عبدالله السكوتييحكى ان واعظا جاب البراري ومرّ على جميع القرى باحثا عن عمل ، مستغلا موسما دينيا معينا ، لكنه كلما مرّ على قرية وجد لديها واعظها ، فصار خاليا من العمل حتى قصد آخر قرية واضعا امله كله فيها ، فلما وصل القرية وجد اهلها متجمهرين وقد امسكوا بثعلب يريدون قتله بعد ان اشبعوه ضربا ،
سألهم مابهم فقالوا: ان هذا الثعلب فتك بحيواناتنا ولم يبق لنا شيئا ولذا نريد قتله، اخذ الثعلب من بين ايديهم ووضع جبته عليه ثم ألبسه كشيدته واطلقه للريح ، استنكر اهل القرية فعل الواعظ متسائلين لماذا يفعل ذلك وانهم مصممون على قتل الثعلب فقال: بهذه الملابس سيقتله الجوع . كثير من الذين يقتلون الناس ويفخخون انفسهم من فاقدي الحس الانساني وربما من المرضى الذين لم تتوفر لهم فرصة للعلاج وهؤلاء يحاولون وضع منهج للناس على اعتبار وضعوا انفسهم فيه جزافا انهم ورثة الانبياء ، نادرا ما ترى احدا منهم يعرف قدر نفسه واكيد ان من لايعرف نفسه لايعرف ربه ، ابن ابي العوجاء حين ادركته المنية وهو من واضعي احتى يث المعروفين قال : لقد وضعت فيكم ثلاثة آلاف حديث كلها من نفسي، اي انه افترى وكذب وعمل ما عمل. لقد ألبسوا ثياب الوعاظ للثعالب حتى يفتكوا بالناس ظنا منهم ان هؤلاء يستطيعون بما يشبه السحر ان يمزقوا النسيج الاجتماعي وبالتالي من الممكن ان يأخذوا استراحة المقاتلين في بغداد حيث تغذيهم الدول المجاورة وتمد لهم يد العون لافشال العراق ، فقد لفظهم العالم واصبحوا منزوين بايديولوجية تعشق الموت وتعادي الحياة. لبسوا اللحى المتدلية واعتمروا على رؤوسهم قبعات وعمائم كي يستروا مافسد من بواطنهم ، لفظهم الجوع والحقد وعقدة النقص والفشل ليمارسوا اعمال الموت ومصادرة الرأي ، فهم كما يعتقدون على حق في كل ما يقولون لانهم يعرفون الحقيقة بحسب ادعائهم ـ وانهم يرون حور العين في الجنة ويغضون الابصار عنها هنا. ان الفلسفات الغيبية والايديولوجيات تقتات باستمرار على جهل ومرض المجتمعات وفقرها ، اما اذا عرف المجتمع طريقه واسس للبناء والتطور تراهم يهربون بحثا عن بيئة جديدة ملائمة تتقبل خزعبلاتهم وهم يحاولون جاهدين ان يتصدروا المراكز الاولى ولايمكن لحركة من الحركات ان تستدرجهم كي يكونوا شركاء عاديين ينضوون تحت تجربة ديمقراطية ، مؤمنون بالشورى والتنصيب والنص وهذا كله بعيد عن الديمقراطية ، ولذا مهما حاول البعض ان يمد جسورا للمودة مع هؤلاء على اساس كسبهم للعملية السياسية فانه يحاول ان يفشل التجربة. في حياتنا العادية نراهم متزمتين يعتبرون انفسهم خير ما اظلت الغبراء وانهم جديرون بالاحترام من سواهم حتى ان بعضهم حين يقبل على مجلس من المجالس يتصدره ويبدأ بسرد الحكايات بسلطة غريبة فهم يشتمون وينظرون لعصر مقبل وعصر مضى وهم يحددون من يدخل الجنة ومن يطرد منها وبعضهم يدعي معرفة بانهارها واشجارها وجغرافيتها ومن بعد ذلك فهم مستعدون للقتل حيث يستطيعون ان يؤولوا كتاب الله باتجاه غاياتهم. الارهاب ومغذوه في منطقتنا بالذات مسميات لاجندات متخلفة تحاول الاحتفاظ بعروشها لفترة اطول ولذا تدعم هذا الطرف اوذاك ربما ليجعلوا من الامر لعبة هم رابحوها فقط هؤلاء يجب فضحهم دولا اوجماعات او افراداً كي نستطيع ان نتخلص من الارهاب فالبعض يرى في الارهاب واستمراره بقاء له في منصبه اوعرشه.
هواء في شبك: أيديولوجيا الموت
نشر في: 14 نوفمبر, 2009: 07:04 م