شيلا وايتكرترجمة: نجاح الجبيليلاحظ "جان رينوار" مرة إن "الحقيقة دائماً تكون ساحرة" في أفلام زميله المصري يوسف شاهين. لقد صنع شاهين ، الذي توفي وعمره 82 سنة بسبب نزيف المخ، أكثـر من 40 فيلماً إذ تتحرى أعماله باطراد الوطنية الصادقة التي تعني أن تكون مصرياً، والحاجة إلى التسامح والمجتمع العادل.
وعلى الرغم من تقدير المخرجين الأوربيين له وتفضيله في المهرجانات العالمية إلا أن التوزيع التجاري لأفلامه في الغرب- عدا فرنسا- بقي محدوداً ، وكانت أعماله المتأخرة أحياناً تعرضت إلى التهديدات من قبل الأصوليين في العالم الإسلامي. في أواخر السبعينيات والثمانينيات أخرج ثلاثية سير ذاتية جلبت له شهرة عالميةً واسعةً (أسكندرية ليه – 1978 ، حدوتة مصرية – 1982 ، أسكندرية كمان وكمان – 1989 ) وتدور أحداثها في الإسكندرية عام 1942 حيث كانت الوطنية المصرية نفسها تواجه الاحتلال البريطاني مما استدعى إرسال المزيد من القوات هناك للقتال ضد الألمان، ويربط فيلم "أسكندرية ليه" مقاطع من أفلام هوليودية موسيقية وأفلام خبرية من متحف الحرب الإمبراطوري. وكان ذلك في زمن اتفاقية كامب ديفيد ودعوة الثلاثية للتسامح فسرّت كونها مساندة للرئيس أنور السادات في زيارته للقدس عام 1977 وما لحقها من اتفاقيات مع إسرائيل عام 1979 والتطورات غير المألوفة جداً في العالم العربي. وعلى الرغم من أن المنظمات الفلسطينية قبلت الفيلم إلا أنه منع في عدد من الدول العربية. ومع ذلك فقد فاز بجائزة الحكام في مهرجان برلين السينمائي. ولد شاهين في الإسكندرية المحتلة من قبل البريطانيين في عائلة تتكلم أربع لغات. كان والده محامياً لبنانياً مسيحياً ومناصراً لحزب الوفد الوطني وكانت أمه إغريقية. درس في مدرسة اللاهوت المسيحي في كلية فكتوريا التي كانت تعطي دروسها بالإنكليزية.ومشاهدته لمسرحيات خيال الظل في طفولته ثم أفلام حجم 9.5 ملم حفزت لديه الرغبة في الحصول على مهنة في المسرح. وحين بلغ السابعة عشرة أقدم على إخراج مسرحية غنائية في سينما الحمراء بعد مشاهدة فيلم وثائقي عن مخرج الاستعراضات الأمريكي فلورنز زيغفلد. ولسوء الحظ فإن المالك أتاح فقط ساعتين كوقت للبروفة وكان العائد كارثياً لهذا فإن محاولة شاهين لإقناع أبيه لدراسة التمثيل فشلت. وبدلاً من ذلك ذهب إلى جامعة الإسكندرية ليدرس الهندسة – وهو اختيار أبيه- حيث أخرج أكثر من مسرحية غنائية ناجحة وأخيراً أقنع أبويه بإرساله إلى معهد باسادينا في كاليفورنيا حيث أنهى فصلاً دراسيا في التمثيل من ثلاث سنوات خلال سنتين. وعند عودته قرر ان يخرج الأفلام، فأخرج فيلما كوميديا بعنوان " بابا أمين"- 1950 حين كان عمره 24 سنة. وكان فيلم "ابن النيل" هو الفيلم الرئيسي الأول الذي يستعمل فيه المواقع الخارجية وبدأ نشاطه بعد الزفاف إلى زوجته الفرنسية المولودة في الأسكندرية "كوكو". وكان قد خطا خطوة واسعة في فيلم " باب الحديد" ، الذي يحكي قصة العمال المطرودين وصوره بالأبيض والأسود المدهشين. وكان أيضاً الظهور الأول لشاهين أمام الكاميرا – حيث أدى دور بائع الصحف المعوق "قناوي" إذ تظهر رغبته الجنسية المقموعة إلى السطح حين تصبح "هنومة" ، بائعة المشروب الغازي، هدف رغبته. أما فيلم "الناصر صلاح الدين" فهو ملحمته التاريخية التي أنتزعها من عز الدين ذو الفقار وأصبحت له. والفيلم بالألوان إذ وضع الرئيس جمال عبد الناصر تحت تصرفه 800 جندي و120 من سلاح الفرسان والفيلم يعتمد بشكل حر على سيرة البطل المسلم صلاح الدين الذي هزم الصليبيين. وبينما قدّم الفيلم صورة مثالية إلى حد ما للرجل، فإن نسجه القصة حول المبادئ الإسلامية – وبضمنها التسامح الديني الكريم مع بقية الأديان التوحيدية – وجدله دفاعاً عن حق الأمم العربية في حكم القدس جعلته وثيق الصلة بالصراع الفلسطيني بصورة أكبر على مدى الزمن. يستمر. وعلى الرغم من دعم ناصر الأساسي إلى أن مواجهة شاهين اللاحقة مع نائب وزير الثقافة حول فيلم آخر جعل الفيلم مهملاً في الجوائز الوطنية. ذهب شاهين إلى لبنان لإخراج كوميديا موسيقية (بياع الخواتم-1965) مع المطربة المعروفة فيروز لكنه رجع إلى مصر حين سمع بأن ناصر أشار إلى أن "الرجل المجنون" يمكن أن يرجع. وأول فيلم سياسي له كان " جميلة الجزائرية" – 1958 وهي قصة مؤثرة ضد الاحتلال الفرنسي أنتجت قبل الانسحاب الفرنسي لكن بعد حرب الأيام الستة عام 1967 أصبح سياسياً بصورة متزايدة. في عام 1972 أسس شركته الخاصة (مصر للأفلام) مع ابنه وابن أخيه ماريانا وغابريبل خوري لكنه عانى من نوبة قلبية خلال تصوير فيلم "العصفور"- 1973، وهو تأمل مباشر في هزيمة 1967، وخضع إلى عملية جراحية مفتوحة للقلب. استمر شاهين بصناعة الأفلام في التسعينيات لكنه بدأت متاعبه مع الأصوليين. ففي فيلم المهاجر – 1994 الذي عرض بنجاح حصلت المشكلة لأن القرآن يمنع تمثيل الأنبياء: وفي نظر الأصوليين كان الفيلم إعادة لقصة يوسف. وكان الفيلم محظوراً إلى أن كسب ش
يوسف شاهين: جرأته وإنجازاته لا ينكرها أحد
نشر في: 13 نوفمبر, 2009: 04:09 م