TOP

جريدة المدى > سياسية > هواء في شبك: مَنْ باع بخار الطعام يقبض رنينَ الدراهم

هواء في شبك: مَنْ باع بخار الطعام يقبض رنينَ الدراهم

نشر في: 6 نوفمبر, 2009: 06:11 م

عبدالله السكوتيعثر أحد الفقراء على كسرة خبز يابسة ، حملها واتجه الى مطعم في نهاية الشارع ورأى الطعام يغلي والروائح الزكية تخرج منه ، تقدم الى القدر واخذ يقطع من كسرة الخبز ويضعها فوق البخار المتصاعد منه ، وما ان ترطبت أكلها ، عجب الطاهي لهذا النوع من الطعام وأخذ يتأمل فيه وبعد ان فرغ الفقير من كسرة الخبز واراد الانصراف ،
 قام صاحب المطعم وتعلق به مطالبا بثمن البخار ، فامتنع الفقير محتجا انه لم يتناول سوى البخار ، شكاه صاحب المطعم الى القاضي وبعد أن سمع القاضي اقوال الطرفين اخرج بضعة دراهم من جيبه وألقاها بقرب اذن صاحب المطعم قائلاً : هات اذنك وخذ رنين الدراهم ، اعترض صاحب المطعم فقال له القاضي :(من باع بخار الطعام يقبض رنين الدراهم). هذه الحكابة منطبقة تماما على أوضاعنا ، لقد اشترى الشعب العراقي البخار وها هو يتنعم بكسرة خبزه على بخارهم الذي لا ينتهي ، كل يوم هم في شأن ونحن نرتقب وننقع أفكارنا على بخارهم وفي النهاية سيكون حكم القاضي ان لا نعطيهم سوى الرنين وحسب لا غير ، لكننا نريد ان نبدأ ببناء واعمار وطننا وميزانياتهم التكميلية لا تتيح لنا الحركة ، جميع مشاريع الدولة معطلة ، ونحن بانتظار ان نبدأ اول مشاريعنا واذا بنا ندخل في نفق يأخذنا الى آخر لننتظر وننتظر الى اخر الانتظار. لقد باعونا بخارا ويريدون الثمن ، وللأسف دفعنا ثمنا غاليا ، دماءنا التي سفكت ببساطة وعلى مرأى ومسمع الجميع ، ليخرج احد القادة الامنيين ويصرح ان هذه التضحيات محسوبة وهي طبيعية ، وكأننا في ساحة معركة وفي حرب من الحروب السابقة عندما يكون الجندي ارخص من ثمن بندقيته. المؤلم في الأمر ان الارواح البريئة تنسى بسرعة وتُقلب الصفحات حتى تأتي المصيبة التالية وتبدأ القنوات الفضائية بتناول الحدث بحسب ايديولوجيتها وحسب ما تريد لقناعها ان تظهر به ، يعني حتى في الموت مستَغلّين وننفذ بعلم او بغير علم مايراد منا، ونحن احياء ودماؤنا بضاعة رابحة حتى يتم تمزيقنا لنصبح مصدر ضحك للبعض وبكاء للبعض الآخر. الرجل الفقير اكل خبزا مع بخار القدور ، لكنه لم يدفع سوى رنين الدراهم ، فما بالنا وقد دفعنا الكثير وخسرنا الكثير ويبدأ الحلم الديمقراطي الذي راود شعبنا الحالم بالحرية بجميع شرائحه لنحصد الموت مع توقنا الى ان نكمل المشوار ، مع صحته الشعب يعالج سكرات الموت بديمقراطيته الوليدة التي يحاول البعض اجهاضها مدفوعاً باجندات لئيمة ، وزعت الموت على شكل عصابات مرة ، واخرى بارهاب منتظم بتخطيط مبرمج وقتل مبرمج ، هذا الأمر يتطلب وحدة في الروح ووحدة في القيم ، قيم الحياة التي بدأنا نفقدها لنبحث عن قيم الموت ، الموت فقط مع ان الانبياء والصالحين والمصلحين هبطوا برسالاتهم لتقنين الحياة وبرمجتها ومن ثم وعدوا المفسدين فيها بالعقوبة. يجب ان نعيد بناء مشاعرنا التي خربها الارهاب ، لقد تحولنا الى ارقام في قائمة طويلة تلتصق على ابواب الوزارات وابواب الجمعيات ، ما لهذا الخراب الذي نرقبه بنظرات ثاقبة من دون حركة ، مع الصمت يجب اكمال مشروعنا ، وانا على ثقة ان اكتمال المشروع الوطني لدينا سوف يصيب الآخرين من القتلة وسماسرة الدماء بالموت ، ولذا علينا ان نمضي في بناء الحياة ونتركهم يخططون للموت ، ويحلمون بالدم والرعب والخوف. لقد شمما عطر الطعام فهيأنا اقراصنا وهرولنا باتجاه بغيتنا لكننا دفعنا ثمن البخار وطعم الرائحة بينما اخذوا منا ما يستطيعون ولم نأخذ سوى الدخان وطعم الرائحة ، لن نقنع بالرائحة فقط ولن ندفع سوى رنين الدراهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

أطراف في
سياسية

أطراف في "الإطار" تحذر من تظاهرات وتحركات "البعث".. هل استنسخوا خطة الأسد؟

بغداد/ تميم الحسن على خلاف ما يصرّح به رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، تحذر أطراف في "الإطار التنسيقي" من "مؤامرات داخلية" مدعومة من الخارج، بالتزامن مع التغيرات في سوريا.غالبًا ما تشير هذه التحذيرات، ضمنيًا...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram