TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > أدونيس .. مشاركات في المرافضات والتحولات ولغة الموحيات

أدونيس .. مشاركات في المرافضات والتحولات ولغة الموحيات

نشر في: 6 نوفمبر, 2009: 05:18 م

سيار الجميل ادونيس ، اسم معروف منذ زمن بعيد في ثقافتنا العربية واشتهر بالشعر شهرة واسعة وكانت له مدرسته في القصيدة المنثورة واتجاهه وصيغته التي لا يمكن لأحد ان يقلّده بسهولة .. وهو كاتب مسهب جدا وناقد ومفكر صعب المراس له نظريته في التحولات باستطاعتك ان تفهمه احيانا
 ولكن قد يأخذك الى صحراء من التعابير والكلمات وتتيه فيها معه من دون ان تدرك ما يقوله شعرا او نثرا !! . ولقد اثار ادونيس جملة هائلة من الحملات النقدية العاصفة ضده منذ اربعين سنة ولما تزل سواء ما يخص شعره الجديد او ما يخص كتاباته المليئة بالافكار المخالفة والمشاكسة او غير المدركة لما هو سائد في الثقافة العربية اليوم .. ولقد اختلف النقاد فيه اختلافا كبيرا ولابد ان نعلم بأن ارتالا من المثقفين والادباء والقراء العرب وحتى اساتذة جامعات وشعراء عرب كبار يتوزعون في المشارق والمغارب العربية وجدتهم لا يتقبلون حتى اسم ادونيس لأسباب بعيدة كل البعد عما في نصوصه وما نشره من كتابات ، ولكن لأنهم سمعوا قالا عن قيل بانه شاعر ملحد وكاتب ضال ! اما رهط آخر من الشعراء والنقاد والمفكرين فان لهم جملة من المواقف المضادة تجمع اغلبها على ان ما يعلنه ادونيس هو عكس ما يبطنه فهو فنان باطني من الطراز الاول .. ناهيكم عن دوره في الحط من شأن الثقافة العربية بجعله لها او قياسه لها من خلال ابتذال لغوي !! وربما اختلف مع هذا وذاك ، اذ اجد في ادونيس ليس ظاهرة غريبة ، بل اعاينه كواحد من المثقفين المعاصرين وقد تميّز عنهم بسمات فرضتها عليه بيئته المعزولة في سوريا كونه ابن طائفة نصيرية تتوضح تقاليدها في فنه او فكره بشكل فاضح . وسواء قبلنا ام لم نقبل ، فلابد ان نحترم خصوصيات الرجل وتقاليده حتى تلك المخزونة في اللاوعي الباطن. لا معرفة لي به لا يعرفني الرجل عن قرب ولا اعرفه .. ولكنني جالسته مرة واحدة في مدرسة الدراسات الشرقية والافريقية بجامعة لندن عندما جاء ليلقي شعره في واحدة من قاعاتها ولا ادري متى كان ذلك بالضبط وبدعوة ممن كانت ، ولكن بالتأكيد في مطلع عقد الثمانينيات من القرن المنصرم .. أتذكر جيدا انني جلست رفقة بعض الاصدقاء وكان بمعيتي بعض الاصدقاء والطلبة الذين يعشقون سماع الشعر الجديد وبالاخص من ادونيس بالذات .. جلسنا امام رجل قصير القامة كث الشعر باهت النظرات يتأبط جملة من الاوراق العريضة ، البسته بسيطة وقد تعّلق غليون الدخان في فمه ! اذكر انني لم اكن استسيغ ما كان يلقيه ادونيس لأنني كنت اعتقد بأنه نفسه لا يعرف ماذا يريد قوله ! ولكنني مع توالي الايام ، اكتشفت ان ادونيس يريد من الاخرين معرفة ما لابد له ان يقول ! لقد علق ادونيس بذاكرتي منذ تلك اللحظة التاريخية التي جمعتنا به ولعل اكثر ما رسخ في الوجدان : صوته وطريقة القائه الجاذبة التي تميزه فعلا كشاعر من نوع نادر الحصول ، ثم ايضا طريقته في التعبير كما كان قد اختص بها منذ زمن ليس بالقصير. وقفة عند حياته ولد أدونيس ، واسمه الحقيقي علي أحمد سعيد أسبر في قرية قصابين قرب بلدة جبلة شمالي غرب سورية العام 1929، وحدثني الصديق الشاعر الدكتور محمد عضيمة الذي زاملته بجامعة وهران بالجزائر قبل عشرين سنة ( وهو واحد من اقربائه وتربطه به علاقة راسخة قوية ) ان ادونيس تربى في بيئة نصيرية مشبعة بالماثور الطائفي الخارجي الباطني الشعبي. لم يلج مدرسة إلى سن الرابعة عشرة حيث درس في طرطوس وقبل ذلك درس على أبيه في المنزل حيث شعراء الطائفة والشعر القديم .. ومنذ بداياته الاولى كان متمردا على كل التقاليد ! في سنة 1944 نظم قصيدة شعرية أمام شكري القوتلي زعيم الاستقلال عن فرنسا وأول رئيس للجمهورية أثناء مروره ببلدة جبلة القريبة من قريته، في جولة قطرية، أعجب القوتلي بالقصيدة ومنح الشاب منحة دراسية، فانتقل إلى العاصمة دمشق حيث سيحصل على البكالوريا بعد خمس سنوات ومن بعدها شارك في الحركة السياسية والأدبية في تلك الفترة التحق بالجامعة السورية وتابع دراسته في شعبة الفلسفة والآداب بين سني 1950-1954 إلى أن نال الأستاذية بأطروحته عن الصوفية العربية، أثناء إقامته بدمشق انخرط في الحزب القومي السوري الذي أسسه المفكر أنطون سعادة (1904-1949) وتعرف على زوجته خالدة سعيد التي كانت ضمن نشيطات الحزب، وتزوجها في العام 1956 وانتقلا إلى لبنان واستقرا في بيروت. وبدأ أدونيس يتعاون مع يوسف الخال في تحرير مجلة شعر التي تعتبر علامة بارزة في تجديد الشعر العربي وكانت ذات الميول الاغترابية للفترة (1957-1963) وافترقا أدونيس ويوسف الخال) بعد ذلك، أو كما نقرأ بانهما " افترقا يلعن بعضهما البعض" أقام أدونيس في بيروت من عام 1956 إلى 1986وحصل على منحة من الحكومة الفرنسية للدراسة بالسوربون سنة 1960، وبعد نكسة 1967 أصدر أدونيس من بيروت مجلة "مواقف" التي كانت تعنى بالأنشطة الأدبية والثقافية الجديدة وأدت دوراً مكملاً لمجلة شعر التي توقفت . يصفها احد النقاد بقوله : أنها ظاهرة الشيوعيين العرب وتعاطفت مع شعرائهم في انعطاف بـ 180 درجة كالنقيض للنقيض لموقفه الذي تبناه مع يوسف الخال في مجلة شعر. حصل ادونيس في سنة 1973 على دكتوراه من جامعة القديس يوسف ببيروت، وم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram