TOP

جريدة المدى > تحقيقات > مشكلة من مخلفات النظام السابق

مشكلة من مخلفات النظام السابق

نشر في: 7 أكتوبر, 2009: 06:31 م

تحقيق وتصوير/وائل نعمة في أحد صباحات شهر تشرين الأول، ارتدى عمر ملابسه ووضع حقيبته فوق ظهره، وطبع قبلتين على وجنتي أمه، واخذ بخطواته الصغيرة يشق طريقه الى مدرسته التي لا تبعد غير أمتار قليلة  عن بيته، كانت أول مرة يدخلها منذ ثلاث سنوات ويسمع ضجيج قصص تترامى من هنا وهناك تتحدث عن ان أيامهم في هذه المدرسة أصبحت معدودة،
ويجب ان يجدوا لهم مكانا آخر، لان المدرسة ستخلى وكلُ سيرفع يده مودعا أيامه التي قضاها في مدرسة الابتكار الأساسية.بدت ام عمر  منزعجة مما وصل الى مسامعها، فأخلاء المدرسة لم يكن بالأمر المريح، خصوصا وأن المدرسة قريبة من البيت، وعمر قد اعتاد عليها، وعرف المعلمات، وأصبح له أصدقاء بعد ان كان منطويا ومتخوفا من الاختلاط مع التلاميذ البقية، كان أكثر ما يخيف أم عمر هو ان ينقطع ابنها عن الدراسة ويتأخر عن اقرانه بسبب عدم إيجاد مدرسة بديلة عن التي ستغلق، فأم عمر قد طرقت الكثير من أبواب المدارس، لكنها وجدت إداراتها  تتمنى عليها ان تأخذ بعض طلابها وتجد لهم مدرسة أخرى اثناء بحثها، لانها قد اختنقت بما لديها من طلاب.هموم إضافيةمدرسة الابتكار الأساسية في منطقة شارع فلسطين تحتوي على 2500 طالب وطالبة لانها تضم مرحلتي الابتدائية والثانوية. قام الوقف المسيحي بكسب دعوى لأخذ المدرسة مع الأرض وفق السياقات القانونية. نبيل يوسف اب لثلاثة أطفال في هذه المدرسة، أعرب عن قلقه مما ستؤول اليه الأمور بعد إخلائها، خصوصا وأن أبناءه في المرحلة الابتدائية لذلك لا يمكن ان يذهبوا الى مدرسة أخرى بعيدة، وبالمقابل لا يمكن ان يوصلهم الى المدرسة يوميا لانه موظف وزوجته كذلك، فلا يجد نبيل غير ان يقتطع من مرتبه مبلغا يستأجر به سيارة خاصة تقوم بمهمة نقل اولاده من البيت الى المدرسة وبالعكس.لا مكان للفقراءام سعد 42 سنة (أرملة)، وأم لطفلين في الابتدائية تقول: أخشى ان لا يكون هناك مكان للفقراء في العراق بعد الآن، فالمدارس الأهلية أصبحت تسحب المدرسين والمعلمين الأكفاء من كل المدارس الحكومية، وأصبحت مدارسنا الحكومية مهملة، والتدريس فيها ضعيفاً ولا يوجد اهتمام بالأطفال الصغار بسبب الازدحام بأعداد الطلاب،ولكي تتخلص من هذه المشكلة عليك ان تدفع على الأقل 750 ألف دينار  للطالب الواحد فقط كأجور دراسية  للمدرسة الأهلية.وتضيف: ان تحويل مدرسة الابتكار الى مدرسة أهلية سيكون بداية تحويل معظم المدارس الى مدارس للأغنياء ولا عزاء للفقراء!!مع الاحترام ولكن!احد أولياء الأمور في مدرسة الابتكار سامي جعفر 40 سنة  يقول: مع احترامي لحق أصحاب المدرسة الشرعيين، الا انني مضطر ان ابحث عن مدرسة أخرى لأطفالي لان المدرسة التي سينقلون اليها بعيدة بعض الشيء لأطفال في الابتدائية، كما انني لا استطيع ان ادفع مبلغاً أضافياً للمدرسة لكي أبقيهم في نفس المكان.المدرسة أصبحت أفضلفيما وجدت السيدة سعاد عبد الرحمن،موظفة وأم لطفل في الدراسة الابتدائية، أن المدرسة بدت أفضل بكثير مما كانت عليها في فترة تبعيتها للتربية، فهي كانت غير نظيفة ومهملة جدا والفصول والرحلات غير مناسبة كما ان المرافق الصحية لم تكن صالحة للبشر، لذلك كانت السيدة سعاد من أولى أولياء الأمور اللائي سجلن أبناءهن في المدرسة الأهلية الجديدة، بسبب إيمانها بأن المدرسة ستكون بشكل أفضل، كما انها ستستقطب كل الخبرات والكفاءات التربوية.نلوم من؟احمد إبراهيم 33 سنة، أب لأحد الأطفال في مدرسة الابتكار يقول لماذا نوجه اللوم الى أصحاب المدرسة الذين قد استلب منهم حقهم وهم لم يقوموا سوى باسترجاعه  بشكل أصولي، بل يجب ان نحمل وزارة التربية لانها مقصرة في تحقيق العدد الكافي من الأبنية المدرسية لاستيعاب العدد المتزايد من الطلاب، كما انها تتحمل المسؤولية في تردي العملية التربوية، والمدارس الأهلية كانت رد فعل طبيعي على هذا التردي، وحاولت هذه المدارس ان تسد كل الهفوات في المدارس الحكومية.تغيير المدرسة ونفسية الطفلمدرسة الابتكار ليست حالة شاذة، فمدرسة فاطمة بنت الحسين الثانوية للبنات لا تختلف كثيرا عن حالة المدرسة الأولى فالوقف المسيحي قد رفع دعوى أيضاً للحصول على هذه المدرسة.مريم يوسف الطفلة الصغيرة في المرحلة الرابعة تريد البقاء في المدرسة التي اعتادت عليها منذ سنوات، وكانت رافضة فكرة تغيير مدرستها ومعلماتها اللائي اعتادت اذنها على سماع كلماتهن كل صباح.ان أكثر ما قد يربك العملية التربوية ويؤثر على نفسية الطفل خصوصا في المراحل الابتدائية هو تغيير المدرسة، فيشير المختصون بعلم  النفس للأطفال أن التغيير مهما كان نوعه يسبب إحساساً بالضغط والقلق، خاصة للطفل الصغير الذي يسهل عليه الإحساس بعدم الأمان ليتطور لاحقا الى حالة اكتئاب وانطواء على النفس، كما يشير المختصون الى أن هذه الحالة ممكن تفاديها عن طريق الاهل بان يكونوا متمتعين بالوعي الكافي لمتابعة أطفالهم في كل لحظة ومصارحتهم بالأسباب الموجبة لهذا التغيير، على ان الصراحة مع الطفل يجب ان تكون متناسبة مع عمره ومفهومه وتترك فسحة من الامل تطمئنه حيال ما يحدث، والمهم التعامل بصبر معهم  فلا يمكن ان نتوقع منه ان يقوم بكسر حاجز عدم الثقة بمفرده في بيئة جديدة قد يشعر فيها بال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

البرلمان يعقد جلسته برئاسة المشهداني

الأمم المتحدة: غزة تضم أكبر عدد من الأطفال مبتوري الأطراف في العالم

هيئة الإعلام: إجراءاتنا تواجه فساد المتضررين

الهجرة تعلن بدء عودة العوائل اللبنانية وتقديم الدعم الشامل لها

اللجنة القانونية: القوانين الخلافية تعرقل الأداء التشريعي للبرلمان

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟
تحقيقات

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟

 المدى/تبارك المجيد كانت الساعة تقترب من السابعة مساءً، والظلام قد بدأ يغطي المكان، تجمعنا نحن المتظاهرين عند الجامع المقابل لمدينة الجملة العصبية، وكانت الأجواء مشحونة بالتوتر، فجأة، بدأت أصوات الرصاص تعلو في الأفق،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram