علــــي عبــد الخــالـــقلم يشهد العراق عهدا يتصدر فيه شعار"القضاء على الفساد والارهاب" برامج ووعود الاحزاب والساسة والكتل وقادتها كما هو الحال عليه في يومنا هذا.ونحن على اعتاب انطلاق الحملات الانتخابية،التي بدات فعلا، تزداد المزايدات الكلامية بين المتبارين، المتحالفين او المتخاصمين بمختلف مللهم حول مدى جدية وقدرة كل طرف في التصدي الحازم لهاتين الآفتين المتلازمتين
اللتين تغذي احداهما الاخرى ويستحيل اجتثاث احداهما من جسد الدولة والمجتمع، من دون تصفية جذور الاخرى.والعراقيون وحدهم يعرفون خفايا النفوس والارادات و"الجيوب"، وقد عاشوا تجربة النهب المنظم عبر الوسائل التقليدية والمبتكرة للمال العام، و التفنن في تبديد الثروة الوطنية، وتبذيرها بالسطو عليها او بالفساد والافساد او تحويلها الى ادوات للحفاظ على المواقع والمراكز الوظيفية والهيمنة على مقدرات البلاد.ولا يمكن الشك، جريا على ذلك، بالسلوك القائم والاتي،للاغلبية المطلقة ممن هم في مراكز القرار، بكيفية استخدامهم المال العام وتوظيفه لخدمة اغراضهم الخاصة، وحملاتهم الانتخابية وكسبهم غير المشروع الذي لم يعد للنهابين والمتحايلين على الدستور والقوانين، الاهتمام بالتغطية عليها واخفائها، في ظل غياب اي رادع.ولم ينتاب الخوف او القلق احدا من المسؤولين وهو يرتشي او يسرق او يتلاعب بالاموال العامة وميزانية الدولة او التحايل على القوانين، واللصوص والمحتالون والمتلاعبون، الكبار والصغار، يتسللون بحرية خارج البلاد ويقضون اوقاتهم السعيدة في دول الجوار، دون خشية من مطاردة او ملاحقة او مطالبة بالاعادة او بالتضييق عليهم من مضيفيهم، لانعدام قانون تبادل المجرمين او المطلوبين، بل ان البعض منهم يتحرك ذهابا وايابا من البلاد واليها، بحماية اجهزة الدولة والمتنفذين فيها، ولربما من دون حاجة لاحد منهم ما دامت الرشوة ببضعة مئات من الدولارات كفيلة بإصدار جوازات سفر، بمعلومات حسب الطلب، واصدار الوثائق الثبوتية، وتغيير الصفات والاوصاف، واية معاملة، لا لخدمة المواطنين العراقيين وتأكيد هويتهم العراقية، بل لتسويق الارهابيين وتمكينهم من التحرك بحرية للعبث بأمن المواطنين والاعتداء على كراماتهم واموالهم، وازهاق ارواح الابرياء منهم، والتسلل بحرية امام انظار الجميع الى مناطقهم الآمنة سواء داخل البلاد او خارجها.هل يشك قادة البلاد، المتنفذون منهم او التنفيذيون، في صدق هذه الدعاوى؟وهل في دعاوى النواب ومجلسهم الموقر الذين يلاحقون الفساد والمفسدين، ما يؤكد حرصهم على معرفة الحقيقة وملاحقة الفاسدين والارهابيين؟اذا كان الامر كذلك، فأين الدايني، اخر الهاربين، ولماذا اطبق الصمت على اركان الحكومة ومجلس النواب وكل المنادين بإنقاذ البلاد من القتلة والمجرمين بعد ايام من صراخهم؟ثم اين المتابعة لاسترجاع الاموال التي قيل الكثير عن سرقتها من مختلف الوزارات والمؤسسات وكشف النقاب ولو بخجل وتوريات عن القائمين بها. وما دمنا نتحدث عن الانتخابات القادمة وما نتوقعه لها، اين وصلت متابعة الاموال التي سطا عليها المدعو عاروري بالتواطؤمع مسؤولين في المفوضية العليا للانتخابات في دورتها السابقة، واكدت التحقيقات تحايله وتلاعبه وشركائه في السطو على ملايين الدولارات، واين دور هيئة النزاهة والرقابة المالية والشرطة الدولية العراقية واجراءاتها لملاحقته والقصاص منه، واستعادة الاموال المسروقة.؟والحديث بالحديث يذكر، ترى، ما هي حقيقة (الدعاوى والاشاعات المغرضة) التي يجري تداولها هذه الايام بين العارفين بدواخل الامور في بعض المحافل، ان هذا الفصل من السرقة والتحايل يجري اليوم في المفوضية ايضا، من خلال شركات تؤسس بالتواطؤ مع متنفذين فيها للحصول على عقودها في حملات الانتخابات المقبلة؟ولأن المواطن والمسؤول، في هذا السياق وهذا الموضوع المصيري متفقان على الاقرار بالحقيقة، فمن العبث ادراج تفاصيل القضايا الكبرى وحيثياتها من جديد. فالمواطن موقن بأن النهب والسرقة والاحتيال ظواهر تسود الدولة واجهزتها، بل ويعرف بالاسماء والاوصاف والمراكز اللصوص والمحتالين، وبعضهم يتعايش معه، عبر سعيه لانجاز معاملاته او تصريف شؤونه اليومية. والمسؤول يعرف نفسه او يلومها لانه ضيع فرصة العمر للحاق بزملائه. ويسخر من نظيفي اليد وانقياء الضمير!لقد نشرت (المدى) لمرتين خلال بضعة اسابيع خبرا عن تواطؤ ملفت، للقٌيم على حدود البلاد وشرطتها الدولية العميد صلاح الطائي، دون ان تتطرق الى التفاصيل المعيبة، لعله يرتدع، او لعل المسؤولين عنه يلتفتون الى ما ورد في الخبر، ويستفهمون عن الامر ويدققون في سلوكه المهني وملفاته.لكن المخجل والملفت ان الخبر المثير للشبهة والكفيل بالانتباه في اي دولة اخرى، عبر الحواجز الكونكريتية الافتراضية لحماية الفساد في الدولة دون ان يحرك هواجس اي مسؤول حتى في مكتب رئيس الوزراء الذي يحرص العاملون فيه على التدخل في شؤون الحكومة والوزارات والاجهزة في كل شأن لا يدخل بالضرورة في حدود صلاحياتهم يمكنه ان يعزز مواقعهم ويبسط من نفوذهم.وفي هذا السياق سوف لن ننشر الحقيقة وتفاصيلها خشية من تعكير صفو الكيانات والائتلافات واتهامنا بمحاولة احراجها، بل سنكتفي بذكر تساؤلات تكفي وحدها لإقالة هذا المسؤول والمتواطئين معه ومن هم على شاكلته.اولا: هل
مدير الشرطة الدولية العراقية (الانتربول) ومافيا السجائر
نشر في: 10 أكتوبر, 2009: 07:57 م