اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > فــــيـــلــــم "صــــيـــــاد الـــيـــــمــــام": المعالجة السينمائية تش

فــــيـــلــــم "صــــيـــــاد الـــيـــــمــــام": المعالجة السينمائية تش

نشر في: 21 أكتوبر, 2009: 05:44 م

برع إبراهيم عبد المجيد- في الرواية طبعا- في وصف شتاء الإسكندرية، هذه المدينة التي ارتبطت في الأذهان كمصطاف.. يصور شتاء صباح قاس، في محطة القطار الخالية، والتي تحضر بقوة في معظم قصص وروايات عبد المجيد. الريح تعوي،
والشمس سكنت في جوف السماء وأعطت ظهرها للأرض. هذه المتعة التي نصادفها في القراءة تجاهلتها الكاميرا : "برد اليوم مختلف رغم أن الشتاء الطويل يأتي كل عام. إنه يعرف ذلك ولا يستغرب. من سبق أن استغرب لدوران السنين؟"، وعربات السكك الحديدية الفارغة فتبدو مثلاً لصياد اليمام "طابوري حزن". الرصيف خال، والعصافير قليلة وهو لا يصطادها.. "ربما حين غمر النور المدينة تعلق الناس بخيوطه الواهنة وصعدوا جميعا إلى السماء وهو بعد نائم مع زوجته. علمته العربات الصمت.علمه شتاء الإسكندرية الخشوع. كيف يكون الفرح في شتاء دافئ !؟ ". ويكتب إبراهيم عبد المجيد عن قاع المدينة، ومعاناة العمال الوافدين: "وفي المقاهي الرخيصة السوداء، حيث تختزل الرجولة في ضربات أكف حامية فوق المناضد، بعد هزائم وانتصارات في الدومينو والورق ينسى أبناء الشمال الإسكندرية. يعطونها ظهورهم ويفتحون عيونهم على مدن جديدة. والإسكندرية الصغيرة الطويلة، ممتدة كامرأة نائمة ممشوقة لينة القوام، لها عجيزة مترهلة كثيفة الشعر والقمل. تعطي الإسكندرية أبناء الجنوب جنوبها حيث العفن في الشوارع المتربة الضيقة الموحلة والبيوت المكومة فوق بعضها. يرحل أبناء الشمال بعد أن يمصوا لبن الضرع القوي ناصع الحمرة والبياض. تظل عجيزة الإسكندرية مسك الختام لأبناء الجنوب". صيد اليمام لم يكن سوى تسلية نصحه بها زميله (طلعت زكريا في الفيلم)، ولم يكن يعرف، من قبل، أن في الدنيا يماما، وإن سمع الكلمة ترددها أفواه الرجال واصفين بها النساء: "طالما تعيش وحدك مثلي لماذا لا تصطاد اليمام؟". ويمضي رافعا عينيه وبندقيته مستعدا للتصويب في أي لحظة. ولا ييأس رغم أنه لم يصطد يمامة منذ خمسة أعوام. ليس اليمام -وحده- من اختفى، وإنما زميله، وقبله أمه، تلك الجنية الجميلة الوديعة، وكذلك "قمر" بائعة الشاي، والشرطي والعجوز صديق الثعابين، وهند جامعة حبوب القمح من أرصفة السكة الحديدية... خمس سنوات يمضي ببندقيته ومخلاته ولا يصطاد شيئا، ولا يفكر في أن يجرب تغيير المكان. ومن شخوص الرواية اللاتنسى.. الشرطي (يجسد دوره صلاح عبد الله) ، وربما -لأول مرة في تاريخ الرواية العربية-، يقدم لنا كاتب شخصية بغيضة بمثل هذه الحساسية والشجن. فالشرطي يشير إليه أن يجلس، ويفاجئه بأنه كان يراقبه كل هذه المدة، و ذلك اليوم فقط يكلمه. الشرطي وحيد معزول، لا يغادر كشكه ويحتاج إلى من يكلمه. "-غريب أنك تصطاد هنا منذ أكثر من خمسة عشر عاما ولا تعرف المنطقة. -إنني أعرف الأرصفة وهذا يكفي. وضحكا. فكر الشرطي قليلا وقال. -حقا. هل تعرف أني مثلك لا أعرف غير هذا الكشك؟.". ويخبره الشرطي برغبته في أن يستقيل، لأن مهنته لا معنى لها، وفي منطقة واسعة ومكشوفة كالتي بها، لا أحد سيسرق قطارا أو يجر عربة سكة حديد إلى المدينة."لماذا أجلس إذن هنا؟. ويتضح له أن المنطقة التي يراقبها تقل عاما عن عام، بسبب ضعف بصره. لكن صناع الفيلم شوهوا هذه الشخصية بإضفاء بعض توابل السينما عليها، حتى صارت نمطية... اليمام ليس سوى حنان الأم الفقيد، التي اختفت بعد أن تزوجها العم قسرًا... فيبحث عنها صياد اليمام في كل شيء، ويعجز عن أن يحب زوجته التي لا يعرف حتى اسمها، بينما في المعالجة السينمائية يتم تلفيق قصة حب بين صياد اليمام/أشرف عبد الباقي وسماح/علا غانم على غرار أفلام المقاولات التي تسند بطولتها إلى مراهقين، يتمتعون في أغلب الأحيان بـ "خفة الدم"(أو بمعنى آخر التفاهة)، فنراه يحاول سرقة إعجابها بأن يتشاجر مع نادل المقهى المقابل لبيتها، ثم يتنكر في هيئة الجابي عند رؤيتها بالترام… !! حين تظهر يمامة يفشل في إصابتها، (للأسف هذه اليمامة لم تظهر في الفيلم)، رغم أنه- في الرواية طبعا- أفلح في إصابة الثعبان الذي يتربص بالعصافير بمهارة، وكأن إبراهيم عبد المجيد بهذا الحدث (الانتقام للعصافير) يواسي البطل والقرّاء، بل ويفلسف الحدث وكذلك صيد اليمام متحدثا عن الظلم والعدالة... لكن في الفيلم لا نجد أثرا لشجرة التوت ولا للثعابين، وصديقها العجوز وكشكه، بل إننا سنحتار في أمر شخصية هذا العجوز.. هل هي شخصية البهلوان (علاء زينهم) الذي قابله سيد/ المراهق بعد قتل العم وهروبه من البيت، بغض النظر عن تمطيط الزمن الفيلمي، فنراه -سيد- بهلوانا فاشلا، ثم يعمل بائعا متجولا، مع أن الرواية تتحدث عن عجوز حاوِ، وشتان بين الحاوي والبهلوان... سيلفت انتباهنا أن كاتب السيناريو يفصل الأحداث والشخصيات حسب هواه، فشخصية العجوز طلبة شطرها إلى شخصيتين مختلفتين، متناقضتين وفاترتين معًا... أدى إحداهما لطفي لبيب، وهو يصطاد السمك- وهو الحاوي في الرواية-، والثانية هي الشخصية التي شخصها علاء زينهم؟ لكن الأغرب والمدهش هو اختراع شخصية المصور جورج، وهي غير موجودة ب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram