TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > التيار الحسي في موسيقى فريد الاطرش

التيار الحسي في موسيقى فريد الاطرش

نشر في: 23 أكتوبر, 2009: 04:31 م

عادل الهاشميتقودنا ذكرى فريد الاطرش، الى اعتبار ان فنه، هو محاولة لاسترجاع القيم المستلبة في الغناء العربي، ولابد من الوقوف ازاء هذه الجملة المربكة. ففريد الاطرش لا يأتينا بشيء خارج ذوقنا! ولكنه يكتفي باستيطان تلك الافكار المحرمة عن الحب على اعتبار ان استرجاع ما استلب من الحرية في الحب هي ضروب من الرغبات مقيمة في دواخل الفرد العربي،
 فهو منتجها وصانعها وعليه فان فن فريد الاطرش يتركز في العودة الى استيطان تلك الحرية المحرمة حيث تستطيع ان تلعب دورا مطهرا ومأخوذا على انها هدف محبو بارادة تعبيرية.والحق ان موسيقارنا جاء ليجلو بفنه عن واقع يحمل صدأ اسطوريا متراكما بفعل اوهام كونتها اجيال ازاء الحب في الغناء، ولهذا كان فنه دائما مواجهة واقع غير ان هذه المواجهة كانت تتحرى ذلك الاستبدال القسري للواقع بالخيال! فمع فريد الاطرش تم نزع الغلاف الاسطوري عن صورة الانسان المحب، الا ان ذلك اتخذ شكلا خياليا في التعبير ولم يتخذ اسلوبا واقعيا!ولنتبع فن فريد الاطرش، فنجده ذلك الفنان الصانع لاوهام معيارية في الحب المعبر عنه غنائيا! حيث جرى تريد الحب في الغناء من واقعيته ومعناه عن طريق خلق خيال مثالي تم تشييده من الاوهام غير المحتملة ان في اغنيات فريد الاطرش امتدادات من الازمات لا نرى فيها ما تطرحه الحياة من افكار ولن نرى ان الاوهام ههي التي تطرح الحياة على اعتبار انها ايعازات ما فوق استطاعة الفرد وهي ايضا نداءات تعرف نفسها بمفردات لغوية ذاتية. والمحب في اغنية فريد الاطرش هو انسان لا يعدو ان يكون حركة عبور الى مثالية شفافة مغرقة بالحيوية، تؤشر واقعا انسانيا، لكنها لا تفسره!خسرت الدينامية الحسية في الحان فريد الاطرش برديفها الموضوعي الشعري، بعضا من الخيارات اللغوية المنسجمة والمتسمة بشيء من الانضباط الواقعي، لكن ذلك لم يكن الا لطخة من التاريخ الشخصي للفنان، نسجت مشاريع حرة لانسان يكافح باتجاه انقاذ عواطفه من الانخفاذ والتشتت... عندها حل البناء الميكانيكي في التأليف الغنائي محل البناء العضوي! وهكذا يتبدى الوعي الثقافي في الغناء باعتباره العدو الحقيقي للاوهام، غير ان اطروحات فريد الاطرش الغنائية لم تكن الا صورة عبرت عن حجم من الواقع بامانة صحيحة ولكنها ايضا صورة لتجربة حياتية غير اعتيادية ت لمست الاغنية عند الموسيقار الراحل، ملامح التراجع الظاهري والمؤقت للروح الاجتماعي في الحب، غير انها امتلكت خزينا من المعاناة، هذه المعاناة اضحت علامة لجيل بأكمله ولهذا رمزت اغنية فريد الاطرش في الحب الى الانتظار اكثر مما رمزت الى الاكتشاف بمعنى ان هذه الاغنية طرحت الحب على اساس ما هو تقليدي وغبي ولم تساهم في تغيير المحتوى او تنوير الاحساس الانساني لانتاج شكل تعبيري لا يعطي للحب جوابا حاسما لمشكلاته، ا نما ينبئ عن اصالة الانسان، ذلك ان هذه الاصالة هي التي يغتني الحب بتحديداتها ولهذا وقف الحب في الاغنية فريد الاطرش في المسافة التي ت فصل بين هشاشة المحب وسموه لكن الحب في الاغنية الاطرشية كان بحاجة الى ان يطرح الغازه والا يكف عن كونه حبا يبوح ولا يبوح، يمنح ولا يمنح يعاني ولا يعاني، ولم نستطع فهم الغاز الاغنية الاطرشية، الا بعد ان نتعرف على جميع الملامح التي شكلتها في فترة مارست البرجوازية العربية بعد الحرب العالمية الاولى الى الحرب العالمية الثانية، استلابا حقيقيا لحرية التعبير عن المفهومات الانسانية، ولنقف عند هذه النقطة قليلا.لم يكن في الاغنية العربية والاطرشية على وجه الخصوص، اي مجرى لتطور الافكار والموضوعات، بل كان هناك مجرى لتطور المطالب، المطالب التي تعني حرية مفتوحة للتعبير عن العواطف لا على المستوى الانساني، انما على مستوى الالغاز والمحب في الاغنية العربية هو منتج كلما ينتمي الى حظيرة الالغاز، غير ان البرجوازية العربية بحكم خبرتها حاولت ان تقود التعبير عن المطالب في الالغاز الى حالة من الفائل فهي تسعى الى تدعيم احتلالها للمركز الاجتماعي والسياسي بدعوى تلك الفضائل التي تتحدث عن الخير والانتصار والاخلاق العامة على ان الوسيلة النفسية لمسعى البرجوازية العربية وجد ضالته في الاغنية التي كانت خير ناشر لافكار تلك الطبقة الباحثة عن الامل الكاذب في صحراء من التفاصيل غير المجدية وسارت الاغنية العربية لتتفحص الطبيعة البنيوية للحب في المجتمع برتابة الطبيعة البنيوية للحب في المجتمع برتابة عنيدة، ولهذا جاء الحب صورة مغشوشة لاحلال الانسان الحقيقي، ذلك ان الطبقة البرجوازية اثرت ان تقصي من حركة المجتمع كل الطبقات المسحوقة التي يقع على عاتقها كل الاعمال الانتاجية وبالتالي فانها لم تظهر في الصورة التعبيرية للاغنية العربية، ذلك ان الفن المنبثق من الطبقة التي لا تمارس دورا في العملية الاجتماعية. هو فنت لا يعبر عن الحالة الانتاجية للمجتمع فخرجت الاغنية تحمل اناقة ارستقراطية، لكنها لا تطير باجنحة القوى الحقيقية التي نهض عليها المجتمع البرجوازي وهكذا تسنى للاغنية العربية والاطرشية على وجه الخصوص ان تعبر عن طبائع في الحب ولم تعبر عن اوضاع اجتماعية ذلك ان التعبير عن هذه الاوضاع كان في حالة اقصاء تام من سياق ومضمون الاغنية غير ان الهام الاغنية الاطرشية اشكالها، انغامها، مقاماتها، تعبيراتها، استمد حضوره لامن خل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram