TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > ادونيس..البيانات الشعرية بين التأصيل والاختلاف

ادونيس..البيانات الشعرية بين التأصيل والاختلاف

نشر في: 6 نوفمبر, 2009: 05:12 م

د. عصام العسلما يتبادر الى الذهن احيانا، ان المبدع في سعيه الى اكتشاف المساحات الغائبة من القول الشعري، يقدم تصورا ينطوي على الكثير من الهواجس التي يفتقر اليها نصه، ما يجعل الابتعاد عن فضاء الكتابة الشعرية مبررا للدخول في فضاء المراقبة للعمل الشعري،
 وقد اتضحت هذه المراقبة في طبيعة البيانات الشعرية التي يكتبها عدد من المثقفين محاولة منهم وضع اطار نظري قد تفتقده كتاباتهم الا انها لا تخلو منه تماما، فالاتفاق على ماهية البيان الشعري تكاد تكون ملاصقة لضرورته، وهل يحتاج الشعر الى بيان للترويج له؟ ام ان البيان يمثل حلقة وصل يجدها البعض مترهلة ان لم تكن معطلة ؟! تتطلب كتابة البيان الشعري وعيا لا بالمنجز الشعري وحده وانما تتجاوزه الى معرفة بالمنجز الثقافي العام فلا توجد اهمية لبيان يعبر عن تجربة شخصية قام بها الشاعر بمفرده وان كان الانطلاق في كتابة البيان تتوسم وجود مثل هذه الخصوصية، غير ان اثر البيان في المتلقي يقع في اتجاه مغاير من كاتب البيان. فالمتلقي يبحث عن طبيعة المبدع الذي كتب البيان فضلا عن اهمية الطروحات التي يقدمها، كما علينا ان نميز بوضوح بين البيانات التي تؤرخ لفترة شعرية يكون فيها الشاعر مجرد مساهم في تحول ثقافي، وبين البيانات التي تبتعد عن التسجيل التاريخي وتعنى بالرؤيا الجديدة التي يقدمها صاحب البيان، فالنوع الاول (التاريخي ) يمثل صوتا جماعيا يغيب فيه طابع الابداع الفردي على اعتبار ان المبدع يستمد شرعيته من الجيل الذي ينتمي اليه والذي يتوافق معه في الاعم الاغلب والنوع الثاني من البيانات ( الرؤياوي ) يمثل صوتا فرديا يغيب فيه طابع الابداع الجماعي وتظهر فيه سمات الاختلاف بوضوح شديد مما يجعل من الصوت الفردي غير مؤهل للانضواء تحت مسميات جيلية مختلفة، واذا كان البيان التاريخي يمثل مشروعا مشتركا فان البيان الرؤياوي يمثل مشروعا فرديا كما يمكن ان نلحظ سمات اخرى تتعلق بالبيانين ( التاريخي والرؤياوي ) وهي سمة الانتماء المؤسساتي، فالتاريخي اكثر ما تتضح صورته في الثقافة العربية في المثقف الذي ينتمي الى مؤسسة ( سلطة ذات طابع رسمي ) في حين يقف البيان الرؤياوي خارجا عن كل سلطة ورافضا للانتماء بمختلف اشكاله . نحاول في مقالنا هذا ان نقرأ طبيعة اشتغال المبدع العربي في صياغة بيانه الشعري / الثقافي من خلال اختيارنا لبيانين، الاول بيان الحداثة لادونيس والثاني بيان الكتابة لمحمد بنيس والبيانان منشوران في كتاب البيانات الصادر عن اسرة الادباء والكتاب في البحرين عام 1993 . يمثل البيان الشعري عند ادونيس ازاحة لنصوص وترويج لنصوص اخرى وهو ما يتضح في ( بيان الحداثة ) الذي قدم له بالحديث عن اوهام الحداثة فلماذا تتقدم الاوهام على ظاهرة الحداثة، فاوهام الحداثة التي يحددها ادونيس هي(الزمنية، المغايرة، المماثلة، الاستحداث المضموني، وهم التشكيل النثري ) واذا اعاد القارئ ترتيب مثل هذه الاوهام يجد ان البيان يتخذ صيغة قراءة موجهة تتبع النص العربي الحديث في سلبيته، وصولا الى الشكل الشعري الذي يكتبه صاحب البيان وهو ما يعبر عنه ادونيس بقوله: ( تلك هي، فيما يخيل الي، اوهام لا يصح الكلام على الحداثة الشعرية العربية الا بدءاً من نقضها او ابطالها ) البيانات 24، واذا اضفنا الى البيان صيغة التلاقح بين الثقافات وبين مبدع واخر وهو ما يعبر عنه بعدم امكانية توجيه نقد لمبدع اخذ من ثقافات الغير، التزام جانب النقد او توجيه رأي في النقد وهو ما يعبر عنه (ينبغي على القارئ / الناقد ان يواجه في تقييم شاعر ما ثلاثة مستويات : مستوى النظرة او الرؤيا، مستوى بنية التعبير، مستوى اللغة الشعرية ) لماذا لا يضع ادونيس التنميط مثلا الذي يمثل ( اعادة انتاج العلاقات نفسها : علاقة نظرة الشاعر بالعالم والاشياء وعلاقة لغته بها، وبنية تعبيره الخاصة التي تعطي لهذه العلاقات تشكيلا خاصا ) مع اوهام الحداثة؟ ينحو البيان عند ادونيس منحى مدرسيا يحاول تعريف المتلقي بطريقة تعتمد التقسيم والشرح، ويحاول ايضا استدراج القارئ وهو ما اتضح بصورة مباشرة في تقديمه للاوهام التي تمثل رأيه الخاص بالحداثة الوافدة على الثقافة العربية والى جانب هذه المدرسية هناك عنصر الابهام الذي يعد نقيضا للمدرسية في صياغة الخطاب النقدي مثل قوله:” ان الحداثة الشعرية العربية لا تقيم الا بمقاييس مستمدة من اشكالية القديم والمحدث في التراث العربي ومن التطور الحضاري العربي ومن العصر العربي الراهن فما معنى اشكالية القديم والمحدث؟ وهل هناك اتفاق على ماهية كل منهما ؟ واذا كان لهما معنى خاص في طروحات ادونيس فان ذلك لايؤهلهما لان يكونا اساسا في تقييم الحداثة. ويمكن القول ان البيان عند ادونيس يتخذ صيغة التفوق دائما اذ تبدو الاشارات واضحة لذلك في قوله محاولة التبسيط او ادخال مفاهيم جديدة الى الثقافة العربية فلماذا التبسيط مع خطاب يفترض به ان يكون موجها لاصحاب الاختصاص اصلا؟ 🙁 واود ثانيا ان الجأ الى شيء من التبسيط فاقسم الحداثة الى ثلاثة انواع : الحداثة العلمية وحداثة التغييرات الثورية الاقتصادية الاجتماعية السياسية والحداثة الفنية ) كما نلحظ محاولة الدمج والمقارنة في آن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram