نصيف جاسم حسينNsaif-jassim@yahoo.comاعرف انك مثل الكثيرين مثلك من الكفاءات العراقية ممن أعتقدوا ان الوقت قد حان (بعد التغيير) لوضع الرجل المناسب في مكانه المناسب ، قد اصيبوا بالأحباط الشديد الذي يصل حد اليأس احيانا، والذي دفع أعداداً كبيرة منهم الى ترك البلد ما افرغ البلد من خيرة أبنائه من ذوي الكفاءات العلمية
الذين اصبحوا رؤساء ومدراء مؤسسات علمية ورؤساء اقسام في جامعات مرموقة خارج البلد في حين لم يوفر لهم البلد مجرد فرصة العيش الكريم. وأعرف كم كنت ساخطا على نظام صدام لأنه لم يكن يتعامل مع ذوي الكفاءات بما يفترض من احترام وتقدير لكفاءاتهم، فزج اساتذة الجامعات في معسكرات الجيش للتدريب على السلاح رغم ان اعمار بعضهم قد تجاوز الستين، فكان قرارك بعدم التعيين زمن النظام السابق لكي لا تتعرض لمثل هذه المواقف التي قد يكلفك الاعتراض عليها او عدم تنفيذها حياتك وربما حياة عائلتك. وأعرف تماما كم عانيت للحصول على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية ، وكيف كنت تعتصر الوقت للتوفيق بين عمل بسيط يكفل لك استمرار دراستك ولو بأبسط المستلزمات الضرورية ، فلم يكن عندك ضروريا ان تشتري قميصا جديدا قدر اهمية شراء كتاب جديد قد يعينك في دراستك او بحوثك، او لاحقا رسالتك في الدكتوراه (الولايات المتحدة الامريكية والمشرق العربي-فترة ما بعد الحرب الباردة- ) التي تم نشر أجزاء عديدة منها بعدد من الصحف العربية بعلمك وبدون علمك وكانت مثار اعجاب وتقدير الأساتذة الذين قال بعضهم أن منح رسالتك درجة الامتياز(قليل بحقها). وأعرف انك – مثل غيرك ممن لم يقعوا في مستنقع صدام ونظامه من حملة الشهادات- كنت تأمل أن تغيير نظام صدام سيكون انطلاقة غير طبيعية في بناء ما دمره صدام بحروبه المتواصلة منذ السنة الاولى لحكمه ، وبسياساته التي كان يتبعها في تعيين المقربين له من الجهلة في المواقع التي تتطلب اختصاصات لم تتوفر في اي منهم ، فكانت النتيجة دماراً شبه تام لكل مرافق الحياة المدنية ما زال البلد يعاني نتائجه الكارثية على أكثر من صعيد. وكانت اولى اختباراتك لمدى مصداقية حلمك أن قدمت اوراقك لأحد الأشخاص المقربين لرئيس الوزراء حينذاك(ابراهيم الجعفري) الذي وافق(حينها) على تعيينك على ملاك وزارة الخارجية (لأنك دكتوراه علوم سياسية)، وجعل (تهميشه على طلبك بالموافقة) مسألة تحقيق حلمك (قاب قوسين أو ادنى) ، لكن – كم أكره( لكن) تلك- سرعان ما تبددت كل آمالك حين قابلك أحد موظفي وزارة الخارجية حينذاك ، الذي قال ببرود وبلا مبالاة قل نظيرها (ان الجعفري "ما يشتغل " بهذه الوزارة) وكنت تعتقد انه يقصد ان الجعفري(لا يعمل في هذا المكان) فأجبته (الجعفري رئيس الوزراء وهو بالتأكيد ليس هنا فهو في مجلس الوزراء) فرد الموظف (هذه وزارة ليس للجعفري تأثير فيها، أنصحك أن لا تقول أنك من طرف الجعفري فاذهب الى مكان آخر) ، وأعرف كم كانت صدمتك مريرة فها هو موظف لا يفقه من الأمر شيئا يقرر مصيرك بجملة واحدة ، وها هي المحاصصات الحزبية تقتل – منذ الأيام الأولى- كل آمالك وآمال الكثيرين غيرك. لكنك ما فتئت تحاول ، وكانت هذه المرة عبر مكتب الأمم المتحدة ، حيث تم التعاقد معك لتكون معاون مدير(مكتب بغداد الإقليمي في مفوضية الأنتخابات) ثم مدير مكتب الرصافة للأنتخابات فبثت هذه التجربة الحياة في آمالك من جديد لحين تشكيل مفوضية الانتخابات الحالية على أسس طائفية بحته، فكان أن اتصلت بك بعض القوى ممن تريد أن تكون أنت مرشحها للمكتب (مكتب الرصافة الذي كنت انت مديره) وإلا فسيبحثون عن مرشح آخر، وسينهون عقدك ، فأجبتهم (اذا كنتم تبحثون عن مدير يضمن لكم عدم حدوث تزوير في الانتخابات فأنا مرشحكم ومرشح غيركم لكني لا استطيع الانتماء الى أي حزب) وكان جوابك غير مقبول وتم العثور على بديل حسب المحاصصات الطائفية (شيعي في مكتب الرصافة ، مقابل سني في مكتب الكرخ) ، ومرة أخرى تضرب آمالك ضربة محبطة. لكنك وبإصرار من لا يريد تصديق الواقع المرير، تبقى تحاول، وهذه المرة عن طريق أحد الأصدقاء من أن الحكومة تبحث عن كفاءات لتعيينهم كسفراء لها في الخارج ، فتحمل اوراقك وتذهب ، وليس ثمة من يستقبلك (فأنت لست مرشحاً من قبل أي حزب) فيتم تعيين مرشحي الاحزاب ممن لا يعرف أبجديات العمل الدبلوماسي ومن أنصاف المتعلمين وفق مبدأ الطائفية وبطريقة (اقبل مرشحي حزبي فأقبل مرشحي حزبك-كما صرح بذلك أحد اعضاء اللجنة في برنامج تلفزيوني لاحقا-) وليس وفق الشهادة أو الخبرة او اي شيء مما يمكن اعتباره أساساً علمياً للتقييم. فلم تصدق ما يحدث فتخبرني انك ستحاول مقابلة رئيس الوزراء (نوري المالكي) فقط لإخباره ان ليس من الحكمة أن يمثل العراق في الخارج ممن لا يجيد الف باء العمل الدبلوماسي ، ويكون الرد أن ليس بالإمكان مقابلة رئيس الوزراء لكثرة مسؤولياته وانشغالاته ، فتحاول مقابلة احد مقربيه عسى أن ينقل له رأيك ، فيسأل هذا الشخص عن (عنوان) هذه المقابلة!!! فتسألني (ماذا أجيب هذا الشخص؟) فأجيبك (لا تجبه، فمن يبحث عن عناوين لكي يراه الناس أحق بالازدراء، والا فكيف يمكن أن تعتقد ان مثل هذا الشخص يمكن أن يفعل ما هو ايجابي لك أو لغيرك) ولم تقتنع بإجابتي لأنك لا تريد أن تصدق أ
رسالة: لا تبتئس.. سيحين الوقت
نشر في: 31 أكتوبر, 2009: 04:26 م