محمد سعيد الصكارmohammed_saggar@yahoo.frرجلان، لا حدود لحبي لهما، ولا إطار لثقتي بهما، ولا شبيه للطمأنينة التي يسبغانها عليّ. وللفيض الذي يتصاعد كالرغوة إلى أعلى الوجنة، ويرفرف كالعصفور حيث يتهالك التماسك وينفلت الحنين جارفاً كل ما أمام الدموع من عثرات.
أحياناً أبكي في استعادة اسميهما من فرط التعاطف والإحترام اللذين لا يماثلهما فيه أحد، على طول وسعة القائمة التي تنتظم الآلاف ممن عرفتهم من الرجال والنساء، وأحسب أن من أفضالهما عليّ حدوداً لا يمكنني أن أحدها، ومعاني لا أستطيع أن أرصدها، ويأخذني الحب لهما إلى حدود البكاء حين أذكرهما، وما أكثر ما أذكرهما، فهما ممن أسبغ على روحي الطمأنينة وعلماني كيف يمكن للحياة أن تسمو وتتألق ويتواصل إشعاعها إلى ثنايا الروح، ويتغلغل في تشعبات الضمير، ويرفدني بالعزم والقوة والسلام، والوداعة والتواضع، والسعي إلى استنفاد الطاقة في البحث عن الأجمل والأكمل والأصفى، لكي أقترب منهما، وهيهات. لماذا أبكي عندما أتذكرهما؟ ولماذا تتصاعد أنفاسي، ويجرفني الحنين إليهما وكأنهما على مقربة مني؟ ولماذا ألوذ بهما ساعة تتوهج المشاعر، وتنفتح الروح على آفاق لا علاقة لها بعالم الأكوان التي أنا فيها؟ ولماذا أنزل بهما من علياء ما خلقته لهما روحي، ورسمه لهما تكويني من عالم لا حدود فيه للبراءة والصفاء والأمل المحفوف بالتآكل؟من بين آلاف الأسماء يبرز اسمان . يكفيان لإنسان أفنى عمره في التأمل ، وانتهى به الأمر إلى البكاء.لم يكن البكاء علامة حزن، ولكنه استجابة لزخم العواطف والمشاعر التي لا تخضع للتفسير والتأويل . هذا الحزن الشفيف هو ما يفصح عن قيمة ما خلفه أثر هذين الإسمين في تكويني. هما اثنان، واحد من الشرق الأقرب، والآخر من الشرق الأبعد . وهما يختزلان بين مسافتيهما مسافات مكتنزة بأجمل ما في الإنسان من قوة ومن عطاء، وشرف وكبرياء.لا معنى لاستعادة المآثر، وتصفح المواقف؛ والإستعانة بقواميس الدنيا لفتح الدلالات وتلمّس الأثر.هما رجلان؛ لكنهما من تكوينات الجمال التي تملأ القلب بالدمع الحلو وتمنح العين تلك الإغفاءة الحالمة على الوجود وما بعده.رجلان ... أي رجلين !الخليل بن احمد الفراهيدي البصري، وإرنستو جيفارا. يا لهذا الرصيد الباذخ!
رجـــــلان... أي رجـــلـــيـــــن!
نشر في: 10 أكتوبر, 2009: 04:41 م