اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > رؤية : قبضة من التفاؤل في قراءة الوضع العام

رؤية : قبضة من التفاؤل في قراءة الوضع العام

نشر في: 31 أكتوبر, 2009: 04:31 م

شاكر الأنباريحددت الاتفاقية الأمنية بين العراق وأميركا عام 2011 لانسحاب الجيش الأميركي، وقد ذكرت آخر الاحصائيات أن عدد افراد الجيش اليوم لا يتجاوز المئة والأربعين ألفا، أما تفاصيل العلاقة بين أميركا والعراق بعد ذلك التاريخ، ونمط وجودها، سواء العسكري أو الدبلوماسي،
فكان غامضا بعض الشيء، للمواطن العادي خاصة، ويحمل تفسيرات كثيرة. لكن المهم لدى ذلك المواطن ما يعيشه في الشارع من علاقة مع ذلك الجيش، بعد ست سنوات من التواجد الكثيف، وتعدد أوجه حضوره. قبل ثلاث سنوات لم يكن أحد يصدق أن عددا هائلا لتلك القوات يمكن أن يتناقص أو يغادر البلد. لكن ثمة تغيرا كبيرا قد طرأ خلال هذه الفترة، من جهة طبيعة ذلك التواجد، ويكاد المراقب أن يحسه بوضوح. تحولات ذلك الوجود اتبعت سلسلة مترابطة ذات وشائج كبيرة مع تغيرات الوضع الميداني، فمن وجود كثيف اثر اسقاط النظام، وتسيير شؤون البلد في كل مناحيه، سواء كانت خدمية أو عسكرية أو اقتصادية، الى مواجهات طاحنة مع التمرد الواسع الذي شمل قوى سياسية وعسكرية واسعة، منها تنظيم القاعدة وجيش المهدي وحركات الجهاد المختلفة الاسماء، ثم بعدها المشاركة في دعم الصحوات في عدد من المحافظات، ليتحول ذلك الجيش الى مساند فاعل في العمليات القتالية، ثم اثر بناء الجيش العراقي والشرطة الوطنية بدأ حضور الجيش الاميركي بالخفوت، قليلا قليلا. قبل سنتين من الآن كانت محافظة الأنبار من المحافظات الساخنة حسب التوصيف العسكري والسياسي، اذ دارت فيها مواجهات يومية بين الجيش الأميركي وأعضاء تنظيم القاعدة والحركات المسلحة الأخرى، لذلك كان الجيش الأميركي يمسك بالأرض بكل المحافظة، سواء في المدينة أو الريف، ويستطيع المرء رؤية الجيش ذاك في كل مكان. في الحقول والشوارع والبيوت، وكان يدهم القرى في كل ساعة من ساعات النهار، كما ينصب كمائن ويطارد العبوات الناسفة، ويتجول في الفرات عبر القوارب الليلية، ويدهم في انتصاف الليالي بيوتا وبساتين وصحارى. ويجد المرء معسكرات ونقاط تفتيش ودوريات في كل مكان يذهب اليه. اما الطريق السريع الرابط بين الانبار وكل من عمان ودمشق، فكان دائم القطع والاختناق، بسبب اقامة حواجز أو تسيير ارتال قتالية او لوجستية. والمسافة الفاصلة بين الرتل والسيارات المدنية يجب ان لا تقل عن مئة متر، وأي عابر يتجاوز هذه المسافة قد يعرض نفسه للقتل. هذا الواقع الذي عاناه الفرد العادي تغير كثيرا بعد نشوء الصحوات، في محافظة الأنبار، اذ تم بناء المئات من مراكز الشرطة التي تطوع فيها آلاف من ابناء المحافظة، ففي كل قرية ومحلة يجد المرء مركزا للشرطة الوطنية، عدا قوى الجيش التي كان منتسبوها هي الاخرى من ابناء المحافظة. تسلم الشرطة والجيش لأمن المناطق كان له الدور الكبير في استتباب الأمن، فأبناء القرى والمدن يعرفون بعضهم بعضا، ويعرفون اعضاء تنظيم القاعدة بالاسماء والأسر، الأمر الذي سهل عملية محاربتهم ومطاردتهم واستئصالهم من المحافظة. هذا ما همش دور القوات العسكرية الاميركية بالتالي، اذ ركنت الى قواعدها ولم تعد تشارك في الحفاظ على الامن كما كان يجري في السابق. اما نقاط التفتيش والدوريات المنتشرة على طول الخط السريع بين بغداد ودمشق وعمان فرحل عنها الأميركان، ووقعت تحت سيطرة الجيش والشرطة. وهذا في الحقيقةهو الذي زرع الأمل في نفوس المواطنين، اذ هي اشارة الى أن رحيل هذه القوات قد اقترب، والسبب الرئيسي كما يؤكد الجميع هو انتفاء الحاجة لها. هذه الصورة يجدها المرء في بغداد كذلك، فالشخص الذي يسير في معظم المناطق لم يعد يصادف سوى نقاط تفتيش عراقية، من الشرطة والجيش، وأحيانا من الصحوات، في المناطق التي كانت ملتهبة سابقا كالغزالية وأبو غريب والبياع والسيدية والدورة وغيرها. ويستطيع المرء ان يلمس الارتياح الكبير بين المواطنين وهم يمرقون من تلك النقاط، ويفتشون من قبل شباب عراقيين يتفاهمون معهم بشكل واضح، وبرموز يفهمونها. وهذا ما اضفى استرخاء واضحا على الشارع. حتى مرور الدوريات الاميركية في شوارع العاصمة بات قليلا، ولم يعد يشكل خطورة على المواطنين، فالملح العام لتلك الدوريات يوحي بأنها مغادرة، وهي لم تعد تحمل طابعا عدائيا كالسابق. واقتراب السيارات من تلك القوات لم يعد يشكل كثير خطورة عليها، اذ نادرا ما استهدفت تلك القوات في الفترة الأخيرة. معظم العمليات الانتحارية، والعبوات اللاصقة، والأحزمة الناسفة، صارت تنفذ ضد قوات عراقية أو مواطنين، الأمر الذي ينال استنكارا هائلا من قبل الشارع. وشعور ان الجيش والشرطة يحملان صفة الوطنية أصبح شعورا عاما، ويبدو أن الخطوات التصالحية التي طرحت في الأشهر الأخيرة بدأت تعطي ثمارها، اذ تم الاتصال حتى مع قيادات سابقة للعمل السياسي داخل الوطن. كما بدأ معارضون سابقون للعملية السياسية، يدعون للعودة الى البلاد والعمل من داخل البنية السياسية الحاضرة. وتصريحات، وخطط الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما حول انسحاب الجيش السريع، باتت تلاقي آذانا صاغية حتى من أشد المعادين للعملية السياسية. وهذا ما يتواءم مع طموحات الفرد العادي الذي يرغب في رؤية شارع خال من القوات الأجنبية. شارع يسري فيه على الجميع القانون العراقي. وضمن هذا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram