اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > بــلاد تــلاحقنــا بالـمـراثــي

بــلاد تــلاحقنــا بالـمـراثــي

نشر في: 14 نوفمبر, 2009: 04:16 م

لطفية الدليمي هل الحياة على كوكب الأرض بهذه القتامة والفظاعة التي يصورها المحللون والمتحاورون على الشاشات ويشر عنها الدعاة الفضائيون من كل طائفة واتجاه؟ فلينظر هؤلاء إلى مسيرة البشرية في تاريخها المديد وليروا كيف أسهمت المخيلة المبدعة في صنع الحضارات وتقدم الإنسان
ونجاته من المهالك رغم سلطة الكهنوت وهيمنة محاكم التفتيش التي أدت ضغوطها وتعسفها وخرافاتها الى تمردات فجرت النهضة والتحديث في عالمنا المعاصر، وأظننا سنفتح آفاقا جديدة في حياتنا المحاصرة باشتداد ضغوط الدعوات اللاعقلانية وإباحة الموت عندما يتحرر الوعي ونحكّم العقل في تصريف أمور الحياة.. فهل تعجز أمة او شعوب تملك كل مقومات الحياة السوية عن إشاعة ثقافة الفرح ونبذ ثقافة الرثاء وإيقاف دعوات إهدار الدم؟ لماذا لانجعل اختلاف الأفكار والعقائد تربة خصبة للتقدم وتنوع العطاء لا للتنافر والتقاتل؟؟ بلاد تلاحقنا بالمراثي وتتباطأ خطاها لثقل أحزانها ووفرة الدموع والعبرات والآهات، متى تحسن هذه البلاد بكنوزها المادية والبشرية توظيف ثقافة الفرح لتسدد خطى الأجيال الجديدة نحو اجتناء معطيات الحياة المعاصرة من فكر وفن وعلوم أسوة ببقية البشر الذين لايعيشون إلا مرة واحدة ومن هنا حرصهم على السلام والبناء واقتناص المباهج ورعاية الجمال واعتناق المحبة.. ومتى نفتح صحفنا ونتطلع الى وسائل اعلامنا فنحظى بما يذكرنا بالأمل والمنجزات المتحققة في مجالات العلوم والابداع والفن وما يجدد لدينا طاقات العمل ويغذي أحلامنا بالغد لنكون في سوية بشر الأرض وبموازاة الذين يؤسسون للمستقبل؟ متى ننتهي من ثقافة الرثاء التي تتوقف عند كل ما هو ماض ومندثر وتعيق جريان الينابيع في القادم من أيامنا؟ والى متى نبقى أسرى الثكل واليتم الذي نعلنه لدى موت شاعر او شخصية لامعة في مجتمعاتنا؟ هل هي عقدة الأبوة المستحكمة في وعينا الجمعي فنرى في فقد شخصية عامة يتما وضياعا؟ أم ترانا ننكفئ على تراث ثقيل من الأحزان والكوارث يفجر مرارته فقدان شخص له كاريزماه ونجوميته التي كنا نتماهى معها؟ هل اليتم الذي يستشعره البعض لدى فقدان شخصية عامة مؤشر على هشاشة الحاضر وفقدان الثقة بالنفس وما يحيط بها؟ ها نحن منذ مراثي أور السومرية الى مرثية تموز الذي يموت كل عام ليبعث في الربيع حتى مراثي إيرميا الى مرثية معن بن زائدة ومراثي الخنساء، حتى المراثي الحسينية ومراثي ابن الرومي وصولا إلى مراثي الزعماء الذين تؤلههم أوهام يتاماهم ورثاء الشعراء النجوم، مازلنا نقيم على صفحات الصحف والمواقع الالكترونية مجالس عزاء مفتوحة تستوعب أحزان أمة لا توازيها احزان أمة أخرى، ولا نجد ما يثير فينا البهجة والفرح ويرتفع بنا عن أحزاننا وخسائرنا.. وسط عالم مضطرب ومهدد بثقافة الإرهاب والحروب الطائفية والعرقية تبرز أهمية ثقافة الفرح لإسعاف الروح الإنسانية في مواجهاتها الصعبة مع ثقافة الموت وخطاب الدم.. وتواجه مسعى الإنسان في إشاعة ثقافة المحبة و الفرح تحديات كبيرة، فأناشيد الموت ورثاء الموتى والشهداء تطغى على مساحات الإعلام إلى جانب الخطاب السياسي المتشنج وتحليلات المحللين اليائسة ونذر الدعاة بعذاب القبر وتحريم كل ماله صلة بالحياة وإهدار الدم وتقتصر معظم نشرات الأخبار لدينا على صور الساسة وخطبهم وصور المآسي والمذابح وأخبار الأنشطة الإرهابية وتهمل أخبار الحياة وفعالياتها الأجمل ومكتشفات العقول العبقرية التي تسعد الإنسانية وتيسر لنا سبل العيش بابتكاراتها وجهدها العقلاني..ألا يستحق المرء في أمة الأحزان المقيمة أن يطلع على آخر إنجازات الفنون والإبداعات لتنفتح أمامه سبل التجدد ويحفزه تقدم البشرية على تجاوز كوارثه بدلاً من الاستسلام لها؟ لماذا لاتتضمن نشرات الاخبار شذرات من اخبار مبهجة و تعليقات مرحة؟ لماذا نرى مقدمي الاخبار متجهمين ووجوهم مغلقة على عبوس ينذرنا بأخبار مروعة تضاعف جرعات القنوط لدينا؟؟أليست ممكنات ثقافة الفرح متاحة وميسرة للناس جميعا في محبة وموسيقى ممتعة وفنون رفيعة وزهرة فواحة وعلاقات إنسانية سلسة وقوس قزح وشروق شمس و طموحٍات مشروعة ونزعات بناءة لتجميل الارض وإسعاد البشر؟ هل نحسن حقا التعاطي مع ثقافة الفرح ونتجاوز مزاج الندب والرثاء في زمن قادم؟؟ أم ترانا سنقيم في كهوف الاحزان إلى مابعد الأبد؟؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في درجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram