الكتاب: رجال الآثار الخالدة تأليف: روبرت م. إيدسل ترجمة: عبد الخالق علي عند انكسار الألمان في الحرب، وقع اختيار قوات الحلفاء على مجموعة من الجنود أوكلت اليهم مهمة إنقاذ الأرث الحضاري لأوروبا.
كان الكثير من النازيين يتصورون بأنهم ذوو حضارة رفيعة، و لهذا فبعد ان قاموا بغزو البلدان الأخرى، بدأوا بسرقة الاعمال الفنية التي اعجبوا بها و نقلوها الى المانيا. ان " رجال الآثار الخالدة " لروبرت م. ايدسل، تحكي قصة مجموعة من جنود الحلفاء حاولت استرداد اللوحات و المنحوتات المسروقة. هؤلاء الرجال – معظمهم من الاميركيين – لم يكونوا من الجنود النموذجيين. الجندي الاول لنكولن كيرستن كان " منظم حفلات ثقافية و من المهتمين بالفنون "، كان رجلاً لامعاً لكن تنتابه أحياناً موجات من الكآبة و تقلّب المزاج " و هو من مؤسسي فرقة الباليه في مدينة نيويورك ; و هناك الملازم جيمس روريمر الذي كان " بارعاً في عالم المتاحف " و ذا عزيمة لا تلين. الآخر هو النقيب والتر هانكوك الذي كان " نحاتاً ذائع الصيت يحلم بمنزل و ورشة عمل في كيب كود ".و من الاعضاء البريطانيين في الطاقم الرائد رونالد بلفور الذي كان " أعزب كرّس نفسه للحياة الفكرية و يتباهى بمكتبته الشخصية الكبيرة ". هؤلاء الرجال، الذين خدموا في قسم الآثار و الفنون الجميلة و الأرشيف لقوات الحلفاء، لم يكونوا قد يبحثوا عن الاعمال الفنية المسروقة فقط، و انما كان عليهم ايضاً منع رفاقهم من تدمير " حضارة أوروبا " في أثناء القتال الذي بدأ بعد ساعة الصفر في حزيران 1944 في نورماندي. بذل الفريق جهوداً كبيرة لمنع جنود الحلفاء من تخريب الابنية المهمة، فقام روريمر بتصوير جدران أحد القصور الآثارية في ألمانيا عندما كانت إحدى الجرافات العائدة للجيش الاميركي على وشك ان تهدمها، و هدّد بأنه سيبلغ القائد اذا استمرت اعمال الهدم، فنجح في ذلك لكنه فشل في محاولات اخرى. غالبا ما كان الجنود يتجاهلون الإشارات التي تحذّر من التجاوز، الاّ ان رجال الآثار الخالدة سرعان ما ابتكروا خدعةً لمنعهم من ذلك و هي استبدال إشارة التحذير بإشارة " خطر: ألغام" فنجحت الخدعة. وصل القائد الألماني هيرمان غورنج لغرض الإغارة على متحف " الفن المعاصر " في باريس في نوفمبر/ تشرين الثاني 194.، الاّ ان التعليمات التي وضعها النازيون أنفسهم والخاصة بالسرقات الفنية (الاعمال غير المكتملة التي أخذت من ألمانيا منذ عام 15.. و الفنون ذات الطابع الالماني وكل شيء يعود لليهود) قد استوقفته فقام بتغييرها بكل بساطة، و أعلن بأن خياره الاول – بعد هتلر – هو الاستيلاء على كل الاعمال الفنية التي تمت مصادرتها و إرسالها الى معهد نازي تم تأسيسه للدلالة على تخلّف العنصر اليهودي. بعد الحرب شعر غورنج بالأضطراب عندما تمت مواجهته بهذه الجريمة إضافةً الى تهمة المشاركة في الاعمال الاجرامية في المحرقة، و قال في نورمبرج: " من بين كل التهم الموجهة ضدي فإن تهمة نهب الكنوز الفنية هي الوحيدة التي سببت لي ألماً كبيراً ". بعد انتهاء الحرب بدأ رجال الآثار الخالدة بمطاردة الاعمال الفنية المسروقة التي ذهب معظمها الى المناجم الالمانية ; اولاً في منجم (ماركرز) في ألمانيا حيث وجدوا " اعمالاً زخرفية إغريقية و رومانية و موزائيك بيزنطي و سجاد إسلامي.. و منحوتات خشبية أصلية لسلسلة الأسفار الشهيرة لألبرخت دورر 1498، و اعمالاً فنية لروبنز و غوبا ". لقد انكشف فكر النظام الذي قام بنهب كل هذه الاعمال الفنية عندما زار الجنرال آيزنهاور منجم (ماركرز) في 12 أبريل/ نيسان 1945 حيث رأى – بالاضافة الى الاعمال الفنية – حقيبة مليئة بحشوات ذهبية جرى قلعها من اسنان ضحايا المحرقة. كان هناك كنز أعظم ينتظر في منجم الملح في (آلتوسي) في جبال الألب بالقرب من (برشتسكادن) – و هو الملجأ الجبلي لهتلر –. كان القائد النازي (اوغست ايغروبر) يريد تفجير المنجم بما فيه ; الاّ ان بعض النازيين الآخرين – خوفاً على مستقبلهم – قاموا بمساعدة عمال المناجم في إنقاذ الغنائم الثمينة لكي تبقى ذخراً للأجيال القادمة. كان ذلك المنجم يضم (6577) لوحة و (137) منحوتة بضمنها لوحة (بروجز مادونا) لمايكل أنجلو، و لوحة (ورشة الفنان) لفيرمير، و لوحة (مريم العذراء) لفان ايك و لوحة للفنان غينت. إنها قصة رائعة، لكنها لسوء الحظ، رويت هنا على عجل، مفادها ان- متحف الفن المعاصر هو " مأوى للغدر و النهب و المكيدة " – و هي لا تخلو من بعض الاخطاء الواقعية و هذا مما يؤسف له لأن التاريخ رائع و يستحق أفضل من ذلك. عن الصندا ي تايمز
إنقاذ لوحات ثمينة
نشر في: 17 نوفمبر, 2009: 03:58 م