الدكتور فوزي رشيد (حمورابي) (1792 ـ 1750 ق.م) هو سادس ملوك سلالة بابل الأولى، وقد استطاع القضاء على منافسيه، وتوحيد البلاد. بعد أن كانت مجزأة إلى دويلات مدن وفي السنة الثلاثين من حكمه، أصدر لنا شريعة ويعتبر المؤرخون أن أعظم عمل قام به (حمورابي) هو تشريعه للقوانين وتثبيتها على الحجر ورقم الطين وتوزيعها على المدن البابلية، لكي يطلع الناس عليها،
 ويسير على موادها الحكام والقضاة لتطبيق العدل بين الناس. ان شريعة (حمورابي)، كما يبدو من موادها، هي عبارة عن جمع منقح لمواد الشرائع التي سبقتها، شريعة (أورنمو)، مؤسس سلالة أور الثالثة (2111ـ 2003 ق. م)، وقانون (لبت عشتار) الذي هو خامس ملوك سلالة (أيس)(2017 ـ 1794 ق. م)، وقانون (إيشنونا). وقد حذف (حمورابي) من مواد الشرائع السابقة ما كان لا يتفق وطبيعة العصر الذي يعيش فيه، وأضاف إلى شريعته مواد اقتضتها مصلحة الدولة آنذاك ولاسيما المواد القانونية الصارمة الخاصة بعقوبة الموت، ومبدأ القصاص بالمثل، إذ أن المواد القانونية السومرية، كانت تتجنب مبدأ القصاص بالمثل، وترجح التعويض والغرامات المادية. سجل (حمورابي) هذه القوانين على مسلة كبيرة من حجر الدايوريت الاسود، طولها 225 سم وقطرها 60 سم، وهي اسطوانية الشكل، ولكنها ليست دائرية تماما. وقد وجدت المسلة في مدينة (سوسة) عاصمة (عيلام) أثناء حفريات البعثة التنقيبية الفرنسية (1901 ـ 1902 م) وكان قد نقلها الى مدينة (سوسة) الملك العيلامي (شتروك ناخونتي) الذي غزا بابل عام 1171 ق. م وقد محا الملك المذكور عددا من الأسطر ليسجل مكانها على ما يبدو اسمه، ولكن اللعنات التي تحتويها خاتمة الشريعة بخصوص من يغير في نصوصها، قد منعت الملك(شتروك ناخونتي) على ما يرجح، من تدوين أسمه. تحتوي المسلة على 282 مادة، ومن المرجح أنها كانت 300 مادة، لأن التخريب الحاصل في احد أجزائها لم يمكننا من معرفة عدد المواد المخربة بصورة مضبوطة. وتضم مواد الشريعة ثلاثة عشر قسما، وما يهمنا من هذه الأقسام هو الثامن، الذي يحتوي على المادتين (127 ـ 194)، وهما تتعلقان بالشؤون العائلية، كالزواج والطلاق والإرث والتبني والتربية، وكل ماله علاقة بالروابط العائلية وإنجاب الأطفال. ومن هذا القسم، أخذنا ما يتعلق بحقوق الطفل، وهذه المواد هي: المادة (162) إذا أخذ رجل زوجة وولدت له أطفالا، ثم ذهبت هذه المرأة إلى أجلها (توفيت)، فلا يحق لوالدها الادعاء بالهدية (التي كانت قد جلبتها من بيت والدها)، لأن هديتها تعود الى أولادها. المادة (170) إذا كانت الزوجة (الأصلية) للرجل قد ولدت له أطفالا، وأمته ولدت له أطفالا أيضا فإذا قال الوالد في حياته الى الأطفال الذين أنجبتهم الأمة (يا أولادي)، وعدهم مع اولاد الزوجة (الأصلية) فبعد ذهاب الوالد الى أجله، سيتقاسم أولاد الزوجة (الأصلية)، واولاد الأمة، أموال بيت الوالد بالتساوي، والوريث (هو) ابن الزوجة (الأصلية)، يختار حصته ويأخذها. المادة (175) إذا تزوج عبد القصر أو عبد المولى ابنة رجل حر، وأنجبت (الزوجة) أطفالاً فلا يحق لصاحب العبد ان يدعي بعبودية أبناء ابنة الرجل (الحر). المادة (177) إذا قررت أرملة لا يزال أبناؤها صغارا، الدخول الى بيت (رجل) ثان، فلا (يحق) لها الدخول دون علم القضاة. وعندما تدخل بيت (الرجل) الثاني، فعلى القضاة أن يدرسوا وضعية بيت زوجها السابق، ويعهدوا (بمسؤولية) بيت زوجها السابق إلى تلك المرأة وزوجها الأخير (أي الثاني)، ويطلبوا منهما أن يتركا رقيما (يتعهد ان فيه) بالمحافظة على البيت وتربية الأطفال الصغار. ولا يحق لها بيع حاجات البيت مقابل نقود والمشتري الذي يشتري حاجات أبناء الأرملة، يخسر نقوده، وتعاد الحاجات لأصحابها. المادة (186) إذا تبنى رجل طفلا، وعندما أخذه (الى بيته) واصل (الطفل المتبنى) البحث عن أمه وأبيه (أي استمر في طلب والديه)، فذلك المتبنى (يجب أن) يرجع الى بيت أبيه. المادة (188) إذا أخذ حرفي ولدا ليربيه (أي ليتبناه)، وعلمه عمل يده (أي حرفته) فلا يطالب به. المادة(189) فإذا لم يعلمه (الحر في) عمل يده (حرفته)، (يحق) لذلك الولد المتبنى الرجوع الى بيت أبيه. المادة(190) إذا لم يعد رجل الطفل الذي تبناه ورباه مع أولاده (أي لم يعتبره كواحد منهم)، (يحق) لذلك المتبنى الرجوع الى بيت ابيه. المادة(191) إذا تبنى رجل طفلا ورباه، وبنى له بيتا،وحصل (المتبنى بعد زواجه) على أولاد (ومن ثم قرر الرجل) التخلي عن (ابنه) المتبنى، فلا يذهب ذلك الابن (خاليا)،فعلى الوالد الذي رباه ان يعطيه ثلث ميراثه من أمواله ويذهب، ولا يعطيه أية (حصة) من الحقل او البستان او البيت). المادة(209) إذا ضرب رجل بنت رجل آخر، وسبب لها إسقاط ما في جوفها (جنينها) فعليه ان يدفع عشرة شيقلات من الفضة لإسقاط ما في جوفها. المادة(211) إذا أسقطت بنت مولى، بسبب ضربة، ما في جوفها، فعليه (أي الذي ضربها) أن يدفع خمسة شيقلات من الفضة. (1) الشرائع العراقية القديمة، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1987 م.