TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > إبراهيم صالح شكر وطنية في النضال وأصالة في الشخصية

إبراهيم صالح شكر وطنية في النضال وأصالة في الشخصية

نشر في: 25 أكتوبر, 2009: 05:10 م

جاسم كريم حبيب تمهيد لقد حظي تاريخ الصحافة في العراق الحديث بشخصيات وطنية فذة، كان لها دور فاعل في نهضتنا المعاصرة، سواء أكان ذلك على مستوى مباشر وملاحظ ام على مستوى ضمني ومستتر، لا يسع الدارس الا ان يعبر عن اعجابه الصادق بكفاحها الوطني المخلص الدؤوب،
على الرغم مما اصابها – وبسببه- من فقر وحرمان وتشرد واضطهاد وسجن.. وحتى انتظار الموت ايضا. ومع ذلك فلم يكن رد فعل هذه الشخصيات الكبيرة غير الصمود والتحدي ومواصلة الجهاد.. والدارس لهذا التاريخ سيجد – من دون عناء- نموذجا فريدا كان قد تصدر طليعة هذه الشخصيات الوطنية الفذة تجسد بشخصية (ابراهيم صالح شكر) ولعل من اهم ما يسترعي انتباه الدارس لشخصية هذا الرائد الصحفي الكبير، هو هذا التوحد الحسي الصادق بين الخاص والعام، بين الذاتي والموضوعي، بين النفس ونفوس الاخرين.. لدرجة ان مثل هذا الاندماج قد بلغ بصاحبه الى مستوى الاجلال والقداسة، فالحياة الخاصة لديه لم تكن سوى الحياة العامة التي كان يكافح في غمارها طلبا للوطن المزدهر والمستقبل، ولربما لهذا السبب وليس لسبب سواه، ان الذي يتصدى للكتابة عن شخصية (ابراهيم صالح شكر) يكتفي بالنزر اليسير عن حياته الخاصة لضيقها او لاندماجها مع حياته العامة التي تمثلت بكفاحه الوطني المخلص، عبر الصحافة. ان شخصية (ابراهيم صالح شكر) تذكر دارس تاريخ العراق الحديث بشخصية سياسية فذة هي شخصية (محمد يونس السبعاوي) لاشتراك هاتين الشخصيتين بصلات قرابة روحية في اكثر من جانب، لذلك فليس من الالتقاء غير المقصود ان تتوطد بينهما صداقة حميمية راسخة متوحدة من ناحية الوسيلة في الكفاح ومن ناحية الغاية في الاستقلال سنشير الى طرف منها في هذا التحقيق. *الولادة والنشأة. ولد (ابراهيم احمد صالح شكر) في عام (1982) بمحلة (قهوة شكر) الواقعة في منطقة رصافة بغداد، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، كما يتعلمها اقرانه بمثل عمره في (الكتّاب) وانضم فيما بعد الى صفوف الحلقات الدينية واللغوية، فتتلمذ على يد مجموعة اساتذة افاضل كان من بينهم محمود شكري الالوسي ونجم الدين الواعظ.. ثم بدأ يرتاد مكتبات بغداد ليقتني الكتب، والكتب الادبية منها على وجه الخصوص، وكانت حصيلة هذه البداية ثقافة متواضعة تأثر من خلالها بكتابات جبران خليل جبران.. و مصطفى لطفي المنفلوطي وولي الدين يكن، وسواهم. لقد شغفت مهنة الصحافة (ابراهيم صالح شكر) منذ مطلع شبابه فانكب على (الكتابة في صحف ومجلات عديدة كان منها: (بين النهرين) و(شمس المعارف) و(الرياحين).. وقبل ان ينفى الى (درسم) في بلاد الاناضول، بمعية اخرين، لمعاداته الحزب الحاكم آنذاك، وهو حزب (الاتحاد والترقي) داهم مرض الطاعون الخبيث بيته، ليضع نهاية لحياة والده ووالدته وجدته، اثناء فترة قصيرة فلم تبق سوى شقيقته البالغة من العمر سبعة اعوام، وبعد تأسيس الدولة العراقية اصدر وعمل (ابراهيم صالح شكر) في صحف ومجلات عديدة كمجلة (الناشئة) و جريدة (الربيع) و(الزمان).. الا ان التوقف عن الاصدار كان من نصيب جميع هذه الصحف، مما اضطره الى السفر بتاريخ (8/ تشرين الاول/ 1928) الى سوريا ولبنان ومصر والاردن ثم عاد الى بغداد ثانية بتاريخ (9/ شباط/ 1929) ليعمل في صحف (المستقبل) و(اليقظة) بعد ذلك ترأس تحرير جريدة (الاماني القومية) التي كان مديرها المسؤول عبدالرزاق شبيب، فنشر في اول عدد صادر منها مقالا بعنوان (حفنة تراب على مرقد الباجه جي مزاحم الامين)، وكان من اثره تعطيل هذه الجريدة والزج به في سجن بغداد المركزي لمدة شهرين، لقد تقلب (ابراهيم صالح شكر) بين الصحافة والوظيفة فشغل وظائف ادارية في مختلف محافظات العراق كقائممقام لاقضية شهربان وتكريت وسامراء وخانقين والهاشمية والفلوجة والعزيزية وغيرها.. وعندما بزغت ثورة مايس الوطنية في العام (1941) اعلن تأييده التام ومساندته الفعلية لها، وعلى اثر اخفاق هذه الثورة نقلت خدماته الى قائممقامية قلعة صالح، بعدها فصل من الوظيفة،، مما اضطره هذا الطرد لحاجة عائلته واعتلال صحته، الى التماس الجهات الحكومية، وهو التماس كان له وقع مرير على نفسه، عبر عنه بألم ممض في مذكراته وكانت نتيجة هذا العذاب الذي رزحت تحت وطأته هذه النفس ومرضي السكري والسل اللذين قد فتكا بجسده العليل ان يلفظ اخر انفاسه في امسية الخامس عشر من شهر مايس من العام 1944 ليودع الدنيا التي احبها حتى الاستشهاد والتي اسمها العراق. *الوطنية والنضال. ان المحن الجسيمة التي المت بـ(ابراهيم صالح شكر) في مطلع شبابه والتي تمثلت بوفاة ابيه وامه وجدته بمرض الطاعون على فترة ثلاثة ايام متعاقبة، ومن ثم نفيه الى منطقة (درسم) في بلاد الاناضول وفقره المدقع الذي لم يستطع معه شراء (اكفان الموت وحفر القبور) على حد تعبيره، قد اورثته بناء لشخصية عصامية صامدة لم تعرف الهدنة والمهادنة اثناء تصديها البطولي للنفوذ الاجنبي المهيمن على البلد انذاك، وعلى الرغم من ان هذه المصائب قد خلقت لديه صرامة في الطبع وعصبية في المزاج وتطرفا في النزعة.. الا ان هذه السمات الشخصية وبسبب توحد حياته الخاصة بحياته العامة واندماجها معا، ببودقة واحدة لايمكن فصل الواحدة عن الاخرى كانت س

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram