TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > أسطورة السينما العـربيــة

أسطورة السينما العـربيــة

نشر في: 13 نوفمبر, 2009: 04:33 م

باقر صاحب بالتاكيد ان تاريخ السينما المصرية والعربية دوّن للمبدع الكبير الراحل يوسف شاهين حرصه الكبير على احداث انقلاب كبير في ذائقة التلقي لجمهور السينما الذي يفضل في اغلب الاحيان مشاهدة ما سبق ان رآه بتنويعات طفيفة على المحتوى الاجتماعي والعاطفي لن تكون جديدة بل تفتعل التغيير نسبيا، مقولة (الجمهور عاوز كده) اسهم في تكريسها مخرجو الافلام التجارية والميوعة العاطفية
ومنتجو افلام شباك التذاكر التي تسرق جيوب الملايين ولا تمنحهم الا متعة سطحية مستثمرة قصص الحب التافهة ومشاهد الاثارة والعنف والمخدرات. ان السطحية الفكرية لهؤلاء المشاهدين تجعلهم يشاهدون هذه النوعية من الافلام عدة مرات لانها تداعب غريزة العاطفة والجنس والرغبة في تقليد قصص الجريمة في حين يعزفون عن مشاهدة افلام طليعية لمخرجين جادين على رأسهم الراحل يوسف شاهين منذ المرة الاولى فهي تتطلب غنى التفكير وبعد الافق فنيا وفكريا.هذا الحرص الكبير على احداث انقلاب كبير في الذائقة الفنية للمشاهد المصري والعربي ،بانت بواكيره منذ الفيلم الاول لشاهين(بابا امين)العام 1950 -اي عمر شاهين لا يتجاوز 24عاما،اذ استثمر الفنتازيا في هذا الفيلم عن حياة شخص ما بعد الموت. افلام شاهين كانت كنصوص الحداثة في الشعر والسرد لا يستطيع متلقوها ادراك مضامينها ومن ثم تاويلها بعد القراءة الاولى اذ تحتاج تأملا وقراءات اخرى، كذا افلامه بحاجة الى مشاهدات عدة لكي يمسك المشاهد المتأمل جوهرها الفكري ومتعتها الفنية. تفرد الراحل شاهين ايضا بصناعته افلام سيرته الذاتية ويعد بهذا رائدا فانتقد بوصفه مثقفا عربيا نخبويا حياته الشخصية في سلسلة افلام ذات مستوى فني عال، افلام مثل اسكندرية ليه، حدوتة مصرية، اسكندرية كمان وكمان، واسكندرية ـ نيويورك. حديثه عن سيرته في هذه الافلام المذكورة هو بمثابة(تحليل مرحلة زمنية ضمن رؤية خاصة به)(ابتسام عبد الله-جريدة المدى-الاربعاء 29-7-2009). يوسف شاهين مخرج افكار حرص على التوغل في نقد الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع المصري فضلا عن جنوحه الى الهم القومي احيانا في فيلم (جميلة بوحيرد) العام 1958 بشان الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي آنذاك، كما دأب على نقد الدين والسلطة شغوفا بالحرية والديمقراطية والعلمانية وبذل الجهود المضنية لتوصيل هذه الافكار بتقنية اخراجية عالية. وبالنظر لما للسيناريو من دور مهم في انتاج الافكار على الورق عمد دائما الى خلق مشاركة حقيقية مع كتاب سيناريوهات افلامه عبر جلساته المستمرة معهم من اجل ضمان دقة تنفيذ افكاره ورسم شخصيات افلامه على الورق. ومن انفرادات يوسف شاهين في ضوء قناعته التامة ان الخط الفكري والاخراجي يندر ان يناظره فيه مخرجون آخرون.انه عمل بجد واخلاص كبيرين على اعداد مخرجين شباب يواصلون منهجه الاخراجي وطرقه الفنية الوعرة من اجل خلق صناعة سينمائية تنتصر للجمال وابداع الدهشة وترسيخ القيم الانسانية العليا وتحرر ذائقة المتلقي من براثن السينما السهلة والافكار السطحية المبتذلة ومن هؤلاء المخرجين الجدد، خالد يوسف الذي لن يبدأ بما انتهى اليه الراحل بل شاركه في صنع رؤى الحداثة في السينما المصرية في فيلمي (هي فوضى) و(حين ميسرة) بل انتقد بعض النقاد الراحل شاهين في ان يكون المشرف الرئيس لفيلم (هي فوضى) مثلا ولكن العملية الاخراجية بادارة خالد يوسف ، اذ انتقد تركيز المخرج الشاب على مشاهد العري والاغتصاب والنقد غير المباشر للسلطة ورجال الدين وهي ثيمات تتكرر في افلام يوسف شاهين فسقط هذا الفيلم ـ على حد زعم النقاد كما هو اسمه في فوضى مربكة. كثيرا ما وصف يوسف شاهين من قبل بعض الاوساط السينمائية المصرية.. نقادا ومخرجين بانه وصل الى مستوى في الصناعة الاخراجية ـ وفي المرحلة الاخيرة من حياته تحديدا ـ لم يابه فيه بقضايا الجماهير وكانما اصبحت قضيته السينمائية مكرسة لرؤية الفن للفن لان الراحل قلب كل الاساليب الاخراجية راسا على عقب مؤسسا فنا سينمائيا معتمدا زوايا تصوير جديدة وحوارا مكثفا فضلا عن الانتقالات الصادمة في المونتاج بما يقتص من اي ترهل في السلسلة الفيلمية مستوعبا بذلك آخر ما وصلت اليه التقنيات الاخراجية في العالم. قد يكون الراحل في بعض افلامه غير عابئ البتة برأي جمهور السينما او باستيعابه لافلامه الغامضة وصولا الى مسألة تغيير ذائقته. ولكن شاهين في رحلته السينمائية التي تقرب من ستة عقود استطاع ان يلتهم مظاهر الحياة كافة بوساطة رؤى اخراجية مختلفة تتماهى مع مضامين افلامه فضلا عن الافلام الغنائية والاستعراضية التي قام ببطولاتها نجوم الغناء العربي آنذاك مثل فريد الاطرش وشادية وليلى مراد من الاجيال القديمة، ومطربات الاجيال الحديثة والرصينة،فاختار ماجدة الرومي في فيلم (عودة الابن الضال) العام1976، والمطربة لطيفة التونسية في (سكوت حنصور) العام 2001ومن المفارقة ان شاهين لحن للطيفة احدى اغاني هذا الفيلم. تنامي الوعي الاجتماعي للراحل تناغم مع تطور متصاعد في تجربته الاخراجية، فدافع عن الطبقات الاجتماعية المسحوقة في افلام(ابن النيل،صراع في الوادي، الارض). بالاضافة الى افلام تاريخية قدمت برؤية سينمائية جديدة شخصيات مهمة مثل(الناصر صلاح الدين) و(المصير)عن الفيلسوف ابن رشد الذي ادى دوره الممثل الكبير نور الشريف، وشخصية نابليون ب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram