حازم مبيضين يشكل قرار الـــرئيس الفلســـطيني إجـراء اﻻنتخابـات العامة في موعدها الدستوري، رداً عملياً على إفشال حركة حماس لجهود المصالحة الوطنية، التي رعتها مصر لعدة شهور، وتهربها من استحقاقات تلك المصالحة التي كان مأمولاً أن تنهي اﻻنقســـام الداخلي،
وتوحد الجهود لمواجهة التعنت الاسرائيلي، ومماطلة نتنياهو في استئناف التفاوض حول قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وخيراً فعل حين أكد أنه ﻻ يناور وأنه مستمرفي اﻻستحقاق الدستوري القانوني الملزم وتطبيقه، وأن ذلك لايعني التخلي عن جهود تحقيق المصالحة الوطنية. وليس سراً أن رفض حماس العدمي لتوقيع اتفاق المصالحة ورفض الانتخابات، ليس قراراً ذاتياً وهو نتيجة ضغوط أطراف أخرى، واضح أنها ليست معنية بمعاناة الفلسطينيين ولا بنتيجة استمرار الانفصال والتنازع على السلطة الذي تقوده حماس بهمة تفوق عشرات المرات همتها في التعاطي مع الاحتلال ووسائل إنهائه. قرار عباس جاء لينهي التنازع على الشرعية، بين حكومة سلام فياض المؤقتة وحكومة اسماعيل هنية المقالة، وليؤكد شرعية المجلس التشريعي من خلال انتخاب أعضائه الجدد في الموعد المحدد بعد انتهاء ولايته، وليحسم الجدل حول منصب الرئاسة الذي تدعي حماس عدم شرعيته، ولأن الشعب هو الوحيد المخول باختيار الرئيس واعضاء التشريعي فإنه لابد من العودة إليه ليحسم خياره، ولايبدو غريباً رفض حماس الاحتكام للارادة الشعبية وهي تؤكد أن تلك الارادة تقف وراء نجاحها، لأن المعروف والمؤكد أن حماس دأبت على رفض فكرة الانتخابات المبكرة، لإدراكها فشل حكومتها المنبثقة عن آخر انتخابات تشريعية، في كل المهام التي يفترض أن تؤديها، إضافة لإعلان استعدادها القبول بمبدأ حل الدولتين، في محاولة لمنافسة فتح على قيادة الشعب الفلسطيني، وهي تدرك أن الكثير من ناخبيها غير الحزبيين، اختاروها لرفضها هذا الحل، وأنها ستفقدهم إذا ما تمت العودة إليهم في الانتخابات التي ترفضها اليوم. واضح أن قراري حماس بعدم توقيع المصالحة ورفض الانتخابات سيدخلانها في مأزق، لن تخرج منه بادعاء امتلاكها بدائل ليست موجودة، وهي إن وجدت فانها غير قابلة للصرف، والنتيجة أن الفلسطينيين سيجدون أنفسهم رهائن لسلطتين لاتعترفان ببعضهما، وتتهم كل منهما الأخرى بفقدان الشرعية، وعباس أوفى بوعده بتحديد موعد الانتخابات بعد أن لم يحصل الاتفاق، وليس هناك شك أنها ستجرى فعلاً، وكان مفترضاً أن تدرس حماس جدياً نتائج قرارها الذي لن يؤدي لغير خسارة الفلسطينيين الذين يعانون من الاحتلال، وغير تكريس إمارة غزة التي ستفتقر إلى الاعتراف بها من أي قوة مؤثرة، وستكون إسرائيل هي الرابح الأكبر من استمرار التنازع والتنافس على السلطة، وسيكون العالم على حق إن هو أدار ظهره لفكرة الحل التفاوضي ولفكرة قيام الدولة الفلسطينية. المؤلم والمثير للاسى أن يجري كل هذا في ظل تسارع الاستيطان الذي يخلق حقائق جديدة على الأرض يومياً، سيكون التفاوض عليها إضافة غير محمودة لمجمل القضايا التي يتم التفاوض حولها حالياً، والتي تحتاج لسنوات من الصبر للوصول إلى نتيجة بشأنها.
خارج الحدود: عدمية رفض حماس
نشر في: 25 أكتوبر, 2009: 06:52 م