عباس الغالبيتعج دوائر الدولة بظاهرة البطالة المقنعة التي قدرتها الاحصائيات الرسمية بما نسبته 40% وهي نسبة مرتفعة بالقياسات العالمية، في وقت تقف طوابير من الخريجين وحملة الشهادات العاليا على ابواب الوزرات كافة بانتظار فرصتها من التعيين الحكومي.
وأزاء هاتين الجدليتين يرى الكثير من الخبراء ان تنشيط الحركة الاستثمارية كفيل بامتصاص الكثير من العاطلين وحتى المتقاعدين ممن تتجه الانظار اليهم لخلق فرص تعيين جديدة او التخفيف من الترهل الوظيفي الذي تعاني منه دوائر الدولة ومؤسساتها الحكومية كافة، وهو مايطلق عليه اقتصاديا بالبطالة المقنعة. ولم تكن البطالة المقنعة وليدة الساعة او جاءت تحت ضغط المرحلة، وانما أنخلقت جراء سياسات اقتصادية قديمة مركزية تعطي الاولوية للقطاع الحكومي من دون ان تجعل القطاع الخاص رائدا في سوق العمل وله قصب السبق في ادارة النشاطات الاقتصادية المختلفة، بحيث لو كانت هنالك آفاق استثمارية تشتغل في اطار منظومة القطاع الخاص لما انحسرت فرص العمل وظلت اسيرة النشاط الحكومي، ولما برزت ظواهر البطالة بأنواعها المختلفة بسبب عدم وجود فرص عمل يمكن لها ان تتسع وتحتوي العاطلين عن العمل ومعهم المتخرجين الجدد الباحثين عن فرص للعمل. وخلال السنوات الاخيرة التي اعقبت عام 2003 تعرضت البنى التحتية للوزارات كافة ولاسيما الخاصة بالقطاعات الانتاجية الى انهيار شبه تام وتعطلت الحركة في الكثير منها ماجعل امكانية احتواء افواج العاطلين تكتنفها صعوبات جمة لعدم وجود فرص عمل حقيقية ماجعل الدولة تحت ضغط ارتفاع نسب البطالة والضغوط السياسية والشعبية الاخرى تلجأ الى التعيين خارج الحاجة الفعلية ماجعل نسب البطالة المقنعة في ارتفاع مستمر وهي عملية اضاعة للجهد والامكانيات فضلا عن الارتفاع غير المسبوق في النفقات التشغيلية في الموازنة العاامة للدولة ومايتبع ذلك من عجز كبير في الموازنة يجعل هذه الموازنة تتحرك في مديات غير مجدية اقتصاديا في ظل الاعتماد المفرط على العائدات النفطية وعدم انفتاح الاقتصاد الوطني على قطاعاته الانتاجية كمصادر تمويل اخرى، مايجعل استشراء بعض الظواهر ممكنا في ظل هذه الظر وف التي تسور الاقتصاد وقطاعاته المختلفة.
من الواقع الاقتصادي: البطالة المقنعة
نشر في: 18 نوفمبر, 2009: 05:49 م