TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > ذكريات من الذاكرة

ذكريات من الذاكرة

نشر في: 30 أكتوبر, 2009: 05:30 م

عبدالقادر البراكيعتبر السيد جمال الدين الافغاني من اعظم دعاة الاصلاح بين علماء المسلمين في القرن الماضي، ولقد كان ايمانه بما يعتقد من آراء، وما يعتلج في نفسه من حماسة يكسبه الاف المريدين والطلاب ويؤجج في نفوسهم ما يمور في اعماقه من احاسيس التمرد ضد السلاطين الطغاة واعوانهم من حواشي السوء،
ولقد كان هو والشيخ الامام (محمد عبده) اكبر رائدين ثوريين في العالم الاسلامي وعكست مجلتهما التي اصدراها في باريس (العروة الوثقى) اراءهما التي مازالت مثار اهتمام الباحثين في الحركات الاصلاحية في العالم الاسلامي هذا اليوم كما كانت في الامس الدابر ولم يكن حظ المجتمع العراقي من توجهات السيد الافغاني بأقل من حظوظ المجتمعات العربية والاسلامية في مصر وتركيا، ولكن ما كتب عن تأثيره في مفكري العراق، وعن صلته بالعراق لم يكن بالشيء المذكور بالنسبة عما كتبه الكاتبون عن دور الافغاني في سائر الاقطار العربية والاسلامية. وقد لايعرف الكثيرون ان السيد الافغاني قد سكن بعض الوقت ببغداد والبصرة ولكن المؤرخين لم يذكروا ذلك بالتخصيص وانما ذكروا ان (عبدالمحسن الكاظمي) الشاعر العراقي قد اتصل به خلال المامه ببغداد وانه قد اتخذ من احد خانات (سوق الصفافير) التي استغل بعضها المرحوم (جغفر ابو التمن) ادارة لعمله التجاري ولم يتجاوز الكاتبون عن الافغاني – في مجال التاريخ- اكثر من ذلك كثيرا وقد اقيم مهرجان للافغاني ببغداد عام 1945 كما هو معروف. واذكر ان الشيخ (عبدالقادر المغربي) وهو من تلاميذ الافغاني قد كتب في سلسلة كتب (اقرأ) المصرية دراسة عن المصلح الكبير وكان من بين ما اورده انه كان على اتصال بالسيد عبدالرحمن النقيب نقيب اشراف بغداد، اول رئيس لوزراء الحكم الوطني في العراق، ولكن ذكر ان السيد عبدالرحمن هو ابن (السيد رجب) النقيب مع العلم ان (السيد رجب) هو والد الزعيم المعروف (السيد طالب النقيب) في البصرة فهل كان اتصال الافغاني بنقيب بغداد او نقيب البصرة؟ ولقد لفت نظر صديقي الاديب الكبير المرحوم (مصطفى علي) الى الوهم الذي وقع فيه (المغربي) ورجوته ان يكتب له ليصحح ما ذكره. ولم ادر ما اذا كان الاستاذ (مصطفى) قد قام بذلك ام لا والذي ادريه ان طبعة جديدة من كتاب المغربي عن (الافغاني) قد صدرت ولم يرد فيها شيء عن هذا الذي قلت انه من اوهام المغربي؟. وعلى ذكر الافغاني فان الشاعر الكبير (جميل صدقي الزهاوي) كان يتحدث عنه كرائد من رواد ندوته في استانبول وقد ذكر عنه انه قال ان مصدر قوته وثورته ضد الطغاة الحاكمين في ايران وتركيا كانت مستمدة من قراءته لتراث اجداده المسجل في (مقاتل الطالبين) لمؤلفه (ابو الفرج الاصفهاني) وانه كان (يعلك) (ورد الدفلة المر) ليعود نفسه على تجرع المر لكي يستطيع تحمل الاضطهاد اذا تعرض له! ولقد سبق ان ذكرت الصحف ان العلامة الكبير الاستاذ الشيخ محمد بهجة الاثري قد وضع دراسة عن (جمال الدين الافغاني) تطرق فيها باسهاب الى حياته ببغداد وما بثه من آراء ومن استمع الى دروسه ومواعظه وتوجيهاته خلال مدة اقامته، ولاشك في ان الاستاذ الاثري خير من يصلح لتدوين تلك الحقبة من حياة هذا الزعيم الكبير لمعاصرته للعديد من امثاله الذين تتلمذ عليهم من امثال (السيد محمود شكري الالوسي) ومن هنا يتوجب على الاثري ان يزيل الكثير من الركام المطلوب ازالته عن حياة الافغاني ببغداد. فهل هو فاعل ذلك؟ وهل لنا ان نرجو منه سد هذه الثغرة في حياة (الافغاني) بما يمس العراق على الاقل؟. جريدة الجمهورية 1991

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram