TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > مقال نادر للدكتور هاشم الوتري

مقال نادر للدكتور هاشم الوتري

نشر في: 11 أكتوبر, 2009: 05:20 م

ان فكرة انشاء مدرسة طبية في بغداد كانت تتردد في النفوس منذ ان اقيمت المصلحة الصحية المدنية في العراق بعد الاحتلال البريطاني. فقد وجدنا ان الكولونيل لين القائم بشؤون الصحة بالوكالة في ذلك العهد يصرح في تقريره عن الادارة الصحية لسنة 1919 مايلي: يخال للناس ان التقدم في المصلحة كان بطيئا في السنوات الاولى
وكان الواجب ان يتم تأسيس المدارس والمعاهد التدريبية التي يتخرج فيها ابناء البلاد ولكن لم يتم ذلك والسبب قلة المال والرجال، وفي ذلك دلالة على ان القوم قد فكروا في تأسيس المدرسة الطبية على اثر دخولهم العراق وكان ذلك مشجعا لابناء البلاد على السعي لتأسيس الكلية الطبية بالتعاضد مع فريق من الاطباء البريطانيين والعراقيين الذين ساعدوا على تحقيق فكرة تأسيس الكلية كما سيأتي ذكره.ولما جاء عام 1920 رأينا الكولونيل لين نفسه يعيد الكلام عن الكلية الطبية بما يلي: طرق سمعي بعض الاقوال التي يتساءل بها اصحابها عن السبب الذي اخر تأسيس مدرسة للطب في بغداد ولكني اقول والوضع المالي على ماهو عليه من التقصير انه لايمكن الدخول في موضوع تأسيس المدرسة مالم تتخل السلطات العسكرية عن بناء المستشفى البريطاني الثابت رقم 23 (مستشفى المجيدية) فالمأمول ان تجمع معاهدنا الطبية على ضفة دجلة ماعدا مستشفى العزل وسوف يكون المستشفى البريطاني الثابت رقم 23 المكان الممتاز لاقامة مدرسة ومستشفى لها يضم طبقة صالحة من المدربين.وفي سنة 1921 اختمرت فكرة تأسيس الكلية الطبية ونضجت في العقول وسار قوم يريدون تحقيقها بواسطة الجمعية الطبية البغدادية والصحافة وانقسم القوم الى محبذ لتأسيس المدرسة ومستهجن ومنتقد ولبثت الصحافة ميدانيا لمجادلات ومناقشات طويلة حول الموضوع واحتدم الجدل في جلسات الجمعية الطبية التي انعقدت في صيف 1921 لدرس القضية واعطاء القرار النهائي واليك تفصيل ذلك لطلاوته ولقيمته التاريخية:في حزيران 1921 عقدت الجمعية الطبية البغدادية اجتماعا مهما في رحبة من رحاب مستشفى العزل حضره لفيف من الاطباء الوطنيين الذين عادوا الى الوطن بعد غياب طويل في طلب العلم وما تبعه من اسفار ورحلات اوجبتها الحرب العامة وكنت يومئذ من جملة من حضر هذا الاجتماع التاريخي الذي كان يومه يوما مشهودا.قام الميجر هيكس وتلا خطبة عن تأسيس المدرسة الطبية كان لها وقع عظيم وتأثير حسن في نفوس السامعين لما احتوته من مادة غزيرة واراء معززة بالبراهين عن الاسباب الموجبة لتأسيس المدرسة الطبية في عاصمة العراقة وكان معظم كلامه يدور حول تاريخ تأسيس المدارس الطبية في مصر وبيروت وايران وبعض المدن الاوربية مع كيفية تأسيسها وعدد طلابها والنفقات التي تنفق عليها مع عدد اساتذتها ومعاوني اساتذتها وكتابها وخدامها وعدد المستشفيات الملحقة بها مع عدد السرر في تلك المستشفيات، وقد اورد تلك المعلومات عن مصارد موثوق بها وهذا يتطلب البحث والاستقصاء ثم تطرب الى ذكر حاجة العراق الى انشاء مثل هذه المدرسة لقلة الاطباء الوطنيين وكثرة الامراض والاوبئة فيه وقال انه يعتبر وسطيا لكل الفين وخمسمائة نسمة من النفوس طبيب واحد وبما ان نفوس العراق يومئذ تقدر بثلاثة ملايين فيحتاج حينئذ الى الف ومئتي طبيب مع ان عدد اطبائه في ذلك العهد من الوطنيين لايتجاوز الثلاثين طبيبا وذكر في خطبته النفقات الانشائية المعتادة وما يصرف على المدرسة من المال سنويا وذكر بناء المستشفى المجيدي فقال انه افضل مكان تلتف حوله المعاهد الفنية اللازمة للمدرسة ويقام فيه المستشفى التعليمي وختم خطبته التي كانت تتجاوز العشرين صحيفة ولا تزال هذه الخطبة محفوظة في مكتبة الكلية بالتمنيات والامال العظيمة لهذا البلد العربي المبارك لارجاع ماضي مجده وسالف عزه مع استنهاض الجمعية الطبية البغدادية وطلب معاضدتها له في هذا المشروع الجليل المبارك ثم جلس بين الهتاف الشديد تقديرا لتلك الخطبة المهمة واستحسانا لما جاء به الخطيب من مشروع حيوي وتقديرا لحسن نواياه، ولما جلس الدكتور هيكس بدأت المناقشة حول لزوم افتتاح المدرسة الطبية او عدم لزومه  واليك اسماء الخطباء الذين تناولوا الموضوع ذاكرين اسماءهم بحسب ترتيبهم في الكلام مع نبذ من اقوالهم ولمحة عن ماكان يرمي اليه كل خطيب:الدكتور سامي شوكت: كان يومئذ نائبا لرئيس الجمعية وكحالا للمستشفى العام الجديد،، كانت خطبته تنطوي على تحبيذ المشروع وتقدر في الدكتور هيكس خدماته للعرب بجهاده في سبيل تأسيس الكلية ومما جاء فيها المدرسة الطبية يعد انشاؤها وتأسيسها من اهم الامور واجلها واعظم المشاريع واخطرها نظرا الى حالة العراق الحاضرة التي هو فيها فقد مزق الجهل دماغه ونخرت الامراض جسمه وعظمه، لذلك اتمنى ان تؤسس تلك المدرسة في القريب العاجل وان ارى فيها تمثالا للميجر هيكس الذي هو اول من سعى واول من تشبث التشبث الرسمي لانشائها وتأسيسها..  الدكتور فائق شاكر- ان الجمعية الطبية البغدادية منذ تأسيسها الى الان لم تخرج عن دائرة التمنيات والامال فنحن لم نزل نهتف للخطابات والبيانات التي تتلى على كرسيها والتي تحتوي على مشاريع ومناهج مهمة وضرورية لهذا القطر واليوم نسمع خطبة حول مشروع فتح مدرسة طبية في العراق فيا حبذا لو صحت الاحلام ولكن حسب اجتهادي ان العراق لايقا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram