اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > مسلسلات القهر والبكاء والكذب

مسلسلات القهر والبكاء والكذب

نشر في: 2 نوفمبر, 2009: 04:56 م

ابتسام يوسف الطاهر- لندن في العراق جعلنا عصر الفضائيات نعيش أيام انقلاب البعث الدموي.. ونحن نرى بقاياهم مازالوا يتصيدون الشوارع المتعبة ليزيدوها خرابا، يترصدون الناس ليزرعوا طريقهم موتا ويسرقوا من عيونهم بقايا الأمل. وتنقلك قناة أخرى لتريك شوارعك العطشى ورافديك مسلوبي الروح والمياه، وتستغيث ولا من مجيب.
وفي الجانب الآخر من الجحيم في اليمن (السعيد) يستخدمون الطائرات والدبابات ليدكوا قراهم الجرداء ، وكأن الذي باعهم تلك الأسلحة اشترط عليهم ان لا يستخدموها إلا ضد شعوبهم!. فتهرب للمسلسلات (علشان ماليش غير-ها) لعل فيها ومضة فرح أو أملاً تاريخيا كان أو من نفايات الواقع. خاصة وقد صارت المسلسلات اليوم (حنة ورنة) بعد تكاثر الفضائيات التنافسي العشوائي. لتجدها في (زمن العار ) هذا، لم تكن أكثر من (قلب ميت) ليس فيها ما يرطب يومك بنهار رمضان الطويل وعطشه. ففي زمن العار المسلسل الناجح دراميا وهو ينقلك لحواري سوريا الخلفية بفقرها وحرمان أهلها وصراعهم من اجل البقاء، ومن اجل الحفاظ على قيم التسامح والشهامة وإجارة الغير. يصدمك بمشاهد أخرى سطحية بطرح بعض الأمور فمن خلال أحدى الشخصيات وهي ترحّل معاناتها على العراقيين الذين لجؤا لسوريا "بكرى لما العراقية - أي العراقيون- يرجعوا لبلادهم تصير الأمور أحسن وترجع مثل ما كانت " لم يطرح المخرج الجانب الأهم من قصة العراقيين التي زجها بالعمل بشكل فاشل، وهو كيف أن سوريا ازدهرت بسبب أزمة العراق، فالأموال انهالت عليهم من كل جانب لإيوائهم بعض العراقيين، بعضها من الحكومة العراقية ومن المنظمات العالمية ومن العراقيين البعثيين الذين نهبوا أموال الشعب العراقي وهربوا بها ليعمروا سوريا ، فقد ازدهرت حركة البناء هناك بشكل ملفت للنظر خلال الخمس سنوات الأخيرة!. ولم نر في تلك المسلسلات أو غيرها أي شيء (خاص جدا) ، (فالجيران) يتحينون الفرص لأذيتنا ولكي نبقى سوقا لبضائعهم الرديئة! ويتكرر في اغلبها ديكورات تجدها في الفنادق السياحية ذات النجوم وأحيانا تشبه محلات بيع الأثاث. كذلك تكرار المؤامرات والمشاكل اليومية لتزيد من (عمر شقائنا) وتعذب (قلوبنا الصغيرة) وتقتل (أحلامنا النبيلة). فمعظم المسلسلات سورية او خليجية ومصرية يتسابق فيها الممثلون على العنف والحوارات الصاخبة بين الافراد ، وكأنها تعزز طريقة فيصل القاسم في حواراته البائسة، او تركيزها على البكاء والنحيب ومشاهد الدموع التي والشهادة لله ان اغلبهم أتقن مشاهد العويل والصراخ لدرجة أنها لا تتركك إلا وأنت تبكي وتعاودك الكآبة التي حاولت الهرب منها. حتى أن صغارنا صاروا يتساءلون ساخرين "لماذا لا تكون هناك مسابقة بكاء على شاكلة، ستار أكاديمي، يفوز فيها من يلطم أحسن ويبكي بدموع أكثر"!!؟ فتلك المشاهد تتمطى وتتطاول مثل ليل امرؤ ألقيس بينما لحظات الفرح والأمل تمر كالشهب مسرعة أو كجلمود صخر حطّه السيل من عل. وما يزيد الغضب هو القطع المتواصل للمسلسلات والبرامج لتقديم إعلانات تتكرر بشكل غير مدروس و يثير الأعصاب والغضب.. فكل القنوات صارت تحاكي القنوات الخليجية بكم الإعلانات الذي يتكرر أحيانا لنفس السلعة أو لنفس البرنامج وبنفس اللحظة والثانية، فما أن يظهر المشهد لأي عمل وبعد ثوانٍ وليس دقائق يظهر شعار اليوم (هذا البرنامج برعاية) ليمطرونا بكم السلع والشركات أو غيرها، بتواصل لأكثر من خمس دقائق. القناة المصرية كانت تكتفي بعرض عدد الإعلانات قبل بدء الفيلم أو المسلسل ومثلها بعد أن ينتهي، لكنها اليوم صارت تقلد الأخريات وبشكل مبالغ به ومشوه أحيانا. فحتى برامج اللقاءات مع الفنانين كما حصل في اللقاء المتسلسل مع عمر الشريف، يُقطع الحوار لعشرات المرات في الحلقة الواحدة بل أحيانا تقطع الجملة قبل اكتمالها ليمطرونا بإعلانات متكررة ومنها إعلان عن البرنامج المقطوع!!؟ عرفنا من خلال التلفزيون البريطاني أن الإعلانات تتكرر حقا لكن كثير ما يكون قطع الفلم بمحله وبشكل مدروس ومتآلف مع ثيمة الفيلم أو البرنامج، ففي الأفلام التراجيدية او أفلام الرعب، تشعر بأنك بحاجة لالتقاط أنفاسك لتنأى بعيدا عن أجواء الفيلم من خلال الإعلانات، لتعود له مرة أخرى من دون ان تتأثر أعصابك، لكن بالرغم من ذلك الكثير منا يفضل متابعة افلام وبرامج الـ (BBC) لعدم قطع العرض لتقديم الإعلانات. فهل هناك أمل بأن ترحم الفضائيات أعصابنا وتقدم الإعلانات بشكل يرحم اذواقنا، أو لعلها تقدم الأفلام المميزة خاصة القديمة التي تعود بنا لماض لم نكن نتوقع إنا سنحّن إليه يوما!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram