محمد مزيد النداء الذي وجهه 200 رجل دين من الكنيسة الكاثوليكية الى القادة المفسدين في افريقيا يحمل في طياته اكثر من رسالة ، لعل ابرزها التوبة او مغادرة الحكم . ويقرأ النداء ، بما يحمل من طرافة وجدية في آن معا ، من زاوية ان قادة افريقيا السوداء ، هذه القارة المكتظة بالفقراء ،
ولكنها العامرة بالخيرات والكنوز ، لا يمكنهم أن يعوا اهداف النداء ويركنوا الى جانب العقل والحكمة في ان يتخلوا عن فسادهم او كراسي حكمهم .بل ان الكثير من دكتاتوريات العالم الثالث تقريبا لايمكنها ان تنصاع الى المنطق الصحيح في ادارة حكم بلدانهم ، وترفض ان تلجأ الى الحلول الحديثة في جعل الديمقراطية وصناديق الاقتراع هي البديل عن الانقلابات العسكرية وشوارع الدم المراق ، من خلال وضع القائد الافريقي الذي يريده شعبه في المكان المناسب .ان محنة نظم الحكم في العالم الثالث قد اطرت بمفهوم فلسفي بأن وجودها في ادارة البلاد متأت على اساس الارتفاع بالذات العليا التي لاترى ذاتا اعلى منها ( وهل كان صدام مثلا يرى احدا اعلى منه ) وهذه النظم تنطلق من اطار مؤداه ان القائد او الرئيس او الملك الافريقي او غيره يرى نفسه على الدوام بديلا عن الشمس ، ولايمكن للبلاد ان تحيا بالنور ، وان تعيش من دون وجوده اذا ما غابت الشمس عنه ، اي غيابه هو بالذات .يجب الا ننسى الدكتاتوريات السابقة في إفريقيا حين كان الحاكم يضع لحوم البشر في مجمدته يتناولها كوجبة طعام دسمة كلما جاع ، فضلا عن اساليبه في اثراء ثروته القارونية من خلال شركات الاستثمار الرأسمالية التي مزقت هذه القارة شر تمزيق .ان نداء الكنيسة الى المفسدين الافارقة سيكون مجرد كلام على ورق ، اذ لاحياة لمن تنادي ، فالشركات الرأسمالية التي تنهب خيرات هذه القارة لايمكن ان تجد لها موطئ قدم لو لم يقدم هؤلاء المفسدون كل انواع الاغراءات للاستثمار في ارض تموج بالثروات الطبيعية ، ولعل الصراع الذي نشهده بين تلك الشركات قد اخذ حيزا مهما من افلام السينما العالمية التي فاز بعضها بجوائز الاوسكار .في ظننا ان طرافة النداء يأتي من كونه لا يلقى صدى في الانتلجيسيا الافريقية باعتباره غير ملزم ولايحرك الضمائر التي تكلست بالثراء والنهب وشرب دماء الشعوب .في عالمنا العربي ، هناك الكثير من الدكتاتوريات التي تحتاج الى نداء عاجل لكي يتخلى الحكام عن التمسك بكراسيهم من اجل تخفيف وطأة الاضطهاد والاستبداد واعطاء الفرصة للاصوات الحرة التي تنادي بتحرير الشعوب من كل انواع الحكم الفردي ، الاستبدادي .. وخصوصا لدينا بلدان عربية عديدة تحتاج الى نداء مؤثر وعاجل حتى يفيق الحكام من سباتهم ،كما علينا ان ننتظر الى اي مدى سيستجيب الافارقة الى اصوات الـ 200 رجل دين الذين اعتقدوا أنهم قد ينجحون في توبة القادة الافارقة او ان يتخلوا عن الحكم .
نافذة على العالم: نداء إلى القادة المفسدين في إفريقيا!
نشر في: 24 أكتوبر, 2009: 05:43 م