مشاكل علاجية واجتماعية كبيرة تصادف المدمن على المخدرات، فهو في محاربته الإدمان يضطر الى ان تتم متابعته بشكل يومي لمنع وقوع انتكاسات، ولا تقف مشكلات المدمن عند نطاق الحصار النفسي الذي يكبله ويسلب منه الكثير من حيويته،
بل تمتد لتضعه تحت سهام نظرة المجتمع القاسية، ما يضطره الى العيش حياة منغلقة تؤخر أو تفوت عليه فرصة بناء أسرة أو مستقبل طيلة حياته، صعوبات عديدة وواقع اجتماعي يبدو كئيبًا يكون بانتظار كثيرين ممن تقتادهم الظروف في صغرهم إلى الانحراف والخروج عن عرف الأخلاق والتقاليد نتيجة تورطهم في إحدى الجرائم، ولا تقف تلك المشكلات عند نطاق الحصار النفسي الذي يكبلهم ويسلب منهم الكثير من حيويتهم، بل تمتد لتضعهم تحت سهام نظرة المجتمع القاسية، ما يضطرهم لعيش حياة منغلقة تؤخر أو تفوت عليهم فرصة بناء أسرة أو مستقبل طوال حياتهم. وفي هذا الإطار، تفرد صحيفة النيويورك تايمز الأميركية تقريرًا مطولا ً تسلط فيه الضوء على هذا الواقع الاجتماعي الموحش، وتضرب في هذا السياق المثل بقصة رجل أميركي يدعى كيث غاريت، انجرف لعالم الجريمة في شبابه بعد إلقاء القبض عليه في جريمة سرقة، في الوقت الذي كان يعتاد فيه على تناول الهيروين والكوكايين وكذلك المشروبات الكحولية. وتلفت الصحيفة في الوقت ذاته الى الجهود الفاترة التي تم بذلها مع غاريت، الذي يبلغ من العمر الآن 54 عامًا، على أمل أن تتم معالجته، لكن في كل مرة، كانت تحدث انتكاسات، وكان يعود غاريت أدراجه إلى عالم الجريمة مرة أخرى.وفي حواره مع الصحيفة، يقول غاريت :" لم أحصل على قدر كبير من الدعم في سبيل بناء حياة جديدة. ومنذ عام واحد فقط، أدركت أن حياتي أو مماتي أمر لا يعتني به أحد"، ثم تمضي الصحيفة لتشير إلى أن غاريت قرر في نهاية الأمر دخول مؤسسات الاستشفاء من الإدمان التي يتم تطويرها حاليًا في فيلادلفيا، حيث تكاتفت الوكالات الخاصة والعامة على منح المدمنين قدرا أكبر من الدعم العملي والاجتماعي عما كانت عليه الأمور من قبل. وتشير الصحيفة إلى أن المدينة ترتكز الآن على شبكة من المراكز العلاجية، ودور الاستشفاء، وأحد المراكز الاجتماعية التي تقدم المشورة والمساعدة العملية. وهناك، يتم تخصيص زميل لكل مريض يبحث مثله عن العلاج، من أجل مساعدة الآخرين على الإبحار داخل عالم هش جديد من رجاحة العقل. وتنوه الصحيفة في الوقت ذاته الى أن عناصر الإستراتيجية الطبية هذه تم اعتمادها في كثير من الأماكن، لكن كونيتيكت وفيلادلفيا قامتا في السنوات الأخيرة بتأسيس نماذج يحتذى بها على نطاق واسع، وهي النماذج التي يقول الخبراء إنها عملت على درء الانتكاسات أو إبعادها لفترة وجيزة. وتقوم الحكومة الفيدرالية الآن بتقديم منح لـ24 موقعا ً في جميع أنحاء البلاد لاعتماد ممارسات مماثلة. وفي سياق ذي صلة، يحذر المسؤولون من أن البرنامج الطبي لن يكون ذا جدوى ما لم يكن المدمن على استعداد لتلقي العلاج. من جانبه، يقول جاك شتاين، مدير تحسين الخدمات في مركز معالجة إساءة استعمال المواد المخدرة التابع للحكومة الاتحادية :" تعد فيلادلفيا مدينة نموذجية في هذا التحول الذي شهدناه خلال السنوات القليلة الماضية بالنسبة إلى الطريقة التي نُظِمت من خلالها أنظمة العلاج والشفاء في جميع أنحاء البلاد. يعرف الناس منذ فترة طويلة أن الإدمان حالة مرضية مزمنة، ولسوء الحظ، تم وضع أنظمتنا العلاجية في صورة نموذج رعاية محكم".ويقول دكتور شتاين أيضا ً إنه وفي الوقت الذي لم تُكتمل فيه الدراسات النسبية التي تجرى على المدى البعيد، تشير الدراسات الأولية إلى أن الأشخاص الذين يدخلون مراكز أكثر شمولية تعنى بمرحلة ما بعد الرعاية (المتابعة)، تقل لديهم مخاطر التعرض لانتكاسات، كما يتم سداد التكلفة بتخفيض الاحتياجات مقابل الحصول على علاج طبي فعال. ويقول دكتور آرثر إيفانز، الذي قاد خطة تحول المدينة على مدار السنوات الخمس الماضية كمدير لقسم الصحة السلوكية :" لعل واحدة من أهم الأشياء التي حققناها في فيلادلفيا هو تأسيس مجتمع استشفاء مرئي ومفعم بالحيوية". ثم تمضي الصحيفة لتؤكد أن نقطة أخرى مثيرة للجدل داخل دوائر العلاج من تعاطي المخدرات، وهي تلك الخاصة بموعد وما إن كان ينبغي على المدمنين أن يعلنوا عما يواجهونه من صراعات، لكنّ المسؤولين الاتحاديين والمحليين الذين يؤيدون الإستراتيجية طويلة المدى يقولون إن ذلك يجب أن يظل مسألة خيار شخصي في أي حال من الأحوال، ثم يعاود غاريت ليواصل حديثه بالإشارة إلى العلاج الأولي الذي تلقاه في مركز لمعالجة الإدمان ومشكلات الصحة الذهنية ويدعى "كومهار"، حيث خضع هناك للمعالجة أيضا ً من الاضطراب ثنائي القطب الانتكاسي، ويشير إلى حضوره دروساً ومحاضرات في الفن العلاجي في المركز الاجتماعي. ولفت بنبرة تعلوها مشاعر الفخر الى أنه تخلص من إدمانه المخدرات منذ ثمانية أشهر الآن، كما حضر اجتماعات مكونة من اثنتي عشرة خطوة، وكذلك جلسات علاجية، وغيرها من الأنشطة اليومية.لكن المفاجأة المفزعة التي فجرها غاريت تمثلت في كشفه عن أنه فكر في الانتحار منذ بضعة أسا
محاربة الإدمان.. رحلة علاجية طويلة وقاسية
نشر في: 26 أكتوبر, 2009: 05:59 م