بغداد/ بشير الاعرجي والوكالات ادت التفجيرات الاخيرة التي طالت وزارة العدل ومجلس محافظة بغداد الاحد الماضي الى تداعيات انتقلت تأثيراتها الى الشارع العراقي، وتختص بالزحام الذي يلف شوارع العاصمة نتيجة الاجراءات الامنية والتشدد في السيطرات المنتشرة في عموم بغداد.
وينظر العراقيون الى هذه الاجراءات من منظارين: الاول بانها ضرورية لمنع تكرار الاعتداءات على مؤسسات الدولة، فيما يرى الاخرون انها لا تؤدي النتائج المرجوة، بل تضيق الخناق على المواطنين جراء الزحام الكبير وساعات الانتظار التي يقضونها في الشارع، سواء للذهاب الى العمل او العودة الى المنازل. وقال عادل ابراهيم ان مشهد الزحام امام السيطرات الامنية اصبح معتادا لدى سكان بغداد، لكن برغم الاذى النفسي الذي يلحق بالمواطنين، الا انه ضروري لردع الارهابيين ولو بنسب قليلة في تنتفيذ عملياتهم الاجرامية. واضاف ابراهيم/ 44 سنة: اصبحنا بعد تفجيرات الاربعاء والاحد الداميين نتمسك باي اجراء يحمينا من هجمات المجرمين، ولو على حساب راحتنا الشخصية، وهذا الامر يدعو الاجهزة المختصة الى ابتكار طرق جديدة تمتزج فيها رغبة المواطنين بالتخلص من الارهاب، واجراءات عملية تكون فيها قوتها ظاهرة للعيان في الشارع كي تنتهي الهجمات الارهابية عن بلادنا. من جهته قال محمد عبدالهادي (43 سنة) سائق سيارة أجرة، وعلامات الغضب والاستياء بادية عليه بشكل واضح «ماذا نفعل؟ وأين نذهب؟ الارهابيون يقتلونا، وقوات الأمن تغلق الشوارع، وتقطع ارزاقنا»، واضاف «خرجت منذ أربع ساعات ولم أقابل سوى شخصاً واحداً، وقد تركني في منتصف الطريق واعطاني نصف الأجرة، بسبب الازدحام». واستغرب عبدالهادي من الاجراءات المعقدة التي تتخذها قوات الأمن قائلا «قوات الأمن لا تعرف سوى قطع الطرق والتضييق على المواطن، بعد الانفجارات الكبيرة، لا ادري لماذا لا يوجد في كل نقطة تفتيش أكثر من جهاز لكي تسهل حركة الناس»، معربا عن اعتقاده بان قوات الأمن كلما يقع انفجار تعقد الاجراءات مما يؤدي إلى الاختناقات المرورية وتعلن بانها كثفت الاجراءات الامنية». على صعيد متصل، قال حيدر عبد الامير «برغم ان يوم امس وامس الاول عطلة اسبوعية، الا أنك ترى طوابير السيارات على بعد مئات الأمتار عند كل نقطة تفتيش، وهذا أدى الى غضب واستهجان الناس من الاجراءات الأمنية غير المبررة في عموم مناطق العاصمة». ودعا عبد الامير بحسب وكالة (شينخوا) قوات الأمن، بدلا من أن تضيق الخناق على الناس من خلال الاجراءات الامنية، إلى أن تنشط في الجانب الاستخباري وتكثف من نشاطاتها في هذا المجال بحيث تتمكن من اختراق هذه الجماعات وتعرف خططها وتفشلها قبل أن تقع للحفاظ على أرواح المواطنين وليس خلق مصاعب للناس بعد كل تفجير. بدورها، قالت شيماء علي موظفة حكومية في مؤسسة وسط بغداد، وتسكن غربي بغداد، «قبل التفجيرات استغرق بين 45 إلى 35 دقيقة للوصول إلى عملي، أما بعد التفجيرات فيوم أمس استغرقت أربع ساعات حتى وصلت إلى منزلي، والسبب هو الاختناقات المرورية نتيجة عمل نقاط التفتيش». وأضافت «اذا استمرت هذه الظروف كما هي، فاعتقد أن مؤسسات الدولة لن تمارس عملها بشكل صحيح لان وصول الموظفين يستغرق حوالي ثلاث ساعات، ونفس الوقت لوصولهم إلى منازلهم، وبالتالي سوف ينهك هذا الموظف ويقل عطاؤه». وتابعت مازحة «أقترح على المؤسسات الحكومية أن تخصص غرف نوم لموظفيها، وتقسمهم إلى قسمين، قسم يبقى في المؤسسة والقسم الثاني يذهب إلى البيت، وبعد كل يومين يتم التبديل بينهم». ويشار الى أن العاصمة بغداد شهدت يوم الأحد الماضي تفجير شاحنتين مفخختين تحمل احداهما طنين من المتفجرات قرب وزارة العدل ومجلس محافظة بغداد في منطقة الصالحية اسفرتا عن استشهاد 155 شخصا واصابة اكثر من 500 بجروح، فضلا عن فقدان اطفال من دار حضانة تابعة لوزارة العدل. وعلى ضوء هذه التفجيرات قررت قيادة عمليات بغداد، توقيف 11 ضابطا برتب مختلفة، و50 منتسبا من القوة المكلفة بحماية منطقة الصالحية التي وقعت فيها التفجيرات واحالتهم إلى التحقيق، كما قررت معاقبة كل مسؤول أمني يحدث تفجير في المنطقة المسؤول عنها أمنيا، الأمر الذي أدى إلى تشدد هؤلاء القادة الأمنيين في اتخاذ الاجراءات الأمنية. على صعيد متصل، قال المحلل السياسي صباح الشيخ «إن التفجيرات الأخيرة جزء من ستراتيجية جديدة استخدمتها الجماعات المسلحة لخلق فجوة بين المواطن والاجهزة الامنية، لانها (الجماعات) تعرف حقق المعرفة أن الاجهزة الامنية تكثف من اجراءاتها عقب كل انفجار ما يؤدي إلى تأخير المواطنين وانتظارهم لوقت طويل حتى يعبروا نقاط التفتيش الامر الذي يخلق تذمرا شديدا لديهم». ودعا الشيخ الأجهزة الأمنية إلى تفعيل الجانب الاستخباري، والقيام بأعمال استباقية لمنع وقوع الهجمات، وليس فقط تكثيف الاجراءات الامنية، ومراعاة ظروف الأهالي وخاصة الطبقات الفقيرة الذين يكسبون قوتهم اليومي من خلال عملهم في الشوارع والأسواق العامة.
مصاعب كبيرة أمام سكان بغداد
نشر في: 31 أكتوبر, 2009: 06:49 م