حازم مبيضين مؤسف أن تضطر السلطة الفلسطينية إلى نشر إعلان، يتضمن الرسالة الموجهة من ريتشارد فولك، المقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، إلى الرئيس محمود عباس، والتي يؤكد فيها عدم وجود علاقة بين نجلي الرئيس، والشركة الوطنية للاتصالات،
بعدما كان اتهمهما في تصريحات لفضائية الجزيرة بملكيتها، وربط ذلك بتأجيل بحث تقرير غولدستون، ولعله مفيد أن نقتطف من رسالة فولك أنه (يعتذر عن أي أذى غير مقصود أكون قد سببته لعائلة الرئيس محمود عباس نتيجة تكراري المزاعم غير الصحيحة التي كنت قد صرحت بها لقناة الجزيرة، خاصة أنني زعمت أن وجود علاقة في ملكية الشركة الوطنية للاتصالات من قبل عائلة السيد الرئيس محمود عباس قد يفسر السبب الذي حدا بالسلطة الفلسطينية في جنيف لطلب تأجيل التصويت على تقرير غولدستون).والقصة لم تبدأ عند فولك واعتذاره وإنما سبقته وزارة الاتصالات الإسرائيلية، التي اعتذرت أيضا عن تصريحات نسبت إلى واحد من مسؤوليها عن وجود علاقة ما بين طارق عباس، وشركة الاتصالات الوطنية، وقدمت اعتذارها عن أي خلل أو إساءة أو سوء نية للمساس بعباس، ولم يأت هذا الاعتذار إلا بعد أن أقام طارق دعوى قضائية بتهمة التشهير ضد الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية. العديد من وسائل الإعلام والقنوات الفضائية وفي مقدمتها وعلى رأسها فضائحية الجزيرة التي اتهمت الرئيس عباس بطلب تأجيل مناقشة تقرير غولدستون مقابل أن تقوم إسرائيل بالسماح للشركة الوطنية للاتصالات بالعمل في الأراضي الفلسطينية، معتمدة في ذلك على تصريحات فولك، تجاهلت رسالة الاعتذار، ولم تتعامل معها بمهنية وحيادية كما هو مفترض، مثلما تجاهلت اعتذار الوزارة الإسرائيلية، ما حدا بنجلي الرئيس لنشرها كإعلان مدفوع الأجر، ليوضحا للمواطن العربي مدى الظلم الذي لحق بهما وبوالدهما، وليؤكدا انحياز الجزيرة ومن يقف معها للجهات الرافضة للحل السلمي الذي يتبناه عباس، ولو كان الإعلام العربي الذي أقام الدنيا ولم يقعدها على تأجيل بحث التقرير واقعياً ويعتمد الصدقية، لنشر رسالة الاعتذار مثلما نشر الكثير من الأخبار الملفقة والمقالات المتحيزة ضد الرئيس الفلسطيني.قد يكون في هذا الحدث ما يدعو لمراجعة أداء بعض الأجهزة الإعلامية، التي تتبنى أجندات محددة، فتوظف أخبارها وتعليقاتها وبرامجها، وحتى إعلاناتها، للدفاع عن تلك الأجندات، وهذا من حقها ولا ينازعها فيه أحد، لكن المثير للأسى أن تتبجح هذه الأجهزة بحياديتها ومهنيتها، وتملأ الكون صراخا عن موضوعيتها، في حين تؤكد الوقائع أنها تتصيد بعض الأخطاء، عند من لا تتفق معهم، فتحولها إلى خطايا، وإلى مشاكل تستعصي على الحلول، في حين تغض الطرف – ليس حياءً – عن خطايا يتم اقترافها عند من تلتقي معهم في الأهداف، وتغمض عينيها، وتنام ليلها الطويل متجاهلة لأحداث قد تكون لها تأثيرات عظيمة على مستوى العالم، لكنها لا تتوافق مع هوى تلك الأجهزة.
خارج الحدود: إعلان الإعلام
نشر في: 21 أكتوبر, 2009: 06:49 م