جاسم العايف تم تسجيل وتوثيق كثير من الخروقات والاعتداءات التي جرت لعدد من الصحفيين والإعلاميين في العراق منذ 9 نيسان 2003، إذ قتل منهم أكثر من 234 على أيدي مسلحين ومليشيات و 42 خلال تواجدهم في أماكن وقعت فيها انفجارات إرهابية و 22 بنيران القوات الأمريكية و 2 بنيران القوات العراقية
وصحفي واحد بنيران القوات الإسبانية واعتقل 50 صحفياً، واختطف 45 صحفياً أجنبياً وعراقياً وتم الإفراج عن بعض الصحفيين المختطفين الأجانب بفدية مالية، بـشروط المبادلة بالـ" الدولار" دفعتها مؤسساتهم أو دولهم عبر وساطات محلية..!!. وخضع الصحفيون العراقيون الذين تعرضوا للاختطاف للتعذيب بقسوة ووحشية وأصيب بعضهم بعاهات دائمة قبل الإفراج عنهم ولا يزال بعضهم مجهول المصير وقد فقدت عوائلهم ومؤسساتهم الصحفية - الإعلامية أي اثرٍ لهم، وتبخروا كأنهم لم يكونوا أحياء أو وجدوا أساساً. كل ذلك جرى للصحفيين في العراق وهم يحاولون نقل الواقع والأحداث في بلد أصبح تحت المجهر الإعلامي العالمي، بفعل عملية عسكرية أعقب نجاحها، السريع المدهش للعالم وللإدارة الأمريكية ذاتها، خطوات وإجراءات تبعث على الألم والدهشة والحيرة! في أهمها ما جرى عقب 9/نيسان/ 2003 إذ تحول العراق نهباً لكل من هب ودب وتركت بنيته التحتية بكاملها عرضة للتخريب والسرقة والتهريب للدول المجاورة، ولم يسلم جراء ذلك كل شيء، وتعاملت بعض النخب السياسية،التي قادتها رياح التغيير العاصف إلى هرم السلطة وسلطة القرار، مع العراق غنيمة معروضة ومباحة في أسواق الجزارة والنخاسة السياسيتين، فأنشبوا سكاكينهم فيه، كل يقتطع ما يرغب ويشتهي و يشاء، ليسدد ما عليه من فاتورات، أو يعوض سنوات الحرمانات. لعبت الصحافة في العراق علنية و سرية دوراً مهما في المسيرة الوطنية وفي تنمية الوعي الاجتماعي المدني لدى فئات واسعة من العراقيين، وحاول الحكام المتعاقبون لجم الصحفيين، وتعرض بعضهم للسجن والنفي والتعذيب واختفى دون معرفة مصيره، ومنهم مَنْ ارتقى المشانق لقاء قناعاته من اجل تبديد المظالم التي أحاطت بكل العراقيين دون تمييز، وبعد السقوط المهين والمدوي للنظام البعثي، انفتح الفضاء أمام العراقي بما يبدد عزلته وخنقه طوال أكثر من 35 عاماً. الآن تتكرر المأساة بطرق ووحشية اشد تجاه بعض الصحفيين والإعلاميين لشراء ذممهم وعزلهم عن شعبهم، وهو يخوض معركة الانبثاق الجديد، وعند عدم استجابتهم فلا شيء سوى الابتزاز والاختطاف والقتل بدم بارد. كلهم يفتكون بالعراقيين، مَـنْ قصر (دشداشته) وفجرَ حزامه الناسف بينهم، ليفوز بـ"حور عين"، أو مَنْ زيف وعيهم، وحرضهم الواحد على الآخر بخطبه على المنابر، أو مَنْ منحَ نفسه وحاشيته أعلى الامتيازات مستغلا مكانه التشريعي أو القانوني أو الإداري الذي تدرع خلفه عبرَ نهج المحاصصات، أو مَنْ خان أماناتهم وسرق أموالهم و وأد أحلامهم بعد التغيير. يواجه الصحفي الحر سواتر ومعوقات وحدود وخفايا لا يرغب اغلب المسؤولين الحاليين أن تظهر للعلن، فهم يعتقدون بأن مهمتهم (لملمة) و (طمطمة) شؤون مؤسساتهم التي ورثوها عن نظام فاسد، فأحاطوا أنفسهم بمكاتب (إعلامية ذات فرمانات سلطانية) تجمل صورتهم، هم المفروضون من هذه الخانة الطائفية أو تلك الجهة الحزبية، و باتت أدنى الوظائف في الدولة العراقية الحديثة، تخضع لكل شيء عدا الكفاءة وحق المواطنة، فيعتقد هذا القادم بلا وجه حق للمنصب ان مهمته تنحصر في لجم الإعلام المعني بنقل الحياة اليومية الشاقة جداً للعراقي، وان ما يظهر للعلن يجب ان يأتي وقناعته وحزبه وطائفته التي فوض نفسه تمثيلها. فغدت الاتهامات بـ (الخرق الصحفي) نصيب مَـنْ يتساءل عن جدوى تلك الإجراءات أو يسلط الضوء على الفضائح و فساد الذمم والضمائر والامتيازات الخاصة لذوي الشأن الحالي وعوائلهم، وتردي الوضع الأمني والاختراقات التي تصاحبه و سوء الخدمات، والبطالة، ولوعة العراقي وهو يحدق بأسى وحرقة بالمشهد الحالي،، ولم يتوقع أبداً حصاده المُرّ الراهن، والذي سببه غمس إبهامه مزوهاً بالحبر البنفسجي. بعض المشرعين و المسؤولين، يُوجهون العداء والبغضاء والكره ويمارسون التحريض، ضدَ المثقفين والكتاب والفنانين والصحفيين العراقيين وكل مَنْ يروم تجديد الحياة العراقية، مواجهين مَـنْ لا ينسجم ومنافعهم وتوجهاتهم بشكوك دائمة فيصبح محاطاً بسوء النوايا والتباس المقاصد، جراء عمله الصحفي الحر المستقل، وبحثه الدائب عن الحقيقة التي غالبا ما تختفي خلف مطامع تخضع لسرية مَنْ وصل لمنصبه التشريعي والإداري لأسباب لم تعد خافية. ويغدو الصحفي الذي ينبه عن خطأ هنا أو هناك "خصماً ينبغي تهديده و التخلص منه أو إحالته للقضاء بتهمة التشهير" لصالح أولئك الذين اغرقوا العراقيين وسيغرقونهم ثانية ببرامجهم الانتخابية التي ما عادوا يذكرونها الآن وكانت وسيلتهم، وأشياء مقيتة أخر، إلى غرفهم الوثيرة وامتيازاتهم الكثيرة وشراهتهم التي لا حدود لها، وهم لا يصغون إلا لأحاديث نخبهم وحاشياتهم والمنتفعين منهم حالياً، صاميين آذانهم و مشيحين وجوههم عن واقع الناس المزري، موزعين على هذا أو ذاك من الأدعياء والمنتفعين الذين تسلقوا المشاهد الراهنة بخفة القرود وشراسة ول
مَـنْ قتل الصحفيين.. ومَـنْ يخشاهم؟!
نشر في: 18 نوفمبر, 2009: 03:08 م