عادل العاملعن دار المأمون صدر كتاب قيم في مجال الكتابة المسرحية للطفل عنوانه " مسرح الطفل " للكاتب الأسباني ألفونسو ساستره مترجماً من قبل الكاتبة و المترجمة عن اللغة الأسبانية إشراق عبد العادل. و إذ أنني لا أملك إلا أن أشير هذه الإشارة المختصرة إلى الكتاب، أترك للنقاد و
المختصين في هذا المجال الفني ما يرونه مناسباً في ذلك، و هو بالطبع أهم و أجدى. فالمسرح، كما تقول المترجمة في مقدمتها للكتاب، يحظى بمكانة مهمة جداً في المنجز الأدبي المتميز للكاتب الأسباني ألفونسو ساستره، الذي اهتم في العديد من أعماله بأدب الطفل و مسرحه. و قد جمع ذلك في مجلدين، ضمهما هذا الكتاب، حيث يقدم أيضاً القصة التي كانت و لا تزال واحدة من أبرز أعمال مسرح الطفولة في المسرح الأوروبي عموماً، و هي مسرحية " قصة دُمية متروكة " التي تُرجمت إلى 11 لغة و قُدمت على مسارح ألمانيا و البلدان الاسكندنافية. و يتحدث المؤلف في الجزء الأول، من الكتاب و هو من 160 صفحة تقريباً، عمّا يُقصَد بـ " مسرح الطفل "، الذي لا يمكن تحديده وفقاً لما هو سائد من تسميات في إطار واحد ــ مسرح الطفولة، المسرح الطفولي، مسرح الطفل، المسرح المدرسي، مسرح الدمى ... ثم يتساءل : هل الأطفال ملزَمون بعمل مسرح؟ و لماذا؟ ثم أي مسرح يقدمون؟ و ما الغاية منه؟ و كيف يقدمونه؟ و هي أسئلة مهمة بالتأكيد لأنها تسعى إلى فهم حقيقة عالم الطفولة، و تحديد مستلزمات نجاح هذا النشاط الفني وفقاً لذلك. و في الجزء الثاني من الكتاب يتناول المؤلف موضوعين يريد لفت الانتباه إليهما ، كما يقول : مشكلة اللغة، و مشكلة الأخلاق. و تتعلق المشكلة الأولى بما يدعوه " العودة إلى الطفولة "، للإلمام بلغة التخاطب و الايحاءات التعبيرية و الحركات و المحاكاة و غيرها، وفقاً لأسلوب تطوري أو ما يقول عنه لغة مستقبلية، بهدف خلق الصلة بين جمهور الأطفال المشاهدين و العمل المسرحي، التي تؤكد التواصل و في الوقت نفسه تحفز نمو اللغة في تلك الأعمار. و هي مهمة صعبة لكن هكذا هو الأدب، كما يقول. أما مشكلة الأخلاق، فتتعلق بكل الانعكاسات المؤثرة في الطفل التي تتضمنها الأفكار و الأساليب و الأساطير و الأوهام و الشخصيات في العمل المسرحي. و قد احتوى الكتاب أيضاً، إضافةً إلى مسرحية " دائرة الطباشير الصغيرة " الآنفة الذكر، على مسرحية أخرى بعنوان " ابن غييرمو تيل الوحيد " تدور في الإطار ذاته، عالم الطفولة و إفرازات الحياة اليومية المؤثرة في الطفل سلباً أو إيجاباً. و لا بأس هنا في أن أورد مشهدا قصيراً من هذه المسرحية، على سبيل التخفيف عن القارئ ، و ليس من قبيل الدعاية للكتاب! المشهد : [ ( في المدرسة، تجلس على مقاعد الدراسة ثلاث فتيات صغيرات و غييرمو و صغيران آخران، يلقي المعلم الدرس ). المعلم : اليوم تأخذون، أيها الفرسان، الجغرافيا. و درسي لكم هو أننا نعيش في أرض هادئة. و هي المركز. ( إحدى الطالبات الصغيرات تنطق بشيءٍ ما ) أنتِ أنريكيتا قفي و وجهك إلى ذلك الحائط. (تفعل الصغيرة. يضع المعلم على رأسها خوذة تبرز منها أذنا حمار طويلتان ) هذه العقوبة القاسية هي لتتذكروا أن الكلام ممنوع داخل الصف . من الخطأ قطع الخطاب التعليمي بهذه الطريقة، حسَنٌ، إذن، كنتُ أخبركم أن الأرض، مثل سُدّة يسوع، لا تتحرك أبداً ... ] و أكتفي أنا بهذا القدر من المشهد المسرحي، فهناك لدينا اليوم كثيرون بمثل عقلية هذا المعلم المؤمن بعدم دوران الأرض و ما شاكله من حقائق الأمور. لكني أتساءل فقط عما إذا كانت تلك الخوذة التي تبرز منها أذنا حمار طويلتان موجودة هي الأخرى في مدارسنا اليوم ، كما كانت الحال في أوروبا قبل قرون!
اصدارات:الأطفال .. و التواصل مع العمل المسرحي
نشر في: 30 أكتوبر, 2009: 04:24 م