تحقيق/ آمنة عبد النبيتساؤلات وهموم معيشية مزمنة لا يزال اغلب الشباب وخريجي الدراسة الأكاديمية يطلقون صرخاتها بوجه كابوس البطالة تلك الآفة الاجتماعية التي اعتادت ان تكتم أنفاس الأمل في نفوسهم الفتية وتحيله الى حفنة من السراب تبددها كل عام صخرة الواقع الصماء!!
عمالة ولا ذل البطالة أول من طرق مسامع (المدى الاقتصادي) بتساؤلاته هو حيدر عنكود الشاب الذي حكي لنا عن رحلته الطويلة والشاقة في تحدي آفة البطالة وكيف حاول الابتعاد عن أشباحها بكل صورة حينما بدأ حديثه: - لي رحلة طويلة مع قضية البطالة ذلك المرض الاجتماعي الذي أصبح كل من يدخل الى الجامعة او من لم تسعفه ظروف الحياة لدخولها يحمل في داخله هم البطالة وهاجسها فالكل أصبح يشترك في تلك المعاناة فأنا على سبيل المثال لم تسع ظروف عائلتي ان أكمل دراستي الجامعية وحتى الإعدادية وانما اكتفيت باستحصال شهادة المتوسطة متوجهاً صوب الاعمال الحرة فعملت قبل خمس سنوات في مسطر العمالة وبقيت لمدة سنتين في ذلك العمل الشاق الذي هو ارحم من ذل البطالة برغم ان ما معروف عنه انه بالكاد يغطي نفقات معيشية ليوم واحد الى ان قررت بعد السقوط في ان أجرب حظي نحو وظائف الدولة ولكن للأسف لم احظ بفرصة كوني لا احمل سوى شهادة المتوسطة فرضخت للأمر الواقع بعد ان منيت بالإحباط اكثر من مرة ففكرت حينها بالانتساب الى القوات الأمنية، فكما تعلمين ان الشهادة لا تقف حائلا بين الداخل اليها إضافة الى ذلك فهي تتمتع براتب ودخل شهري كبير وكفيل بتغيير حياتي ومستقبلي جذرياً وفعلا بعد معاناة ووساطات عدة في قبولي للانتساب تم ذلك وبقيت في ذلك المجال مدة سنتين تقريباً ولا أنكر بأن ظروفي المعيشية قد تحسنت كثيراً بفضل الراتب الذي كانت قيمته تغطي ما نلاقيه من مخاطر قد تكلفنا التضحية بحياتنا وفي أي لحظة ولكن ما باليد حيلة كما يقولون.. بعد مرور هاتان السنتين بدأت موجة الإرهاب والاقتتال الطائفي فأفرزت تداعياتها على الشارع العراقي وكنت ممن القت عليهم بظلالها السلبية فقد وصلني تهديد مباشر يمهلني فيه أصحابه اياماً معدودات كي اترك سلك الأمن وإلا فستكون حياتي هي الثمن القادم لا محالة فاحترت ماذا افعل وكيف أتصرف ولم أجد أمامي من سبيل سوى الرضوخ وترك الوظيفة حفاظا على حياتي وهنا عدت بعدها عاطلاً وظل الحال على ما هو عليه لأكثر من عشرة أشهر بعدها بدأت الأوضاع الأمنية تستقر بعض الشيء وظهرت مجالس الصحوات فسارعت بعد ان ضقت ذرعا من البطالة الى الانتساب اليها وبالرغم من ان راتبها ليس بالكبير لكن هو أفضل من الحاجة الى الآخرين وذل البطالة استمر الحال أيضاً لمدة سنة.. ومرة أخرى ظهرت موجة استهداف الشباب العاملين بالصحوات وهنا بفعل ضغط عائلتي وحرصهم على حياتي اضطررت الى تركها مجدداً والعودة الى (سجن البطالة) وهو ما انتهت اليه حالتي اليوم بانتظار أي فرصة للعمل وحاليا انا أقوم بالتهيؤ لإكمال دراستي الإعدادية تبعا للنظام الخارجي عسى ان تهيئني هذه الشهادة للظفر بفرصة عمل في مؤسسات الدولة ودوائرها الرسمية. تؤرق ليلي ونهاري لم يمض على تخرجها سوى ثلاثة أشهر من الجامعة المستنصرية، كلية التربية وأصبح هم الحصول على وظيفة في دوائر الدولة هو شغلها الشاغل وهاجسها الأكبر بالحياة انها الشابة (بتول العزاوي) التي تحدثت لنا بقلق مفرط عن قضية البطالة وتداعياتها قائلة: لم تعد مشكلة البطالة هي أزمة او مأزق بسيط يمكن حله او تجاوزه وانما هي اليوم بمثابة هاجس وهم كبير يثقل صدور الطلبة وبإمكانه أن يخيم على حياتهم ويقتل كل فرحة يحصدونها بعد سنوات الدراسة الأربع لاسيما نحن الفتيات اللواتي لا تترك أمامهن البطالة من خيار سوى الجلوس بالبيت او القبول بأول عريس يطرق الأبواب وتلك هي الحقيقة علماً ان العمل بثمرة الدراسة الأكاديمية هو جزء لا يتجزأ من شخصية المرأة وكيانها ووجودها في المجتمع ومن حق أي إنسان ان يحصل من مجهوده الشخصي ومثابرته التي افنى سنوات طوال من اجلها على مكانة اجتماعية ودخل مادي يجنبه الحاجة الى الآخرين ويحسسه في ذات الوقت بقدرتة على العطاء والنجاح فأنا على سبيل المثال مضى على تخرجي مدة ثلاثة أشهر قمت خلالها بتقديم طلبات عدة للتعيين وفي اكثر من وزارة ومؤسسة حكومية وكذلك الى مركز التشغيل فقد تصيب احداها ولو بعد حين مع العلم المفروض أن تعييننا نحن خريجي وخريجات كلية الآداب قسم اللغة العربية يختص بوزارة التربية، لكن للأسف ان الدرجات الوظيفية التي تقدمها الوزارة في كل عام للخريجين تختلف عن هذه السنة ونسبتها ضئيلة جداً ومحصورة على اختصاصات معينة ونأمل في الأيام القادمة ان تتغير الأمور نحو الأحسن فلا يملك سوانا غير انتظار الأمل. راتبها مغرٍ المهندس الكهربائي سلام منسي ،لم يصمد أمام البطالة كثيراً فقرر ان يستبدل تخصصه الهندسي براتب مغرٍ وفي اختصاص يبعد عن مهنة الهندسة بعد السماء عن الأرض حينما تحدث لنا عنه قائلاً: - كحال أغلب الخريجين اليوم في العراق انهيت دراستي الجامعية بانتظار فرصة التعيين التي لا اعرف كيف سأحصل عليها ومتى سأقوم ببناء مستقبلي وهي اشبه بالحلم والأمنية التي لا ينال تحقيقها سوى من له حظوة في مؤسسات الدولة ودوائرها فلم اجد على
كابوس يبتلع أحلام الشباب فـي الحصول على مستوى معيشي لائق
نشر في: 26 أكتوبر, 2009: 05:58 م