TOP

جريدة المدى > سينما > مكاشفة: الذهــب الاســـود لليوم الابيض

مكاشفة: الذهــب الاســـود لليوم الابيض

نشر في: 6 نوفمبر, 2009: 04:59 م

كاظم الجماسي عصور طويلة جدا جدا من الاستبداد، عصور طويلة جدا جدا من الجوع والفاقة، ربما منذ يوم ان صار لنا وطن اسمه العراق، وربما قبل ذلك بكثير، حتى راح العراقي يسائل نفسه: أيكون قدره الأبدي أن يظل هكذا؟ ام انها لعنة إلهية ليس له من خلاص من حكمها؟ والمفارقة العراقية الغاصة بالمرارة تتبدى مرة كملهاة، جائع ومحروم يعيش على اغنى واخصب ارض في العالم...،
 ومرة تتبدى تلك المفارقة كمأساة، بريء مكتمل البراءة كطفل رضيع، عاشق لكل نبضة في قلب الحياة، وفي رمشة عين تتطاير أشلاؤه في كل الانحاء... لابد من الاعتراف، أن لهذه القسوة المفرطة في وحشيتها فعلاً مدمراً للإحساس بالمواطنة، بتنا نسمعه ونراه، بل ونلمسه ايضا، في البيت والعمل والشارع، فالجميع يعاني شعورا طافحا بالاحساس بالفجيعة، فهو مخذول على الدوام من انتماء (أولي الأمر) لآلامه وآماله، بل غالبا مايلعبون دور الطاعن لأنسانيته والقاتل لابسط ومضة أمل بالغد لديه، الامر الذي راح يغذي ويكرس، أشد فأشد، اغترابه في بيته – وطنه. السياق الطبيعي والمنطقي في تجارب الامم والشعوب انها تتفاعل فيما بينها، تلفظ الحالات المنتجة لخساراتها وتستفيد من الحالات المنتجة لرقيها وتقدمها، تتجاوز انتكاساتها بتمثل نجاحات الامم التي تقف وإياها على الحيثيات نفسها، والعراق يقف على حيثيات مشتركة كثيرة مع دول مجلس التعاون الخليجي، التي من ابرز ملامح تجربتها (السيا اقتصادية) بالنسبة لمواطنيها انها ظلت امينة على تحويل حصة كبيرة من ارباحها المتنامية الى وفرة عالية من الخدمات العامة لشعوبها، ومن ضمن تلك الخدمات المستويات العالية من الضمان الاجتماعي التي بات ينعم بفضائلها المواطن الخليجي، على الرغم من طبيعة اقتصاديات تلك الدول الموصوفة بـ (الريعية)، أي أنها اقتصاديات أحادية تمارس موازناتها العامة تخطيطا وتطبيقا على وفق حجم عائداتها من صادراتها النفطية، في الوقت الذي تتعدد مصادر الدخل القومي في العراق، على الرغم من شللها الراهن، والتي كانت الى زمن قريب نسبيا تمتلك فاعلية نسبية، سيما في قطاع التصدير للمنتجات الزراعية على سبيل المثال لاالحصر، كما ان مستوى الاستثمار المتدني في القطاع النفطي العراقي زاد الطين بلة، الامر الذي يعكسه مستوى التصدير البالغ(1،9) مليون برميل يوميا كمعدل، بالقياس مثلا لحجم الصادرات النفطية السعودية البالغة(12) مليون برميل يوميا، علما ان العراق والسعودية يقفان على عتبتين متقاربتين في حجم احتياطاتهما النفطية.. لانريد من خلف ايراد هكذا معلومات وارقام تهويل حجم المفارقة المرة التي تلقي بظلالها الثقيلة على حياة العراقيين حد الوصول الى حالة اليأس والقنوط، بل يوجد دائما هناك متسع للعمل، ولعل المقترح القائل بحساب سهم لكل عراقي وعراقية وبغض النظر عن عمره اوجنسه، من عائدات النفط والعائدات الاخرى، ووضعه في حساب الاستثمار ضمن آلية الموازنة العامة، ودفع فوائده السنوية نقداً أو خدمات مباشرة او غير مباشرة، لعل هذا المقترح بحاجة الى التفاتة جادة من لدن المعنيين.. كي لا يعود المواطن إلى لاعتقاد بان مواطنته غدت وبالا عليه، وكي لا يشعر بشعور العيس التي يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول.. واخيرا يمكن للذهب الاسود ان يسهم بصنع ايام بيض قابلة للتحقق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

السحب المطرية تستعد لاقتحام العراق والأنواء تحذّر

استدعاء قائد حشد الأنبار للتحقيق بالتسجيلات الصوتية المسربة

تقرير فرنسي يتحدث عن مصير الحشد الشعبي و"إصرار إيراني" مقابل رسالة ترامب

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

ترشيح كورالي فارجيت لجائزة الغولدن غلوب عن فيلمها (المادة ): -النساء معتادات على الابتسام، وفي دواخلهن قصص مختلفة !

تجربة في المشاهدة .. يحيى عياش.. المهندس

مقالات ذات صلة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر
سينما

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

علي الياسريمنذ بداياته لَفَتَ المخرج الامريكي المستقل شون بيكر الانظار لوقائع افلامه بتلك اللمسة الزمنية المُتعلقة بالراهن الحياتي. اعتماده المضارع المستمر لاستعراض شخصياته التي تعيش لحظتها الانية ومن دون استرجاعات او تنبؤات جعله يقدم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram