اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > هل كان ملتزماً

هل كان ملتزماً

نشر في: 14 أكتوبر, 2009: 06:36 م

عبد المجيد الونداويهل كان حسين مردان ملتزماً؟قد يكون السؤال((جافاً)) أكثر من اللازم وأنا أريد أن أتحدث عن خمسيني في الأسبوع الأول من موته ولكنني أنا الذي اخترت السؤال لأن في فمي غصة عمرها بضع وعشرون سنة في 1949، و1950 وما بعدهما. كان معارفي من السياسيين والمثقفين يهاجمون حسيناً في معرض نصحي بالتخلي عن صحبته
 ولم استطع ابداًَ أن اقنع أي فرد منهم أن حسيناً لي((وجودياً)) بالمعنى الذي كانوا يفهمونه، وليس(متحللاً) كما يقول بعضهم، وإنه كن رجلاً فذاً وملتزماً وصاحب مبدأ نبيل..كانت ابتسامة السخرية ترتسم ومعها التفاتة الرأس إلى اليمين أو اليسار علامة لعدم التصديق، وبقيت حتى أصبحت في أعوام متأخرة أما أن أسكت واقر بواقع جهل كثير من سياسيينا ومثقفينا بالالتزام، وأما أن أصطحب معي أبا علي إلى الشخص-غير المصدق-إذا كان بطبيعة الحال من الرجال الصادقين مع أنفسهم ليسمع شعره- فهو كان حجر الزاوية في التهمة التي يلصقها الناس به أو يلصقها هو بنفسه - ليصدق، مرة أعجب أحد الأشخاص الذين لهم رأي خاطئ في حسين مردان، بشعر أبي علي وأخرج جهاز التسجيل من دولاب قريب منا وطلب من حسين أن يسجل القصيدة بصوته وظل معجباً به حتى وفاته-وفاة الشخص - وقرأ ديوانه الأخير-طراز خاص- بكل دقة وكان يسألني عن كثير مما فيه، فهو لم يلتق بابي علي في أيامه الأخيرة., ولأقل من هو هذا الشخص، إنه كامل الجادرجي، ولابد أن التسجيل الصوتي لحسين لا يزال في مكتبته فقد كان يعتز به.كنت اقول للجادرجي بصراحة أنه لا يمكن أن يفهم حسين مردان وجيل حسين مردان، لأنه نشأ مع جيل الزهاوي وكان يتردد عليه يسمع منه شعره، ومع جيل الرصافي واعجابه به معروف، وقد تقدم به العمر فهو لن يفهم حسين مردان شاعراً لأن ذلك شبه مستحيل. قلت هذا او ما يماثله لعزيز شريف مرة، وكان عزيز شريف وكامل الجادرجي يردان القول بأنهما يقدران لحسين موقفه السياسي والمبدئي بلا تردد، فقد كان كل من يعرف حسين مردان شخصياً يعرف أنه رجل ملتزم. الشيء الوحيد المختلف عليه هو-شعره الجنسي- وهل كان يتفق مع التزامه أم لا.هل هذا هو السؤال إذن؟جاء حسين مردان الى بغداد من قريته بعقوبة - فقد كانت ما تزال إذ ذاك قرية، بعد أن لعنه أهل قريته لأنه كان يعتزل الناس في أطرافها ويحمل العصا، أو أية صورة تستحق اللعنة في القرى، وفي بغداد اقتحم المجتمع المدني بكل سخريته بالغريب. وحسين الشاب لم يكن خالي الوفاض-على ما يعتقد أي قروي يحمل بضعة دراهم- ولكن دراهمه لم تكن نقداً، فقد كانت قصائد ساذجة  إحداهما كما روى لي قصيدة حماسية ألقاها في تظاهرة وطنية في بعقوبة- وبقدر ما احتفظ بوضعه الذي جره معه من قريته، وضع أهله ومحيطه الكادح، فانه لم يتجه في ذلك الوقت أبداً- اتجاهاً منحرفاً، فقد عمل في مختلف المهن لكسب عيشه بما في ذلك عامل بناء، وقد روى لي تجربته تلك وهو يحمل الطين إلى الطابق الثاني أو الثالث في البناية التي يعمل في بنائها فيهوله مرأى الناس صغاراً في الشارع المجاور، وهو في-دشداشته- وفوق رأسه قفة الطين. فهو لم يختر التشرد يوماً ما وإنما فرض عليه التشرد في فترات معينة في حياته ولأسباب سياسية في كل حالة.كان في تشرده الأول قريناً لبلند الحيدري. وبلند الحيدري شاعر تمرد على عائلته الارستقراطية والتي لها صلتها بأجزاء العائلة الثارية الأخرى. كان أمامه في ذلك الوقت- وقد جاء من القرية غريباً غير معروف الإنتماء- أن يواجه صداقته مع بلند الوجهة المربحة. ولا أعرف كل تفاصيل رفقة حسين وبلند في تشردهما ذلك، فلم أكن أعرفهما، وهما تحدثا لي بشيء قليل عنها، ولكنني استنتج أن حسيناً قد فضل أن يرافق بلند في التشرد على ان يرافقه على بيت أقربائه والأغنياء، وكان بلند على ما يبدو لي يجد في تلك الحياة حقلاً صالحاً للحراثة والزرع لما هو عجيب. كل هذا يدل على نبل والتزام حسين مثلما يدل على نبل والتزام بلند الحيدري.المهم في الموضوع، سواء صحت تلك الصورة أن لم تصح، هو أن حسين مردان لم ينقل في تلك الفترة قدميه إلى حي بعيد، فهو قد ذهب الى جريدة الأهالي القريبة من مقهى الزهاوي-والماهي الأخرى التي يلتقي فيها الأدباء- ليبدأ عمله الصحفي الطويل مخبراً محلياً ومصححاً في تلك الجريدة. ومع إنه لم ينتم قط إلى الحزب الوطني الديمقراطي، ولا إلى أي حزب آخر كما أعلم، فإنه استفاد بالتأكيد من كتابات الأهالي التي كان صحح بروفاتها في المطبعة-وأصبح فيما بعد ينام ليلاً في زاوية خاصة من بناية المطبعة المذكورة- وفي تلك الفترة نظم شعره الذي ضمه فيما بعد ديوان-قصائد عارية-.الشعر الذي عرف به حسين مردان ذلك كان موضع لعنة الناس..ولكن أي ناس؟ إنهم أولئك الذين لم يفهموه وأولئك الذين أحسوا فيه خطر الثورة على المثل البورجوازية المتحجرة ثانياً. فحسين مردان في شعره-الجنسي- لم يختر نماذجه إلا على أرض الفقر والبؤس، ولم تكن أفكاره حالمة مشرقة بهيجة كما يراد من شعراء الطبقات المالكة، وإنما كانت واقعاً فنياً قاتمة مدمرة كما يجب أن تكون عليه أفكار شعراء الفقراء البائسين.أليس هذا من الالتزام في شيء؟نعم وبلا شك. حتى شعره المكابر، مثل أن يقول:ها أنا ذا رجل الضباب ومن له  في كل موبقة حديث يذكرلم يكن إلا تحدياً للمث

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

كلوب بعيد عن تدريب المنتخب الأمريكي بسبب "شرط الإجازة"

"مشروع 2025".. طموح ترامب يتحول لسلاح بيد بايدن

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram