فالح حسن الحمراني توصلت الحكومة العراقية في اطار غياب العقيدة الاستراتيجية وربما اسعي لتأكيد «الذات» الى استنتاج مفاجئ يرمي الى ان على العراق ومن أجل فرض احترامه على الآخرين إحياء البرنامج النووي.ولا تستعجل الجهات الرسمية هناك الرد على السؤال المشروع عن الاسلوب والوسيلة
التي ستستعملها لحماية التكنولوجيات الخطرة في ظل ظروف عجز الحكومة العراقية والمؤسسات الخاضعة لها لحد الآن حتى عن فرض النظام والامن في بغداد والمناطق المحيطة بهاناهيك عن الفشل بتوفير ابسط حاجات المواطن اليومية بما في ذلك الأمن والكهرباء والماء والخبز والخدمات الصحية وتقدم انفلونزا الخنازير المخيف. فما الدوافع التي دعت للاعلان عن الخطوة الخطرة؟ أهي شعارات انتخابية لبعض الاطراف السياسية،ام انها فعلا استراتيجية مدروسة، او مجرد الركض وراء الموضة؟ حينما تلفتت النخبة السياسية صانعة القرار فوجدت ان عليها ان تحذو حذو الدول المحيطة بالعراق والتي اما ان تكون قد امتلكت السلاح النووي او انها وضعت برامج لتدجين الذرة لأغراض سلمية وغير سلمية. وبات من الصعب عليها الصمود امام اغراء فتح "القنينة لخروج العفريت المارد"،متجاهلة ان العراق يعج بمختلف الجماعات والفصائل الإرهابية والمسلحة وشبكات الجريمة المنظمة التي تمارس القتل اليومي واللصوصية. ولم يمض يوم دون ان يتناهى لأسماعنا عن انفجار سيارة مفخخة او تفجير انتحاري نفسه وسط التجمعات البشرية او مواجهة مع مسلحين، أما القوة الفعلية الوحيدة المتمثلة بالقوات الأمريكية المتمركزة في العراق فانها تسعى لعدم دس انفها في المجريات وتتأهب للرحيل عن العراق في ضوء الاستراتيجية الامريكية الجديدة التي تضع الرهان على افغانستان وباكستان.فما الذي سيحدث اذا ما وقعت التكنولوجيا القابلة لصنع أخطر أسلحة ابادة على الارض بقبضة القتلة الذين يشعرون بان بيدهم بطاقة خضراء لممارسة العنف والارهاب في العراق وانهم باتوا مطلقي الايدي؟. وحسب تقرير اوردته اذاعة العراق الحر فان العراق يسعى منذ قرابة أربعة أعوام الى امتلاك برنامج نووي للأغراض السلمية. وحسب تقرير الاذاعة يبدو انه قد تحقق النجاح بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ونقلت إذاعة العراق الحر عن رئيس اللجنة الوطنية العراقية للطاقة الذرية فؤاد الموسوي قوله "يمتلك العراق الآن برنامجا نوويا للأغراض السلمية، وهو يتقدم ويتطور سريعا بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية"،ونفى الموسوي إعادة إحياء برنامجه النووي شيء ليس بالمستحيل". وفي الوقت الذي دعا فيه مقرر لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان مثال الآلوسي الحكومة العراقية إلى الإسراع بتطوير قدرات العراق النووية السلمية، شدد على ان هذا الأمر لن يثير حفيظة اي طرف إقليمي او دولي قائلا "إننا نطلب امتلاك مفاعلات من التي لا يمكن ان تستخدم الا للأغراض السلمية، واعتقد اننا بذلك نوضح منذ البداية موقفنا الداعي لتعزيز السلام والامن في المنطقة".. وتناسى الآلوسي ان النوايا هي وحدها التي تقف بين ان يكون المفاعل النووي للاغراض السلمية ام العسكرية. والغريب ان الحكومة العراقية اعلنت عن خططها الجنونية قبل ان تجف دماء ضحايا العملية الإرهابية في الاحد الدامي في بغداد، حين فجر انتحاريان نفسيهما بسيارتين، وكان الانفجار من القوة بحيث اسفر عن سقوط اكثر من 150 قتيلا واصابة المئات، وكان وسط القتلى زهاء70 طفلا. او بكلمة اخرى ان الإرهابين يتصرفون اليوم في العراق بوحشية وتحد سافر. واعترفت الحكومة العراقية في بيانها عن احياء انشطة لجنة الطاقة النووية بانها معنية ايضا بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية في مجالات عدة اهمها تصفية النفايات النووية. وتكمن القضية هنا في ان العراق كان قد وقع مع فرنسا عام 1976 على اتفاقية لبناء مفاعل نووي، ولكن الخبراء وفي ذروة حرب العراق مع إيران اجمعوا بصوت واحد على ان المفاعل النووي سيوظف لانتاج سلاح نووي، وقامت القوة الجوية الإسرائيلية بتدمير المنشأة النووية تماما. وان اشعة الفتات النووي منها مازالت تمارس عملها على بعد 19 كيلو متراً عن بغداد ،منذ ذلك الحين، وان ازالة هذه الاشعة التي هي مصدر موت البشر، ما زالت مشكلة ملحة قائمة امام الحكومة العراقية ومن الواضح ان الحكومة العراقية قد لا تعتزم حصر انشطة اللجنة التي اعيد احياؤها بإيجاد حل لهذه المشكلة. فما الغرض اذن من وضع برامج لاستخدام الطاقة النووية؟ هل الحكومة تخطط لبناء محطة كهروذرية؟ لتكون هدفا للإرهابيين لتفجيرها كي يفتخروا على رؤوس الملأ في العالم اجمع من تمكنهم من تكرار فاجعة انفجار محطة تشيرنوبيل باوكرانيا في الثمانينيات. ام ان احتدام الوضع السياسي دفع بعض الراديكاليين" من اصحاب الرؤوس الحارة" في بغداد للتفكير جديا بان الحفاظ على وحدة التراب تستدعي امتلاك سلاح نووي.علما ان منظمة القاعدة والجماعات الملتفة حولها، تنتظر تجسيد مثل تلك الخطط بفارغ الصبر؟.
مفــاعـل: إحياء البرنامج النووي في العراق: هل هو قرار سابق لأوانه؟
نشر في: 8 نوفمبر, 2009: 04:19 م