اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > كـــيـــف نــقـــرأ فــيــلــمـــاً ؟

كـــيـــف نــقـــرأ فــيــلــمـــاً ؟

نشر في: 11 نوفمبر, 2009: 04:32 م

د. جواد بشارة- باريس غرقت في السنوات الخمس الأخيرة في السياسة والكتابة السياسية والموضوعات العلمية وأهملت عشقي الأول، أي السينما، التي كرست لها أجمل سنوات العمر منذ الطفولة إلى يوم الناس هذا. وأثناء ترتيب وتنظيم مكتبتي الشخصية وأرشيفي الشخصي وقع نظري على كراسة محاضرات يعود تاريخها إلى عام 1980 ومعها شريط فيديو لفيلم " الاحتقار" للمخرج الفرنسي المبدع،
 وأحد أعمدة مدرسة الموجة الجديدة في السينما الفرنسية في سنوات الخمسينيات والستينيات في القرن الماضي، ألا وهو جان لوك غودار. فعدت بذاكرتي إلى الوراء إلى أوائل السبعينيات من القرن العشرين في محافظة بابل، عندما عرض هذا الفيلم للمرة الأولى في إحدى صالات السينما في مدينة الحلة، ولم يكن أحد في ذلك الوقت قد سمع باسم مخرج الفيلم أو يعني له الكثير عدا صديقي القديم، الذي أصبح مخرجاً سينمائياً مبدعاً هو الآخر اليوم، وهو الدكتور عباس فاضل. كان عدد قليل من المشاهدين قد ذهبوا لمشاهدة الفيلم بسبب وجود إسم نجمة الإغراء الفرنسية الشهيرة بريجيت باردو على ملصقه الدعائي، أملاً في التمتع ببعض مشاهد العري لا أكثر كما أعتقد، ولكن سرعان ما أصابهم الملل والخيبة فغادروا الصالة. ذهبت لمشاهدة الفيلم لأكثر من خمس مرات متتالية في محاولة لفهم واستيعاب وتحليل لغته الإخراجية وأبعاده الجمالية. وبعد مرور عقد من الزمن، كنت أواظب على حضور دروس السينما ومادة الإخراج حصراً عند المخرج الكبير إريك رومير زميل غودار في مدرسة الموجة الجديدة، ومحاضرات الباحث الكبير دومنيك نوغيز في السينما التجريبية ومحاضرات الأستاذ البروفيسور ميشيل ماري في اللغة السينمائية والتحليل الفيلمي، والذي أصبح فيما بعد رئيساً لقسم السينما في جامعة باريس 3 السوربون الجديدة. كانت الكراسة التي عثرت عليها بين أرشيفي عبارة عن نصوص وملاحظات دونتها من محاضرات الأستاذ البورفيسور ميشيل ماري حول مجموعة من المخرجين الطليعيين الذين كان يختار من كل واحد منهم فيلم نموذجي يقوم بتفكيكه وتحليله بغية استيعاب وفهم لغته الإخراجية ومن بين هؤلاء المخرجين كان قد اختار جان لوك غودار وفيلمه " الاحتقار" وآلان رينيه وفيلمه" مورييل". الملاحظات والهوامش والتعليقات ونصوص المحاضرات كتبت باللغة الفرنسية بالطبع لتساعدني في تأدية الامتحانات وإعداد العروض الطلابية Exposés التي كان يكلفنا بها الأساتذة لنلقيها على الزملاء. انتابتني رغبة ملحة لنقلها إلى اللغة العربية رغم قدمها بعد أن مر عليها ثلاثة عقود من الزمن بيد أنها في نظري ما تزال صالحة ومهمة كأفضل كتابات في مجال فهم الفيلم وتحليله وقراءته سينمائياً وهي تهم الطلاب والنقاد المبتدئين ومحبي أو هواة الفن السينمائي، وبالأخص طلاب السينما. تذكرت مدى معاناتي في شبابي وبداية عهدي مع الفن السينمائي عندما كنت أتمنى الحصول على مثل هذه النصوص القيمة والنادرة والدراسات والمحاضرات التي من شأنها أن تساهم في بناء التكوين السينمائي الصحيح والذوق السينمائي الرفيع. يعد فيلم الاحتقار لغودار واحداً من الآثار السينمائية الخالدة والبارزة جداً في حوليات السينما الفرنسية وفي تاريخ السينما العالمية المعاصر، وبالتالي فإن قراءته وفهمه يستدعي تفكيك وإعادة ترتيب بنيته الدرامية والسردية وتحليل ثيماته الرئيسية ودراسة شخصياته وخصوصياته الجمالية ومشاهده المميزة ومعرفة ظروف إنتاجه وإخراجه والفترة الزمنية التي رافقت خروجه وملابساتها إلى جانب سيرة حياة مخرجه وأعماله الأخرى ولو باختصار ورأي النقاد به وبأفلامه لاسيما الفيلم موضوع الدراسة وذلك من أجل مزيد من الفهم والتأمل.تبدأ كراسة المحاضرات التي ألقاها علينا الأستاذ البروفيسور ميشيل ماري بوصف الظروف السياسية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية والمعنوية التي كانت سائدة في فرنسا آنذاك أي في فترة صنع الفيلم. ففي سنة 1963 كانت الجمهورية الفرنسية الرابعة، بقيادة الجنرال ديغول، قد وضعت للتو نهاية لحرب الجزائر، بعد ثماني سنوات من الحرب الاستعمارية التي راح ضحيتها الكثيرون من الجانب الفرنسي وحوالي المليون شهيد من الجانب الجزائري، وكانت فرنسا على تماس مع تداعيات تلك الحرب وعلى شفا انفجار حرب أهلية داخلية بسبب حرب الجزائر وما تمخض عنها. شهد المجتمع الفرنسي، في فترة ما بعد الحرب، وخلال السنوات العشر التي تلت استقلال الجزائر، سلسلة من التحولات الجوهرية والتغيرات الهائلة في نمط المعيشة والذوق والمزاجية النفسية والسلوكية وطرق التفكير والسلوك والممارسات الثقافية. كان المخرج جان لوك غودار هو الشاهد على كل تلك التحولات حيث استلهم منها أغلب مواضيع أفلامه الأولى لاسيما فيلمه الذي أثار زوبعة من الاحتجاجات والانتقادات وعانى من مصاعب جمة مع جهاز الرقابة وهو فيلم " امرأة متزوجة" إذ كان في البداية يحمل عنوان " المرأة المتزوجة" بلام التعريف التي تعني التعميم وذلك سنة 1964 فقامت عليه قيامة الغضب ونظمت جمعيات النساء تظاهرات ضده لأنه اعتبر كل إمراة فرنسية متزوجة خائنة لا محالة للحياة الزوجية على غرار بطلة فيلمه. وكانت وسائل الإعلام تتعامل معه باعتباره أبرز مخرج من مخرجي جيله آنذاك وكان عمره 33 عاماً. كانت مدرسة الموجة الجديدة ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في درجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram