اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > هكذا تكلم ادوارد سعيد: الهويات تعددية والمنفى حقل كريم

هكذا تكلم ادوارد سعيد: الهويات تعددية والمنفى حقل كريم

نشر في: 9 أكتوبر, 2009: 04:28 م

*دعنا نبدأ من الاسئلة التقليدية، طفولته، الخلفية العائلية، القاهرة، والمؤثرات الثقافية المبكرة.-رغم ولادتي في القدس فاني قضيت معظم سنواتي التكوينية الاولى في القاهرة، مصر لقد كنت نتاج المدارس الاستعمارية الامر الذي جعلني في حالة حرب شبه دائمة مع المدارس والاساتذة، والحق انني تلقيت تعليما جيدا للغاية،
ولكني لم اتأثر بأي من الاساتذة او شخوص السلطة الذين كنت اعتبرهم في الصف المقابل على الدوام، التأثيران الرئيسيان في سنواتي الاولى كانا، اولا، استاذي في الموسيقى اغناس تيغرمان، الذي درست على يديه البيانو،وكان الرجل يهوديا من اصل بولوني يعيش في مصر، وكان عازف بيانون مرموقا وموسيقيا رائعا، وفد الى مصر في عام 1933 وبقي فيها حتى توفي عشية حرب 1967 لقد ترك في نفسي اثرا بالغا خصوصا لجهة موقفي من الموسيقى.التأثير الثاني كان سياسيا، وهو  الدكتور فريد حداد طبيب العائلة، كان فلسطيني الاصل ولكنه مولود في مصر وكان عضوا في الحزب الشيوعي، ومات في (سجن) ابو زعبل في اواخر الخمسينيات على يد شرطة عبدالناصر، ولقد كان بالفعل وسيطي الى السياسة، والى يسار السياسة (المعارضة السياسية).هذان الرجلان عنيا لي الكثير في تلك السنوات المبكرة..العائلة التي نشأت في كنفها كانت مزيجا عجيبا من العناصر العربية والمسيحية والانكليزية، نظرا لان والدي خدم في الجيش الامريكي خلال الحرب العالمية، الاولى واكتسب الجنسية الامريكية، قبل ان يعود الى فلسطين، كنا نعيش بطريقة غريبة للغاية، وانا الان اكتب مذكراتي عن تلك السنوات الاولى، اذ ان اسرتي كانت تعيش في ما يشبه الشرنقة، دون الكثير من الصلات بالعالم المحيط بنا.وبالطبع، حين وصلت الى امريكا عام 1951، انتسبت على الفور الى مدرسة داخلية في نيو انكلند، ثم الى جامعة برنستون، فجامعة هارفارد، وخلال هذه السنوات الاثنتي عشرة، بين عام 1951 وعام 1963 حين حصلت على الدكتوراه كانت صلاتي مع العرب محدودة للغاية، كنت طالب ادب اوروبي وغربي على نحو كلي، ولم استرجع صلتي بالعالم العربي الا في عام 1967 حين وقعت الحرب.في غضون ذلك، بقيت اسرتي في الشرق الاوسط، وكنت اعود خلال فصول الصيف لرؤيتهم لكن دراستي كانت غربية تماما، ولم يتولد اهتمامي باللغة والادب العربيين الا في طور لاحق، واعتمدت في ذلك على نفسي.*في ادى مقابلاتك تحدثت عن مغادرة كلية فكتوريا الانكليزية القاهرية في حالة من الخزي، كيف حدث ذلك؟-نعم، لقد طردت في صيف 1951، وحين وافقوا على اعادتي لاستكمل فصلا دراسيا كانت اسرتي قد قررت عندها انني اجد الكثير من الصعوبات مع النظام الانكليزي، ومن الحكمة ارسالي الى امريكا بالنظر الى تمتعنا بالجنسية الامريكية، وهكذا، في ربيع عام 1951 عثروا لي على مدرسة داخلية في ماساشوستس، وغادرت مصر في صيف العام ذاته، ووصلت الى امريكا، وحدي، ولقد قضيت سنتين في تلك المدرسة، كانت الاكثر بؤسا في حياتي، لقد كانتا على درجة عالية من الصعوبة.*وصل عبدالناصر الى السلطة وانت في امريكا، واول مقال سياسي كتبته دار حول حرب السويس، هل يمكن القول انك كنت ناصريا، بمعنى ما، في تلك الفترة؟-بالتأكيد، لان عبدالناصر كان يمثل بالنسبة لي، في امريكا، شخصية متمردة على سلطة الغرب، كنت امقت وابغض جون فوستر دالاس، الذي كان خريج جامعة برنستون، وكان الابن المدلل الذي يفخرون به، ماكان يشدني الى عبدالناصر هو انه يتحدى اميركا، فتعلقت به، ولكن في اواخر الخمسينيات، حين كان صديقي الدكتور فريد حداد يتعرض لمضايقات شرطة عبدالناصر وحين اكتشفت ممارسات ناصر ليس ضد الشيوعيين، فحسب، بل ضد ابناء البرجوازية من امثال اسرتي، بدأت اكرهه بسرعة، وبالطبع، في عام 1967 فقدت اي امل معه، وانني اتذكر جيدا انه حين توفي في عام 1970 دعيت من قبل العديد من الجامعات والمنظمات العربية للتحدث في ماسبات تأبينه، فلم استطع لقد وجدته شخصية مأساوية ولكنها حافلة بالمثالب، بحيث فشلت في مصالحة ذاتي مع ما آل اليه.ولهذا فقد كنت ناصريا، ولكن في طور قصير للغاية..*هل لك ان تحدثنا عن المزيد من الجوانب الذاتية والحميمية من طفولتك؟0يصعب عليّ ان اتحدث عنها، لانني الان اعكف على كتابتها في مذكرات ولكني سأتحدث عن امر واحد كان على الدوام شديد الاهمية عندي، لقد احسست، منذ الاطوار الابكر من وعيي، انني في نزاع مع البيئة التي انتمي اليها، اقصد القول انني كنت في مصر، ولكني لست مصريا، وانا عربي ولكني لست مسلما، وانا مسيحي ولكني بروتستانتي ولست مسيحيا كاثوليكيا، وانا ناطق بالانكليزية ولكني لست انكليزيا، وانا امريكي ولم يسبق لي ان ذهبت الى امريكا، ولهذا، اعتقد ان الاحساس الطاغي الاكثر اهمية في سنواتي المبكرة، والذي تواصل بعد ذهابي الى امريكا وينبثق بالفعل في ما بدأت اكتبه في الثمانينيات بشأن موضوعة النفي، هو انني على الدوام كنت اشعر بنفسي منفيا في الداخل وفي الخارج على حد سواء، لم يسبق لي ان كنت في الموضع الذي ينبغي ان اكون فيه، ورغم ولادتي في القدس فان احساسي بفلسطين ظل يدور حول فلسطين الفكرة لا المكان الفعلي، وحين زرت فلسطين بعد غياب طويل، في عام 1992 وجدت نفسي في حال من النزاع معها ايضا..ولقد قررت انني في حالة من الاقتلاع الدائم، وكان ذلك الاحساس شديد ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram