حازم مبيضينتستحق مصر كل الشكر على صراحتها، وهي تتهم حركة حماس بتعطيل المصالحة الفلسطينية التاريخية، لرفضها التوقيع على الوثيقة التي استنزفت جهد ثمانية أشهر من المفاوضات المضنية، وتستحق الشكر حين اعتبرت أن الذرائع التي ساقتها حماس لتبرير رفضها التوقيع غير مقنعة،
وتعكس عدم توافر النوايا الحسنة، ووجود حسابات لديها مرتبطة بأجندات خاصة، وأن حماس تسوف وتتهرب من استحقاق المصالحة الوطنية، متذرعة بموقف السلطة من تأجيل تقرير غولدستون الذي أدانته الحركة فور صدوره، وهي تعلم اليوم النتائج المنتظرة منه، لكنها تؤجج الساحة الفلسطينية بمناخ مفزع، متجاهلة أن مصر دولة لها حجمها وثقلها الكبيرين، وأنه يتعين عليها التعامل معها على هذا الأساس، لانها ليست منظمة أو حركة سياسية، أو فصيلاً أو تنظيما. وشكرا للقيادة المصرية وهي تؤكد أنها لن توقف جهودها من أجل المصالحة، وتتعهد بمواصلة العمل على خلق المناخ المناسب للمصالحة في أقرب فرصة ممكنة.حماس كعادتها في مثل هذه الحالات تحدثت بأكثر من لسان، فقد قال طاهر النونو المتحدث باسم الحكومة المقالة إنه تم تأجيل زيارة وفد حماس القيادي للقاهرة، بسبب وجود مدير المخابرات العامة عمر سليمان في زيارة خارج مصر، في حين أكد عضو مكتب حماس السياسي محمد نصر أن الوثيقة التي أرسلتها مصر للتوقيع ليست مطابقة للنسخة التي كانت تسلمتها حماس في أيلول ووافقت عليها، وأشار عزت الرشق وهو عضو آخر في المكتب أن لحركته ملاحظات على اتفاق المصالحة، تتعلق بنقاط لم توافق عليها في اتفاق المصالحة الذي أعدته مصر. وقال مصدر في الحركة إن هناك نقاطاً في الورقة المصرية بحاجة إلى نقاش قبل توقيعها، وتوسعت الدائرة حين طالب القيادي الحماسي أحمد يوسف الدول العربية بضمانات بأنها ستدعم أي حكومة تنبثق عن الانتخابات المقبلة، والواضح من كل ذلك أن آراء قياديي الحركة ليست متطابقة، وأن هناك فريقا يسعى لتخريب الجهود المصرية لحساب جمهورية الملالي التي تحارب هذا الدور وتسعى لتهميشه.قد ينجح المتنفذون في قيادة حماس مرحلياً في التشويش على دور مصر القومي، لحساب إيران وغيرها، لكن المؤكد أن الفشل سيطيح بمخططاتهم على المدى البعيد، فمصر التي قدمت من الشهداء لصالح القضية الفلسطينية أضعاف ما قدمته حماس، لا يمكنها التخلي عن دورها في حل هذه المعضلة سلمياً، لأنها تدرك أكثر من غيرها تبعات بقاء ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مفتوحا على كل الاحتمالات، وستتلقى مصر الدعم من كل القوى الخيرة في عالمنا العربي، وفي نهاية المطاف ستجد حماس نفسها معزولة، ومجبرة على إتقان اللغة الفارسية لتظل على قيد الحياة، والمؤسف أن أصحاب الرؤوس الساخنة في قيادة هذه الحركة يتجاهلون التطورات المتسارعة في الساحة الداخلية لجمهورية الولي الفقيه، وتعمى عيونهم عن رؤية ما يجري في تلك الساحة، وعندها لن ينفع الندم لانه لا يصح إلا الصحيح.
خارج الحدود: وسيظل لمصر دورها
نشر في: 19 أكتوبر, 2009: 06:52 م