TOP

جريدة المدى > غير مصنف > توقعات عجيبة في حياة الراحل حسين

توقعات عجيبة في حياة الراحل حسين

نشر في: 14 أكتوبر, 2009: 06:46 م

عبد المنعم الجادرثمة نقاط في حياة بعض الناس قد لا تصدق..لأنها تكون أشبه باستجلاء للغيب..ومثل هذه النقاط في حياة الزميل الراحل المرحوم حسين مردان قد لا تصدق من قبل بعض الناس.. لكنني لمستها طوال ملازمتي له خلال ربع قرن أو أكثر.. واللقطة الأخيرة أحدثت دوياً رهيباً في أعماقي في الأقل!.
-في الساعة الثانية من ظهر يوم13-9-1972 كنا معاً- الزميل الراحل وأنا-..وحديثنا كان عن الحياة وقصرها..ويومها قال لي إنه متضايق من لا شيء..وافترقنا على موعد في اليوم التالي.-وفي الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي إنساب صوت أحد الأخوان عبر أسلاك التليفون يقول لي أن((أبو علي)) أصيب بنوبة قلبية وهو يرقد الآن في مؤسسة مدينة الطب..وبعد ثمانية أيام تحسنت صحته وقال لي مبتسماً:-هذه لمرة الأخيرة..تأكد أنني سأموت!.وبدعابة قلت ضاحكاً:-تماماً كما قلتها لألف مرة سابقة!.-أبداً..هذه المرة الأخيرة..وسأفارق الحياة.وبعد عشرين يوماً انطفأت شمعته..وانقطع وتره..وغابت الشمس من حياته فانتقل إلى عالم آخر في الموعد الذي وقعه.!هكذا بسهولة مات((حسين مردان))..صاحب اقلب الطيب.. وصاحب أغرب نقاط للتنبؤ..منذ سنوات طوال!يوم قدم((حسين)) الى بغداد في الأربعينيات قادماً من قريته في أطراف((بعقوبة)) لم يكن قد تجاوز السابعة عشرة..لم يكن يحمل في رأسه أية أمنيات عراض.. أو أية أفكار لمغامرات طوال..بضع قصائد وآراء كان رأسه يضج بها بما حفظه عن((كامو)).. و((بودلير)).. و((بايرون)) أو((غوته)) و(نيتشه)) مما ترجم لهم ولغيرهم للعربية..وبضع هفهفات من((معلقات)) العرب..وما تركز((للجواهري)) أو من ماثله من شعراء العربية من أبيات قصائد..ويوم صدرت له مجموعة((قصائد عارية)) حاكم جزاء بغداد الذي قدم أمامه لإصداره تلك المجموعة صرخ به قائلاً:-إنك تشابه بودلير شعراً مكشوفاً!.*خطوات المدرسة الأولى!المتتبعون لحياة رواد المدرسة الشعرية الحديثة..والمدرسة القصصية الحديثة..والمدرسة الصحفية الحديثة فيما بين منتصف الأربعينيات والخمسينيات يعرفون أن ثمة (مقاه)) تأرجحت مكانتها بين((الشعبية)) و((الأرستقراطية)) كانت بمثابة((مقرات)) لابراز انفعالات((فرسان)) هذه المدارس..ومن هذه المقاهي كان ((مقهى محمود)) في منطقة باب الشيخ.. و((مقهى التاج)) في منطقة الكسرة و((مقهى زناد)) في البتاويين و((مقهى أكرم)) في شارع الأمين وغيرها من المقاهي التي كانت تجمع((رواد)) المدرسة الحديثة للشعر والقصة والصحافة..ومنهم كان((حسين مردان)) و((بدر شاكر السياب)) و((بلند الحيدري)) و((غائب طعمة فرمان)) و((كاظم جواد)) و((صفاء الحيدري)) وغيرهم.. ومن هذه المقاهي كانت قصائده الأولى..كما كانت قصائد زملائه الآخرين!.حب ونبوءات و..موت!الطيبة وحدها لم تكن مزية((حسين مردان)) الوحيدة..بل كانت الحب والوفاء من مزاياه أيضاً..ويوم عمل في جريدة((الأهالي)) اندفع في حبها بكل خفقات قلبه. ويوم تعرضت لشبه اغلاق مرض((حسين مردان))..ولم يتماثل لشفاء حقيقي حتى انتهت المضايقات عن الجريدة.وبعدها بسنوات لقيته في ((براغ)) مصادفة..وسألني عن الفترة التي سأمضيها هناك..وعند إخباري إياه بأنني سأمضي بضعة اشهر قال لي أنك ستعود للوطن بعد ايام..وصحت قولته، تلقيت برقية بوفاة ولدي.. وعدت إلى الوطن بعد ايام!.*السقطة النهائية!في الساعة الثامنة والنصف من صباح يوم 14-9-1972 كان في دار الإذاعة يمرر أنامله فوق قرص التليفون ليتصل بصديق.. وفجأة سقط مغمى عليه..وإلى مؤسسة مدينة الطب نقل..وبعد أسبوع تحسنت صحته كثيراً فنقل من قسم((العناية المركزة بالقلب)) إلى الطابق الثامن للمؤسسة. اللحظات الأخيرة في حياته..وبقيت حالته الصحية تسودها الراحة..ويشرف عليها لفيف من أطباء المؤسسة منهم الدكاترة إحسان البحراني ومجيد الشماع وعادل عبد الغفور ومصطفى سليم وحميد الشمر وحسين حبوش وحسان كيسو ووجدي جلال..وقبل ثلاثة ايام من انطفاء شمعته شعر بأزمة في قلبه فنقل إلى قسم ((العناية المركزة بالقلب)).. عولج فارتاح..وفي الساعة الثانية عشرة من ليلة 3-4/10/1972 حدثت له ما تسمى في عالم الطب حالة((احتشاء العضلة القلبية)) صاحبتها حالات عدم انتظام في خفقات القلب..واستمرت حالته الصحية تسوء..وتسوء..وفي الساعة الثالثة والربع تماماً من نفس الليلة توقف القلب الطيب عن الخفقان.. وتقطعت الأوتار المرنة في عالم البراءة والطيبة..وتوقفت الخفقات نهائياً.. وارتحل حسين مردان إلى عالم ثان توقع إنه سيلجه في الأيام الأولى للشهر الجاري..وفي الساعة الرابعة و45 دقيقة من مساء4/10/1972 كانت ثمة دموع..وارتعاشات شفاه..ونشيج..ومن الباب الرئيسية لاتحاد الأدباء العراقي سارت القافلة تودع((أبو علي)) إلى مثواه الأخير في النجف الأشرف.. جريدة الجمهورية 6-10-1972

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

صحيفة عبرية: "إسرائيل" وأميركا يخشوّن أنصار الله كونها جهة يصعب التغلب عليها

الأنواء تحذر من رياح عالية في العراق

مقتل إعلامية لبنانية أمام المحكمة

لا حلول لـ"الشح".. العراق يلوح بـ"تدويل" أزمة المياه مع تركيا لزيادة حصصه

اعتقال قاضي المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا بسوريا

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

السوداني يعرض المساعدة على السوريين لضمان تمثيل مكونات الشعب في النظام الجديد
غير مصنف

السوداني يعرض المساعدة على السوريين لضمان تمثيل مكونات الشعب في النظام الجديد

بغداد/ المدى أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مساء الأربعاء، استعداد العراق لتقديم المساعدة للسوريين، بما يضمن تمثيل جميع مكونات الشعب في النظام الجديد. جاء ذلك، خلال استقبال رئيس الوزراء، لوزير الدفاع الألماني بوريس...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram