كاظم الجماسيعرفت العرب قديما المرادفة الكاملة بين ان يكون العربي رجلا فحلا أو أن يكون قاطع طريق. وظلت هذه المرادفة متسلطة على العقل العربي منذ العصور التي سميت بعد ظهور الاسلام ب(العصور الجاهلية)، مرورا بالغزوات المتكررة
والفتوحات التي حملت (راية العرب) الى اقصى جغرافيا الارض المعروفة آنذاك، الأمر الذي يفخر به حتى اليوم العروبيون على تنوع طروحاتهم، وصولا الى الظاهرة الأنموذج، والتي شهدها عراق مابعد أنعطافة 9/4 ومازلنا نعاني ذيولها حتى الساعة. الظاهرة التي تمثلت بماسموه(الحواسم) تيمنا باسم آخر معركة خاضها(بطل التحرير) المقبور.. فبعد ان انفجر غيظ الناس وأخذ بالتمادي، ربما بسبب أمضاء الحاجة الماسة، او طلبا للأقتصاص والثأر من ممتلكات(السلطة)، حسب مستوى وعيهم البسيط، السلطة التي استحوذت على كل شيء ولم تترك للناس أي شيء، وبغض النظر عن كل ماقيل ويقال في تفسير تلك الظاهرة، بعد الانفجار ذاك راحت كل حقوق الدولة، التي هي في المحصلة النهائية، المال العام لاغير، نهبا لكل من يمد يده اليها، وبلغت الشراهة لدى الكثير مبلغا اجراميا متخصصا، اذا ما اخذنا بالحسبان مافعله النظام المدفور من اطلاق سراح كل ارباب السوابق من عتاة المجرمين واللصوص وشذاذ الافاق، قبل اندحاره بزمن وجيز. وبالنظر للفوضى التي ضربت اطنابها في طول البلاد وعرضها، والتي جاءت نتيجة لسياسات الحاكم المدني(بريمر) سيئ الصيت، وبوحي من نظرية (توماس فريدمان) نظرية (الفوضى الخلاقة) وقد الحقت سلسلة من الكوارث الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى النفسية بمعيشة العراقي اليومية، ومازال هذا العراقي، المغلوب على حظه، يكابد أضرارها، بالنظر لتلك الفوضى ستغدو واضحة لدينا حقيقة اننا لن ننتهي من ثقافة الغنيمة التي ماانفكت تشكل الدافع الاول في سلوك المواطن والمسؤول، إن لم نخضع جميعا الى سلطة قانون، يعضده الدستور وتقيمه وتحميه حكومة قوية بأذرع امنية خالصة الولاء للوطن وحده دون غيره.. والمخيب للامال بتنا نصدم بالاخبار التي تشيرالى ان وزارتي الدفاع والداخلية الوزارتان اللتان تحتلان المرتبة الاولى في التجاوز على الممتلكات العامة !! حسب ماذكر مصدر مسؤول في امانة بغداد قبل ايام ... حيث قامت الوزارتان المذكورتان بالاستحواذ على عدد من الابنية الخاصة بوزارات وجهات رسمية اخرى، وايضا اقامة منشآت تابعة لهما على اراض تابعة للدولة وبصورة غير رسمية، الأمر الذي يكرس وبنحو مؤلم احباط المواطن وخيبته من النتائج المعاكسة بالضبط لما كان يتمناه من الحالة العراقية الجديدة التي فتحت امامه آفاق أحلامه المغيبة والمقتولة طوال ما يقرب الثلاثين سنة، من عمر تسلط الطاغية الاحمق على مصائر العراقيين . يعرف جميع العراقيين الاوضاع المربكة والمعقدة التي عاشتها كل الاجهزة الوليدة للحكومات العراقية، مثلما يعرفون ما اكتنف التشكيل الجديد والهيكلة الجديدة لمفاصل الدولة والحكومة على حد سواء من مشكلات جمة كان لنظام المحاصصة الحظ الاوفر في خلقها، حتى غدا هيكل الحكومة وما يندرج تحت لوائها اشبه بـ (شركة مساهمة) مؤسسوها والمساهمون المستفيدون الوحيدون من عوائدها ليس بينهم قطعا اي مواطن عراقي يبات جائعا ومن دون مأوى ويعايش الرعب كل ساعات يومه بفعل الارهاب وغيره. ولكن المواطن ذاته لم يزل يحتفظ بالامل بذمة الشرفاء والامناء في انجاز المهمة الوطنية العظمى لخلق عراق آمن مستقر مرفه يتنعم بخيراته الفائضة، وكل ذلك، كما يؤمن المواطن ذاته إيمانا راسخا، لن يتجسد على ارض الواقع من دون سلطة قانون يعضدها الدستور، بعيدا عن ثقافة الاستحواذ والغنيمة.
مكاشفة:ثقافة الغنيمة
نشر في: 28 أكتوبر, 2009: 06:06 م