أحمد مختار- لندن يقول ابن المقري : "في كل مرة كان للسلطة دور كبير في الانتصار لعامليها و الموالين لها ورجالات السياسة يدعمون من ينفذ غاياتهم السياسية"، فهناك دور كبير للسلطة في تكوين قوة الموسيقي منذ سالف العصور وكانت و لم تزل تساهم بتغيير وجهة الحقائق التاريخية،
خصوصا مع الموسيقي الانتهازي الذي يغطي جرائم السلطة و يركز على اخرى لا تدينها. وهنالك من يبرر التعاون مع السطة منذ العصور القديمة الى اليوم بالقول أن إجبار مبدع على مغادرة وطنه قد يقتل في نفسه بواعث ذلك الأبداع. ولكن باعتقادنا أن المبدع الأصيل قد يرتقي بأبداعة إلى مقاومة قمع السلطة ومآربها في الداخل ومقاومة عوامل الغربة و النفي في الخارج ويحتكم الى الانسانية التي من المفترض أنه جاء ليعمل من أجلها، فتكون هي السلطة عليه وعلى موسيقاه، وهي السحر والدافع للأبداع، لا غير. و هنا نقصد دائما المرتبطين بشكل عضوي مع الأنظمة و الذين صُنعوا بادواتها، و الذين لم يتخلوا عن انظمتهم حتى عند توفر الفرصة المناسبة، و في الواقع ان تقديم أغانٍ في لحظات احتضار سلطة مجرمة، يدلل على ضعف مغني السلطة روحياً و ابداعياً و ان حبله السري مرتبط بها، او أهداء موسيقي (أسطوانته الذهبية كما اسماها) الى رئيسه الدكتاتور، او اقامته حفلاً بمناسبة شفاء ابن الأخير (أمسية زين الشباب)، والتغطية على جرائم نظام انكسرت عربته، ذلك يدلل على ضعف ذلك الموسيقي وسر صناعته السلطوية. مقابل ذلك جاءت مكافأتهم زمن النظام بالقفز بين دول العالم و بالترشيح الى جائزة الموسيقى لمنظمة اليونسكو ممثلين للنظام ،و معرفة منظمة اليونسكو بالامر افشل المشروع. ونتيجة لاستمرارهم بدعم المقاومة الأرهابية حتى بعد سقوط بعض الانظمة مازالوا يحصلون على جوائز مالية بعشرات الالاف من الدولارات ودعم لوجستي و إعلامي و يؤسسون شركات فنية ،وذلك بدعم جهات يعيشون في كنفها ، يهمها إدامة العمل بالنظم الدكتاتورية او تحسست رقابها بعد سقوط الصنم العراقي. فمازالوا يمثلون اراء الجهات الدكتاتورية وليس المستوى الفني الذي تراجع بشكل ملحوظ لديهم والجوائز هي جوائز للمقاومة الارهابية التي يعملون معها والتي توغل بالدم العراقي كل يوم. أن الزمان ومقومات العصر اليوم مختلفة عن الماضي لاسباب كثيرة اهمها لإن وسائل التدوين و الاعلام ليست حكرا على سلطة او مؤسسة معينة، وصار بإمكان الفنان المبدع الواثق من فنه ان يمارس دوره الانساني وبوسائل إيصال متعددة، فلا يستطيع اي متوهم تغييبه اوإلغاءه مهما امتلك من القوة الأعلامية والدعم اوالسحت الحرام. صحيح أن موسيقي الدكتاتوريات سوف يؤثر إعلاميا بعض الشيء بالتعاون مع أعوان له في هذا المجال (الاعلام-المهرجانات) الذين يخدمون ضمن منطق ( تبادل الخدمات) ، لكن لن يصل الى حد الغاء أو تغييب الاخر، لأن ظروف العصر و تقنياته مغايرة تماما للسابق، وسيساهم بصناعة التاريخ كل من يمتلك الموهبة والانتاج العميق، وسيحشر في صفحته السوداء كل من ايد القتل بحجج واهية. ونود أن نذكر أن الفرصة مازالت متاحة للمصارحة و الاعتذار الصادقين ولتصحيح المسار والكف عن استغلال مصائب الشعوب و مازال هناك امل بسماع الكثير من الاسماء تعتذر عن مساندتها لسلطات القمع وتأييدها المقاومة الارهابية، وعلينا ان نتحلى بالصبر ونكون متسامحين ونتقبل الحجة التي سيكون عليها الاعتذار، لكن يجب ان يكون اعتذاراً صادقاً لكي نساهم ببناء مجتمع وجيل بعيداً عن الانتهازية و الكذب، ولكي لا يتكرر ما حل بنا من مآسٍ ونصبح جسراً ثم ننسف ويبدأ فصل جديد من فصول التسلط والمتاجرة بقضايا الناس. و على الثقافة و الاعلام ان لا تقبل باقل من الاعتذار العلني الواضح الصادق. فهل سنسمع اعتذارهم من الشعب العراقي؟ ام سيدرجهم السياسي الانتهازي والجاهل بالفن وتابعيه ضمن المشهد الموسيقي باعتبارهم جزءاً من مشروع عودة ازلام النظام السابق؟
صحوة موسيقيي المقاومة
نشر في: 8 نوفمبر, 2009: 05:15 م