما يخص الطبيعة البشرية فأن هناك العشرات من الامثلة على تمرداتها، التي ربما تبدأ بمشاكسات طفولية وتتطور لتمر بحالات الخروج على الانماط الاجتماعية بصور مختلفة، من مثل (شقي المحلة) اوقطاع الطرق او الشطار والعيارين ابان عصر الدولة العباسية وما بعدها، وصولا الى حالات متقدمة من التمرد تمثلت باصحاب الدعوات (الهدامة) التي كانت تحض على شق عصا الطاعة لأولي الامر، وكذلك الثوار والمتصوفة و(المجانين) بأصنافهم المعترف بها رسميا، وغير المعترف بها..وظلت حتى هذه الساعة الضمانة الوحيدة الكافلة لوحدة المجتمع وسلامة الناس  منظومة القوانين والتشريعات التي تنظم أدق تفاصيل الحياة اليومية للافراد بوصفهم اعضاء في وحدات اجتماعية معينة. ولكن لابد من رقيب كامل الصلاحية لممارسة وظيفة المتابعة والمراقبة لسلامة تطبيق تلك القوانين والتشريعات، وقد لعب الرقيب ادوارا مختلفة ومتعددة في ادائه تلك الوظيفة، وغالبا ماكانت تلك الادوار تنطوي على ظلم فادح تروح ضحيته على الدوام الشرائح الاكثر عددا والاكثر فقرا،  ممايدعى السواد الاعظم، وظل الرقيب يكتسي بالحتم والضرورة برداء الحاكم في عصره وزمانه، ولم تزل صورة الشرطي الصدامي ورجل الامن الصدامي والمخابراتي الصدامي وغيرها من الالقاب والتسميات الصدامية الاخرى، بالغة الشراسة والحيوانية، لم تزل،حتى بعد اندحار فقيهها الاعظم وزوال سلطانها الغاشم،تخلف في النفس غصة مرة لايمكن ان تمحى من ذاكرة اي عراقي او عراقية. وبالاجمال مثّل الرقيب الصدامي الصورة الأبلغ قبحا وجرما لوظيفة الرقيب،فيما تلك الوظيفة اليوم، وكما هو مفترض بها ومأمول منها، تمثل الضامن الوحيد لاقامة وديمومة  سلطة العدل التي يمثلها القانون المشتق من حجر الاساس في وحدة وازدهار المجتمع العراقي ألا وهو الدستور قانون القوانين.بالتأكيد لسنا واهمين في أننا سننعم اليوم بالتعامل مع رقيب مثالي مطابق لمواصفات الرقيب الذي يحلم بوجوده اليومي المواطن العراقي في كل زاوية ومنحنى من زوايا هيكلية الدولة وزوايا هيكلية المجتمع، وهكذا حلم ليس ببعيد مادمنا خطونا الى العتبة الاولى في مشوار سلم المجتمع الديمقراطي التعددي الفيدرالي، يحدونا الامل بوفرة وجود الشرفاء الامناء على مصلحة ومستقبل العراق الجديد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مهرجان العراق لأفلام الشباب يطلق مسابقة المنحةلدعم مشاريع أفلام المواهب الشبابية

مهرجان العراق لأفلام الشباب يطلق مسابقة المنحةلدعم مشاريع أفلام المواهب الشبابية

 متابعة المدى برعاية السيد الدكتور احمد المبرقع وزير الشباب والرياضة وفي إطار دعمه المتواصل للمواهب الشبابية العاملة في صناعة الافلام يُعلن مهرجان العراق السينمائي الدولي لأفلام الشباب الإعلان عن مسابقة المنحة المالية الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram