اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > إلى الدولة.. متى نفتخر ببناء يليق بالقضاء العراقي؟

إلى الدولة.. متى نفتخر ببناء يليق بالقضاء العراقي؟

نشر في: 10 نوفمبر, 2009: 05:25 م

القاضي زهير كاظم عبود كل دول العالم التي تحترم القضاء وتفتخر باستقلاليته وحياديته عملياً ودستورياً، بادرت لترجمة تلك المواقف الأساسية التي رسمها الدستور، وآمنت بها تلك الشعوب، لتعلي من شأن تقديسها للعدالة، وتقرن تلك المشاعر بأطر الحرية والديمقراطية والحقوق التي نص عليها الدستور، بكيان السلطة القضائية.
وليس غريبا أن تزعم السلطات المبادة التي مرت على العراق أنها تحترم القضاء ولا تتدخل في شؤونه، غير إنها لا تكترث لبناء يليق بتلك النخب التي تفني أعمارها في البحث والتقصي والدراسة وإصدار البحوث والقرارات والأحكام، من أجل إرساء أركان العدالة، وتثبيت الحقوق الأساسية التي نص عليها الدستور وحماية الحريات. ليس غريبا أن يكون الحديث دعائيا وإعلاميا حين تحرص تلك السلطات على أن تكون مقراتها لائقة ودوائرها شامخة ناسية إنها سلطة تنفيذية لا ترتقي فوق هام السلطة القضائية، ولا يجعلها أي نص قانوني أو دستوري تتقدم أو تسمو عليها، ولهذا بقيت على الدوام مقرات وبنايات مجلس القضاء الأعلى ومن قبله مجلس العدل في أروقة بنايات لا تليق بها ولا تجعل العراقي يتفاخر بها، ولا ترتقي لمستوى المهمة الدستورية الكبيرة المنوطة بها، سواء بالمحكمة الاتحادية العليا أو بمجلس القضاء الأعلى. اطلع العراقيون بحكم هجرتهم الكبيرة في بلدان الله على البنايات الجميلة التي تليق بالقضاء في تلك البلدان، كما لاحظنا مدى حرص تلك الدول على أن يكون مقر المحكمة الاتحادية العليا أو الهيئات القضائية العليا جميلا وأنيقا ولافتا للنظر، حتى إن مدناً عديدة جعلت من صرح بناء هذه المقرات معلما من معالم المدينة إن لم يكن من معالم البلاد كلها، وحق لها أن تتفاخر، وحق لها أن تعكس حقيقة اعتزازها بالقضاء في بلادها، وأن تتباهى بهذه الحقيقة أمام العالم. وإزاء بناء دولة القانون وصدور دستور دائم يؤمن بنظرية فصل السلطات، ويؤكد أن السلطات الثلاث، والسلطة القضائية تتكون من مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا ومن محكمة التمييز الاتحادية ومن جهاز الادعاء العام وهيئة الإشراف القضائي والمحاكم الأخرى التي تنظم وفقا للقانون، وعليه فإن مبدأ سيادة القانون من المبادئ الدستورية التي ينبغي أن يقوم تأسيس الدولة عليها، ووفقا لما نص عليه الدستور في الباب الثاني: الحقوق والحريات. وحيث أن العدالة تستحق كل الدعم والتكريم وإظهار مبانيها بالمظهر اللائق، تكريماً لرسالة القضاء العراقي في حماية حقوق الإنسان، وحريته وكرامته، والتي تأتي امتثالاً لقوله تعالى(وكرمنا بني آدم)، وتلبية لمتطلبات الواقع العراقي الجديد، فلابد من أن تنعكس أسس الإيمان باستقلالية السلطة القضائية، ليس فقط في عدم وجود سلطة تتدخل في شؤون القضاء او العدالة، ولا في أشكال التسلط والتدخل كافة، بل في الصروح التي تليق بكل هذه الهيئات التي تشكل عموداً من أعمدة السلطات الثلاث، وركائز أساسية ومهمة من مفاصل العدالة والقضاء في العراق. وإذا كانت عزة النفس والاباء تدفعان المسؤولين عن هذه الهيئات الرفيعة التي تنسج مستقبل دولة القانون وتساهم في ترسيخ أسس العدالة في العراق، لأن يلتزموا الصمت ويمتنعوا من المطالب بأبسط مستلزمات تقدير واحترام وتعزيز القضاء في صروح مستقلة تليق بها، في حين بقيت على الدوام ولسنين طوال جميع هذه الهيئات ضيوفاً على مقر بناية وزارة العدل، وجميعنا يعرف الخلط الحاصل بين مهمات مجلس القضاء وهو يقود عملية تأسيس القضاء العراقي في الزمن الجديد، وهو هيئة مستقلة لا تتبع أي سلطة أخرى، وبين وزارة العدل وهو هيئة تنفيذية تتبع رئاسة الوزراء، وبدلا من الحرص على تعزيز تلك الاستقلالية أعتقد الكثير من أبناء شعبنا أن هناك تبعية وتداخلاً في العمل والصلاحيات. لقد حرصت السلطة التنفيذية على اختيار مقراتها وبناياتها بما يليق بها، وبما ينسجم مع حجم مهماتها، إلا إنها تناست أن رفعة ومكانة السلطة القضائية يرفع من شأنها ويعزز مكانتها ويرسخ إيمانها بنظرية فصل السلطات الذي تتعكز عليه في عملها الدستوري . وتوضحت تلك الصورة بشكل جلي وملموس حين تم تنفيذ الفعل الإرهابي والإجرامي الغادر في التفجير الحاصل يوم الأحد الدامي أمام بناية وزارة العدل والتي يشغل قسم منها مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية والادعاء العام والإشراف القضائي، وبالرغم من الخسائر البشرية التي تكبدتها فإن خسائر مادية جسيمة عرقلت عملها وشلت أداءها. بادرت السلطة التنفيذية الى إيجاد مقر بديل لوزارة العدل باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من جسد السلطة التنفيذية، وبقيت مفاصل السلطة القضائية تفتقد بناية ومقراً يجمعها ويليق بها، ولما لم تجد من يمهد لها الطريق، بادرت لتشتيت تلك المفاصل وإيجاد مقر بديل لا يتسع لها ولا يليق بها، غير انها لم تجد بدا من أن تعود لتعمل في أحلك الظروف من اجل أن تمثل بشكل واضح حجم المسؤولية التي وضعها الدستور على عاتقها، والتي حرص المسؤولون عن هذه المفاصل على تحقيقها بالروح التي أكدها الدستور، ليكونوا على قدر تلك المسؤولية في إكمال مستلزمات العدالة في العراق. وإزاء هذا كان لابد من التفكير مليا في صرح نفتخر به ينسجم مع حجم واستقلالية السلطة القضائية، ويجمع مفاصلها، وحتى يمكن حقا أن نحترم استقلالية القضا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram