حازم مبيضينساهمت الفضائحيات العربية على مدى أسابيع, في توتير الأجواء بين مصر والجزائر, على خلفية مباراة بكرة القدم, مستثيرة التعصب الوطني في البلدين, حتى تحولت لعبة كرة قدم إلى مباراة بين شعبين, ارتضيا وضع عقليهما في أقدامهما, بعد أن نجحت عمليات غسيل الأدمغة الإعلامية في التحكم بالانفعالات,
وتحولت القضية إلى مباراة بين مواطني البلدين ساحتها شاشات الإنترنت، وانتهت إلى قذف الفريق الجزائري بالحجارة عند وصوله للقاهرة, لتتلقف تلك الفضائيات الأمر, وتشبعه تحليلاً وتمحيصاً, مستدرجة تصريحات رسمية من الجانبين، أهمها إدانة وزير الخارجية الجزائري للحادث، ومطالبة نظيره المصري توفير الحماية للاعبين الجزائريين، بجانب استدعاء سفيري البلدين إلى خارجية البلد الذي يعمل فيه. ولم ينته الأمر عند وفاة عدد من الجزائريين حزناً على نتيجة المباراة, رغم أن واحداً منهم قاتل إلى جانب المصريين في حرب حزيران عام 1967 , فقد انتقل الشحن إلى الخرطوم, حيث تعرضت حافلة المنتخب المصري للرشق بالحجارة من قبل مشجعي الفريق الجزائري, واستدعت البعثة المصرية الرياضية مراقب المباراة لمعاينة الحافلة, كما قدمت له ولممثل (الفيفا) شكوى حول الحادثة. واستدعى ذلك تعزيز السلطات السودانية لإجراءاتها الأمنية فنشرت 15 ألف شرطي وهي تتوقع قدوم آلاف المشجعين من مصر والجزائر لحضور المباراة. الحكومة الجزائرية لم تعتمد على القدرات السودانية فأرسلت 200 طبيب وعناصر من الدفاع المدني والشرطة إلى السودان, للتكفل بـعشرة آلاف مشجع جزائري, أقامت مخيماً خاصاً لاستقبالهم في الخرطوم، وأكدت استعدادها لاستعمال طائراتها العسكرية لنقل المشجعين، إذا لزم الأمر, ومن جهته أمر وزير الطيران المدني المصري بزيادة الجسر الجوي, لنقل المشجعين المصريين, وتوجه وفد دبلوماسي مصري إلى الخرطوم, لدعم السفارة المصرية هناك في جهودها لاستقبال المشجعين المصريين. بالتأكيد لم يقف الإعلام الإسرائيلي محايداً, وقد وصف المباراة بين مصر والجزائر بالحرب, مركزاً على الخلافات بينهما, وتمنى بعض المعلقين في المواقع اﻻلكترونية مباراة من هذا النوع بين ﻓﺗﺢ وحماس, ووصف بعضهم العرب بأنهم متخلفون, ومن تلك التعليقات ( أي عقلية حمقاء هذه؟ بدل أن تطعموا شعوبكم تقومون بإرسالهم إلى الملاعب؟ و ( هذا يوضح كم اﻷمة العربية موحدة ). وشددت بعض وسائل الإعلام على تصريحات لمعلقين جزائريين تتعلق بهزيمة إسرائيل للمصريين في حرب حزيران, وابتهج أحد المعلقين لان الجزائريين هم اﻷشرار اﻵن في الشارع المصري، فالمصريون ينظرون إلى أنفسهم على أنهم الطيبون في حين أن الجزائريين هم اﻷشرار بنظرهم, ونكتفي بما قالته القناة الثانية اﻹسرائيلية حيث عنونت المباراة في نشرتها الرئيسية أنها ( مباراة كرة القدم التي عصفت بالعالم العربي ). السودان المثقل بالعديد من الهموم, يحمل هم مباراة اليوم ( الأخوية بين الأشقاء المصريين والجزائريين!! ), ووصل الأمر إلى حد مطالبة هيئة علماء السودان للجمهور الرياضي السوداني, بعدم مناصرة طرف دون آخر, واﻷخذ بمبدأ الحياد انطﻼقاً من مبدأ المساواة في معاملة الضيف لأن اﻷمر ﻻ يعدو مباراة في كرة القدم, فيها الفائز والمهزوم, ولعل هذه فقط الأقوال التي تستحق الاحترام, ولكن هل كنا سنسمعها لو كان السودان طرفاً ولاعباً في المباراة؟.
خارج الحدود: عقول في الأقدام
نشر في: 17 نوفمبر, 2009: 06:07 م