ترجمة: بشرى الهلاليبانتاج متواضع وميزانية بسيطة وبقابلية إخراجية مثيرة للتساؤل، تناقش المخرجة (كورتني هانت) في أول عمل لها فيلم (النهر المتجمد) قصة إمراتين يائستين تسلكان سبيل التهريب لكسب الرزق، وكان هذا الفلم سببا في حصول الممثلة ميليسا ليو على جائزة ألأوسكار.
يعتبر فلم كورتني هانت القاتم والمثير (النهر المتجمد)، واحداً من أفضل بواكير الأفلام الأميركية المؤثرة على مدى عدة سنوات ماضية. وهو يدور حول مقاطعة موهاوك الجميلة بطبيعتها و المعزولة اجتماعيا والواقعة جزئيا في شمال نيويورك بينما يقع جزؤها الجنوبي في كويبك، في الجانب الآخر على الحدود بين كندا والولايات المتحدة ويميزها نهر القديس لورنس. وهي منطقة بشكل عام غير معروفة بالنسبة للناس بشكل عام، وفي عودة الى الخمسينيات ساهمت (الأوبزيرفر) بشكل ما في لفت الإنتباه الى هذا المكان. ففي 1957 تم تكليف الروائي والناقد جون واين بإجراء مقابلة مع أعظم كاتب في أميركا، ادموند ولسون، في بيته الذي يقع في شمال نيويورك فقام واين بسؤاله عن وضع الهنود المحليين. ولم يعط الكاتب ولسن جوابا واضحا لواين. وبعد بضعة أسابيع قرأ ولسون تقريراً اخبارياً عن إنتقال هنود الموهاوك الى أراض قريبة من المقاطعة كانوا يدعون بأنها تعود اليهم، مشيرا الى دور واين في إثارة إهتمامه، فقام الكاتب بكتابة سلسلة مقالات لـ(النيويوركر) أصبحت في العام 1960 بمثابة إعتذارات للأيوركيز ونواة العمل الذي لفت الإنتباه الى مأزق ونضال الأمريكيين الأصليين.و(النهر المتجمد) يجمع إمرأتين، أحداهما بيضاء والأخرى هندية من الموهاوك (واحدة من ستة قبائل أسست أمة الأيروكيز)، في الأيام التي سبقت الكرسماس. في البداية نشاهد ري (ميليسا ليو) وهي تمسك سيكارة بين أناملها المتسخة وأظافرها القذرة بمظهر يائس، تستعد ليوم آخر مليء باليأس والرغبة في تقبل وضعها كأم لطفلين أحدهما في السادسة والآخر في الخامسة عشرة، في بيتها الصغير القروي والمهدم. زوجها الذي أدمن المقامرة، كان قد غادر توا وقد أخذ معه قسط البيت الذي كانت تقوم بتشييده وهي تحلم بالإنتقال اليه. عملها في بورصة الدولار المحلية كان مهددا (رغم إنها تتظاهر بأنها على أبواب ترقية)، وحياتها قاتمة شأنها شأن أرض القرية المغطاة بالثلوج بطرقها الطينية المتعرجة. إثناء بحثها عن زوجها، تشاهد ري سيارة زوجها تقودها إمرأة هندية شابة ممتلئة الجسم فتقرر ري ملاحقة المرأة الى مسكنها المتنقل في مقاطعة الموهوك لتكتشف إن غريمتها هي ليلا لتلوولف الفظة (مستي أبهام)، والتي تدعي بأنها عثرت على السيارة بعد إن تركها رجل صعد الى الباص مع فتاة شابة متجها الى الجنوب. توجه ري الغاضبة سلاحها نحو ليلا، وبعد محاولة عقيمة لسحب السيارة بعيدا، توافق ري على اقتراح ليلا ببيع السيارة الى أحد مهربي المقاطعة.تدريجيا، نكتشف بان كلا المرأتين هما ليستا أكثر من والدتين مهذبتين تناضلان يائستين. فليلا أيضا هجرت من قبل زوجها وتعاني مشاكل في الحصول على عمل لتربية وليدها الذي تقوم والدة زوجها بالعناية به. وبدورها، فإن ري على استعداد لفعل أي شيء لرعاية ولديها وحصولهما على التعليم. في البداية تتبادل المرأتين الشكوك والإتهامات، ثم تضعان ثقتهما بحذر بشركاء الجريمة الذين يعملون كمهربين للبشر، حيث يقومون بنقل غرباء اسيويين في صندوق سيارة عبر نهر القديس لورنس المتجمد والبعيد عن دوريات الحراسة الى أميركا. ضمن المقاطعة (حيث تنتشر كارثة البطالة)، تبدو ري غير مرحب بها، بينما تفرض ليلا الجميلة وجودها. وفي الولايات المتحدة، ومع وجود ري كسائق للسيارة، تقل شكوك دوريات الحرس بليلا الهندية الأصل. ويعيش هذا الزوج الذي يستحوذ على إهتمامنا حالة من جمود بينما يمثل نهر القديس لورنس المتجمد لكليهما الفرصة لتكوين ثروة سهلة المنال وفي الوقت نفسه المخاطرة نحو الكارثة. ويشرف على نقطة التفتيش إثنان من الأمريكان اللذان يقومان بتسهيل الطريق للأجانب الذين يدفعون كل مالديهم لرؤوس العصابات من أجل بداية حياة جديدة في الولايات المتحدة. وتتصاعد الإثارة والتشويق عندما تبدأ الأحداث بأخذ مسار خاطئ حيث يقوم زوجان باكستانيان باخفاء طفل في أمتعتهما. وحتما، تزداد الأمور سوءا بسبب هذا العمل الأخير: حيث يندلع اشتباك مسلح في كندا، تليها مطاردة الشرطة. ورغم وجود بعض اللحظات المتشابكة في الحبكة الدرامية، لكن الحل مقنع ويتم بدون مبالغة أو عاطفية. كورتني هانت التي تحولت من محامية الى صانعة أفلام، عاشت تجربة الحرمان نفسها التي مثلها أولاد ري في الفلم، وبشكل ممتع تنقل المخرجة فلم سكورسيزي (أليس لا تعيش هنا) والذي ترك تأثيرا في نفسها عندما كانت طفلة، فاستطاعت بذلك لفت أنظار العالم بحدة الى ري وليلا ساندها في ذلك الإداء المتميز للممثلة ليو، التي رشحت مباشرة للأوسكار (وبرأيي كان يجب أن تفوز). لقد عملت الممثلتان بشكل جميل معا، وساهم تشارلز ماكديرموت بشكل مؤثر في الفلم بدوره كإبن ري المراهق المثير للمشاكل، كذلك مايكل أوكيف الذي لعب دور حرس الحدود المتعاطف. ويعتبر (النهر المتجمد) علامة مميزة في قطاع انتاج الأفلام في أميركا والذي كلفت ميزانيته مايعادل
بميزانية تعادل الدقيقتين الأوليين من (هاري بوتر)
نشر في: 7 أكتوبر, 2009: 06:22 م